حبل الإصلاح قصير في ظل وجود الفاسدين
بعد مرور أكثر من سنة أصدرت المحكمة الاتحادية قرارها بعدم دستورية قرار رئيس الوزراء القاضي إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ، وقال المتحدث الرسمي للسلطة القضائية القاضي عبد الستار بيرقدار أن ( المحكمة الاتحادية العليا عقدت جلستها اليوم بكامل أعضائها ونظرت دعوى الطعن بقرار رئيس مجلس الوزراء إضافة لوظيفته الخاصة بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ) ، مضيفاً أن ( المحكمة الاتحادية العليا وجدت أن وجود نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية أمر ألزمته المادة 69/ ثانياً من الدستور ) ، وأشار إلى أنه ( بناءً عليه صدر القانون رقم (1) لسنة 2011 قانون نواب رئيس الجمهورية لتنظيم اختيار نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية وكذلك صلاحياتهم وكيفية إنهاء مهامهم ) ، وبين بيرقدار ( وحيث إن القرار المطعون بعدم دستوريته بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية قد صدر خلافاً لما رسمته المادة (142) من الدستور فيكون مخالفاً لأحكامه مما يقتضي الحكم بعدم دستوريته ) ، واستطرد بيرقدار قائلاً ( بناءً عليه واستناداً إلى أحكام المادة 93 / أولاً من الدستور قررت المحكمة الاتحادية العليا الحكم بعدم دستورية الفقرة 2/ أولاً من قرار المدعي عليه الأول إضافة إلى وظيفته الصادر بالعدد 307 وتاريخ 9 / 8 /2015 والمتضمن إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية، وصدر الحكم بالاتفاق وباتاً وافهم علناً في صباح اليوم 10/10/ 2016) .
وقد بدت ردود الفعل متهمة المحكمة الاتحادية بأنها ضد الإصلاح ، وليس دفاعاً عن هذه المحكمة لكونها جزء من منظومة الفساد التي تحكم العراق ، ولكن من أجل النقاش الموضوعي البعيد عن العواطف وخداع الناس المساكين والذين يصرون على البقاء في خانة المساكين رغم وضوح الأمور نقول هل أن رئيس الوزراء وبكل مستشاريه من كل الاختصاصات ومنها القانونية لم يكن يعرف أن الأمر ليس من صلاحياته وأنه مخالف للدستور ؟ أم أن الرجل يعرف ذلك ولكنه جزء من عملية خداع هذا الشعب وتبادل الأدوار بين هذه الجهات السياسية التي تحكم ؟ فإذا كان لا يعرف هذا الأمر البسيط فإن الأولى به أن يغادر إدارة الحكومة إلى غير رجعة هو وكل مستشاريه ، أما إذا كان يعرف فهذا يعني أن الخطة مرسومة بإحكام ومن رسمها هم أهل الاختصاص بأن يتم إصدار القرار بصيغة مخالفة للدستور ومن ثم يتم نقضه من المحكمة الاتحادية لمخالفته الدستور مع الأخذ بنظر الاعتبار أن قرار النقض يجب صدوره بعد مضي فترة طويلة نسبياً عند انتهاء فورة الإصلاحات وعودة الناس إلى السبات ويبدو أنه من ضمن الخطة المرسومة أن يتم إصدار قرار المحكمة في وقت يكون فيه غالبية أبناء الشعب منشغلين لكي لا تحدث ردود أفعال وطبعاً ليس هناك وقت أفضل من شهر محرم الحرام حيث التوجه لأحياء الشعائر حيث يسود الفهم الخاطئ لإحياء الشعائر مع مهادنة الفساد والفاسدين .
وعلينا أن نأخذ العبر والدروس من هذه الأحداث ونعرف أن هؤلاء المتسلطين هم من أسسوا الفساد فكيف يقومون باجتثاثه ؟ وكيف ننتظر منهم أن يكونوا مصلحين وملائكة وقديسين ، وعلينا في نفس الوقت أن نعيد حساباتنا وننظر ونلتف حول من شخص هؤلاء تشخيصاً دقيقاً منذ توليهم الحكم ومن شخص عمليات الإصلاح وما سوف تؤول إليه في ظل تواجد هؤلاء ، ويحضرني كلام المرجع العراقي السيد الصرخي مشخصاً أحد الأخطاء التي حدثت في عملية الإصلاح بقوله ( من يطلب الإصلاح من الفاسدين كمن يطلب الشفاعة من الشيطان : هذا هو المتوقع من مثل ما طُرح من إصلاح وأشيع من إصلاح ، من يطلب الإصلاح من فاسد ويقر بأنه فاسد كمن يطلب الشفاعة من إبليس حتى يدخل الجنة ، من يريد أن يتشفع يطلب الشافعة من إبليس من أجل أن يشفع له إبليس حتى يدخل الجنة هذا حال من يريد الإصلاح من خلال الفساد والفاسدين ، هذا بغض النظر عن خلفية وأساس وأصل وحقيقة الإصلاح ومن يدعو للإصلاح ) .
وعلينا أن نعي جيداً لو أننا نعرف حقيقة الثورة الحسينية وأنها ثورة ضد الظلم والظالمين والفاسدين لما بقي أحد من هؤلاء السراق جاثماً على صدور العراقيين لحد الآن ، ولما احتاجت الناس لقرار من رئيس الوزراء أو المحكمة الاتحادية لغرض الإصلاح .
مواضيع ومقالات مشابهة