مفاهيم خاطئة حول الديانة الهندوسية
مفاهيم خاطئة حول الديانة الهندوسية
مع حوالي بليون مؤمن به حو العالم، فالدين الهندوسي هو ثالث أكبر دين من ناحية الانتشار في العالم، وأقدم دين مستمر حتى الآن. لكن هاتين الصفتين لا تغيران واقع أن معظم الناس يجهلون الكثير عن الهندوسية ويربطون العديد من المعتقدات الخاطئة بها مغييرين بذلك الكثير من واقعها.
الدين يسمى بالهندوسية:
في الواقع كلمات ”الهندوس“ و”الهندوسية“ لا ترتبط أبداً بالدين بل تأتي من التسمية الفارسية للشعوب التي سكنت حوض نهر إندوس في شبه القارة الهندية.
الكلمة المستخدمة لوصف الدين بشكل شائع هي ”ساناتانا دارما“ وتترجم إلى ”الواجب الأبدي للإله“، حيث تشتق تسمية أتباع الدين من كلمة ”دارما“ دون وجود أي تسمية دينية تتضمن كلمة هندوس المنتشرة في الحضارات الغربية عموماً، ومنها انتقلت للعربية أيضاً وأصبحت شائعة حديثاً حتى بين معتنقي الدين.
الهندوس جميعهم نباتيون:
نعم صحيح ان هنالك الكثير من الهندوس نباتيين، ولكن ليس هذا هو جوهر الديانة الهندوسية وليس جزءاً من طقوسها، بعض الهندوس يعتبرون جميع الحيوانات كائنات حية تستحق الحياة ولا يجب قتلها.
هناك الكثير من الهندوس يأكلون اللحوم، وحوالي 30 إلى 35 بالمئة فقط منهم نباتييون وهم يتبعون مبدأ الـ”اهمسا Ahimsa“ وهو مبدأ اللاعنف ضد جميع الكائنات الحية.
إن تلك الاقلية من الهندوس النباتيين يشكلون الغالبية العظمى من مجموع النباتيين في العالم بحوالي 300 مليون شخص. معظم زعمائهم الروحيين مثل (Swamis, Sadhus and Gurus) هم من النباتيين، مبدأ اهمسا هو مبدأ يرفض ذبح وتناول منتوجات الحيوانات بشكل عام. في النهاية، لا يتبع كل الهندوسذلك المبدأ تماما.
الهندوس يعبدون الأصنام:
كثير من الناس يعتبرون طقوس الهندوس هي عبادة للأصنام، ولان معظم العالم يتبع الاسلام والمسيحية—الديانتان اللتان ترفضان عبادة الاصنام—فهم يصنفون ما يفعله الهندوس بشيء من طقوس عبادة الاصنام.
على أية حال، الهندوس لا يعتبرون من عباد الأصنام، إنما يرون الله في كل شيء، كل شيء حي هو تجسيد لجزء من روح الله،
والهندوس لا يعتبرون ذلك نوعا من عبادة الأصنام إنما يعتبرونها عبادة مباشرة لله الذي يرونه في كل شيء.
ولكن هذا يتعارض مع تعاليم المسلمين والمسيحين لذلك يرون من الصعب التفرقة بين ما يفعله الهندوس وبين عبادة الأصنام.
الهندوسية دين منظم:
بينما أكبر دينين في العالم يملكان مجمعات دينية مع قادة دينيين لمعظم فترات وجودهم بالإضافة لانتشارهم تحت ظل امبراطوريات كبرى (الإمبراطوريتان الرومانية والبيزنطية بالنسبة للمسيحية والإمبراطوريات الإسلامية المتعددة بالنسبة للإسلام) لكن على عكسهما فالهندوسية لا تمتلك تنظيم قيادة دينية ولم تنمو وتزدهر في عصر أي امبراطوريات حيث يأتي انتشارها الواسع من كونها أتت من توحيد معتقدات متعددة (مع بقائها متنوعة بشكل كبير) لا من التمدد على شكل معتقد جديد.
الهنود يعبدون التماثيل والأصنام:
ينتشر بين الكثيرين حول العالم (خصوصاً معتنقو الديانتين المسيحية والإسلامية) الاعتقاد بكون الهندوس وثنيين يعبدون صوراً وأصناماً متعددة. لكن الخطأ ناتج عن متابعة المظهر فقط دون البحث في العقيدة الهندوسية، فبالنسبة للهندوس يتمثل الإله في كل شيء في الكون حيث أن الكون بأكمله هو تجلٍ للإله، وكون الإله موجود في كل شيء فمن الممكن تقديم العبادة والتقديس له باستخدام أي شيء متاح بما يتضمن التماثيل والصور بطبيعة الحال.
الهندوس الملتزمون يعبدون البقر:
الهندوس لا يعبدون البقر وهذا اعتقاد خاطئ، يرجع ذلك للطريقة التي يتعامل معها الهندوس مع البقر.
