مواجهةٌ فكريةٌ من أجل إيقاف نزيف الدماء وقطع حبائل التغرير.
احمد الدراجي
المرجعية
الدينية بوصفها منصب وقيادة إسلامية لا تعني من منظور القرآن ولا من وجهة نظر
القائد الرسالي عملية تسامي وتعالي وترفع على الأمة ، والهمينة عليها ، والتحكم
بمقدرتها ، واستغلالها لتحقيق مكاسب وأهداف شخصية ...، وإنما هي مسؤولية خطيرة
ومهمة عظيمة الهدف منها هداية الناس لما فيه خيرهم وصلاحهم ، وتوفير حياة كريمة
ينعم بها الجميع دون تمييز، وكلما كانت المرجعية أكثر فهماً لتعاليم السماء ،
وأكثر استيعاباً لها ، كانت أقدر على تحصين الناس وإرشادهم،
لأن ذلك
سينعكس إيجاباً على رؤيتها وقراراتها وخطاباتها ومواقفها، وبالتالي ستكون قادرة
على انتشال الإنسانية من مهاوي السقوط والانحراف والضياع والظلم، وانطلاقاً من هذه
الرؤية أيضاً لا يمكن للقائد الرسالي أن يلتزم الصمت ،أو يقف موقف اللامبالاة
ويترك الأمة للأحداث والظروف، تتلاعب بها وتحركها كيفما تشاء، تتقاذفها رياح المكر
والخداع والضلال، بل عليه أن يتخذ الخطوات والتدابير اللازمة من أجل انتزاع الأمة
من قبضة تلك الظروف، وتحصينها من الرياح العاتية، ويقفز بها فوق الأحداث
والمتغيرات...،
ولعل من أخطر
القضايا التي ينبغي على القيادة الرسالية التصدي لها هي الأفكار الضالة المنحرفة
التي تسعى لحرف الناس عن خط الهداية والصلاح والإنسانية والسلام والوئام، وتزجهم
في دوامة من الفوضى والهلاك والضياع والجهل والظلام، وتزداد وتتضاعف مسؤولية
القائد الرسالي حينما يتحول الفكر الشاذ إلى عقيدة وسلوك تحت غطاء الدين تُستباح
فيه الدماء، وتُنتهك المقدسات، وتُسلب الأموال، وتُسحق الكرامات، وتخُنق الحريات،
وتُذبح ثقافة السلم والتعايش السلمي، فتتحول الحياة حينئذ إلى غابة يأكل فيها
القوي الضعيف...،
ومن أخطر تلك
الأفكار هي التي أسس ونظَّر لها وروجها وسوقها الفكر التيمي التكفيري، الذي غرَّر
بالكثير وتمخض عن تنظيمات إرهابية تتفنن في ممارسة الجريمة والإرهاب، كما هو الحال
في الدواعش الخوارج فراح يحتل البلدان، ويقتل الإنسان، ويطمس الحضارات، ويقمع كل
من لا يؤمن بأيديولوجيته التي لا ترتبط بوحي السماء...،
ومن هنا كان
ولابد أن تشمر القيادة الرسالية المتمثلة بالمرجع الصرخي عن سواعدها العلمية
للتصدي لذلك الفكر التيمي، والمارد الجهول الذي أهلك الحرث والنسل وحجَّر العقول،
ولوث الأفكار، من أجل إيقاف نزيف الدماء أو التقليل منه، وإنقاذ الناس من حبائل
التغرير، وهذا ما أكد عليه المرجع الصرخي في المحاضرة الحادية عشرة من بحث (وقفات
مع ....توحيد التيمية الجسمي الأسطوري)، حيث يقول:
((نقول ونكرر:
نحن نتعامل الآن مع ابن تيمية كشخص وكعنوان؛ لأنّ الكتب سجّلت باِسمه لكنّنا نعتقد
ونرجّح أنّ جُلّ ما نُسب إليه هو لم يصدر منه أصلًاً فلذلك نقول: غفر الله له إنْ
كان كلّ هذا الكلام قد دسّه ونسبه إليه المدلّسة من أتباعه، ماذا نفعل نحن، نحن
نريد أن ندفع الشبهات، نريد أن نبرئ الذمّة أمام الله سبحانه وتعالى بأننا سعينا
من أجل إيقاف نزيف الدماء، التقليل من نزيف الدماء، التقليل من التغرير بأبنائنا
وأعزائنا من السنة ومن الشيعة، من أهل العراق ومن غير أهل العراق، من المسلمين هنا
أو من المسلمين هناك، لا فرق عندنا، نريد أن نرضي الله سبحانه وتعالى)).
مواضيع ومقالات مشابهة