البقر بالنسبة لهم هو كائن يعطي أكثر مما يأخذ وهو يرمز لكل الحيوانات الأخرى، ويعتبر مصدرا لزرقهم في هذه الحياة. البقر يأكل العشب والماء فقط ويعطي الحليب والقشطة والجبن والزبد والأسمدة للحقول فبالتالي يعطي أكثر مما يأخذ.
احترام هذا الكائن اللطيف وتبجيله من قبل الهندوس والمجتمع الهندي، اعطى انطباعا للغرباء على أنه نوع من أنواع العبادة، ولكن الهندوس يبررون ذلك على أنه نوع من تكريم واحترام الحيوان.
النساء اللواتي يحملن نقطاً حمراء على جبهاتهن متزوجات بالضرورة:
النقطة الحمراء الموجودة على الجبين أو كما يسمونها ”Bindi“ يضعها الملايين من النساء حول العالم وأكثرهم في الهند، ولها دور روحي في الثقافة الهندوسية، رغم أنه تم التقليل من وضع تلك النقطة في عصرنا الحديث.
النقطة الحمراء عند الهندوسية المتزوجة تدل على الازدهار والمحبة، والنقطة السوداء تضعها المراة الهندوسية التي فقدت زوجها، هناك بعض الرجال يضعون شكل من أشكال الخطوط على جبينهم وأحيانا يرافقها نقطة في الوسط وذلك يدل على الطائفة التي يتبعها. إنه تقليد ثقافي لم يعد إلا قلة قليلة من الهندوس يمارسونها.
الديانة الهندوسية قديمة تقريبا بقدم الديانة اليهودية:
إن العديد من التقاليد الثقافية والدينية قد تم ممارستها في شبه القارة الهندية على امتداد آلاف السنين لتتشكل أخيرا الهندوسية الحديثة في عام 1800 ميلادي.
من الخطأ القول أن الديانة الهندوسية ظهرت قريبا من وقت ظهور الديانة اليهودية، فاليهودية ظهرت حوالي 1500 قبل الميلاد، أما أول أشكال الديانة الهندوسية يعود لـ4000 سنة قبل الميلاد (قبل اليهودية بحوالي 2500 عام على الأقل)، هذا التاريخ الطويل للهندوسية يجعلها أقدم معتقد ديني مستمر بالوجود والممارسة حتى اليوم.
كتاب الـBhagavad Gita هو كتاب الهندوس المقدس:
يعد كتاب ”باجفاد جيتا“ أشهر كتب الهندوسية في الثقافات خارج الهند، لكنه أبعد ما يكون عن مكان القرآن للمسلمين أو العهد القديم لليهود والعهد الجديد للمسيحيين. فالنصوص المقدسة الهندوسية تنقسم إلى قسمين واحد منها يصنف كمجموعة النصوص الموحى بها من الإله والآخر يصنف كنصص أقل قدسية لم تأتي من مصدر إلهي بل من أفكار أشخاص عظماء.
كتاب ”باجفاد جيتا“ يأتي ضمن التصنيف الثاني لا الأول وهو بذلك ليس من مصدر إلهي على الرغم من مكانته العالية كمرجع أخلاقي للعديد من الهندوس.
ذلك الكتاب يُعلم العديد من المعتقدات الهندوسية عبر حوار يتم اجرائه بين الامير Pandava Prince Arjuna والإله كريشنا Krishna.
يقول المهاتما غاندي أن الكتاب كان يُعتبر قاموسه الروحي، واستخدم تعاليمه لمساعدته أثناء قيام حركة استقلال الهند.
هناك اكثر من 330 مليون إله للهندوس:
بالنسبة للكثير من الاديان ”الاسلام المسيحية واليهودية“ فان التوحيد هو الاعتقاد بأن هنالك إله واحدا، والشرك هو الاعتقاد بأن هنالك عدة آلهة. ويعتقد هنا أن الهندوسية هي نوع من أنواع الشرك وذلك حسب الشائعات أنهم يؤمنون بـ330 مليون إله. ولكن هذا ليس وصفا دقيقا للديانة الهندوسية، مفهوم الهندوسية للإلهية معقد ويختلف من شخص إلى آخر.
يقدس الهندوس شخصيات دنيوية مثلشيفا وفيشنو والعديدين الآخرين كرمزية يعتبرونها صلة الوصل بينهم وبين الإله الاعلى الذي لا يفهمون ولا يعرفون ماهيته تماماً. بالنسبة للهندوس فكل واحد من هؤلاء ”الآلهة المتعددة” هو تجسيد جزئي للإله الأوحد، حيث يرون الإله ككيان أبعد من أن يفهم تماماً وهذه الأسماء المتعددة لما يبدو أنه آلهة متعددة لا يعدو عن كونه تجليات للإله ذاته.
يمكن للهندوسي أن يختار أياً منها يرمز بها للإله تبعاً لرأيه، حيث أنتجت الحضارات الهندوسية ملايين الإصدارات من هذه التجليات عبر الألفيات المتعددة منذ نشأة الهندوسية.
المصادر
مواضيع ومقالات مشابهة