يأجوج ومأجوج :بقلم الدكتور مهند جاسم الحسني
الدكتور مهند جاسم الحسيني
سلسلة غياب الدولة المدنية وإستحكام سطوة المليشيات.
الحلقةُ_السابعةُ :
أجوجُ ومأجوج واقترابُ إنهيارِ السَدِ :
ليسَ مِن العقلِ ولا مِن الحكمةِ أن يستفادَ المقابلُ أيمَا إسفادةٍ مِن تراثِنَا الديني والعقائدي والفكري, بينَمَا نبقى نحنُ المسلمونَ بِمَنأى عنهُ, وكأنمَا بيننَا وبينهُ ردماً, ولَم يستفِدْ هؤلاءِ مِن الموروثِ الإسلامي لغرضِ خدمةِ الإسلامِ والمسلمينَ أو لخدمةِ أبناءِ ديانَتِهِم, بل إستطاعوا أن يوظفوا الكثيرَ مِن المورثِ الديني لمحاربةِ المتدينينَ, كأن يكونوا حجرَ عثرةٍ في إقترابِ ساعاتِ الخلاصِ ونهايةِ الظلمِ والجورِ, مِن خلالِ عرقلةِ أسبابهِ ومسبباتهِ !!!
بل كَمَا يجبُ علينَا حفظَ التراثِ مِن الضياعِ ومِن التلفِ, كذلكَ الحالُ يجبُ علينَا أن نَتَمَعنَ فيهِ وفي مضامينهِ محاولينَ فِهْمَهُ والتعرفَ على مكنونِ سِرهِ ومكامنِ قوتهِ, وهذا مايدفعُنَا الى الكتابةِ والإستمرارِ في طرحِ هذهِ السلسلةِ المباركةِ إن شاءَ اللهُ ربُ العالمينَ ...
ويجبُ عَلَينَا أيضاً أن نستخفَ بالدعاوى الباطلةِ التي يُطلقهَا سفلةُ الناسِ وشرارُ الخلقِ وسرابيتُ المستشكلينَ مِن الذينَ يُعرفونَ أنفسَهُم بالماديينَ أو اللادينيينَ, والتي مفادُ الكثيرِ مِنهَا :
"إنَّ تمسكَ المظلومينَ بالأخبارِ الناقلةِ لإنتهاءِ الظلمِ والجورِ الى غيرِ رجعةٍ, وسيادةِ العدلِ والإحسانِ والمساواةِ, لهو حلمٌ ورديٌ يعيشهُ المظلومونَ والمضطهدونَ لِيخففوا بهِ عن آلامِهِم وفشلِ رسالاتِهِم التي عجزتْ عِن رسمِ مستقبلٍ لَهُم كأممِ متطورةِ ومتقدمةِ كِمَا هُم الماديونَ اليومُ" !!!
وبالحقيقةِ أنَّ هذهِ الدعوى كَمَثيلاتِهَا مِن الدعاوى التي تُخفي خلفَهَا عشراتِ الأهدافِ والمُراداتِ التي يَبغي غيرُ الماديينَ مِن اليهودِ والمسيحِ أن يصلَ إليهَا المجتمعُ المسلمِ, فبعدَ أن يأسَ الكثيرُ مِن التبشيريينَ المسيحِ وإنسدادِ بابِ الدعوةِ الى الديانةِ اليهوديةِ, فخيارُ الإنحرافِ الفكري والعقائدي والإنحلالِ النفسي والديني يكونُ هو الراجحُ بالنسبةِ لهُم بطبيعةِ الحالِ, فمَن لا يرغبُ بِالإلتحاقِ بغيرِ الإسلامِ ولا يرضى بتركهِ, فخيارُ تركهِ كالمعلقِ بلا هدفٍ هو الراجحُ أكيداً !!!
#وبالحقيقةِ ...
أنَّ هؤلاءِ التبشيريينَ والمضللينَ اليهودِ لا يخافونَ مِن الإسلامِ كدينٍ خاتمٍ للأديانِ السماويةِ, لإيمانِهِم بخاتميةِ أديانِهِم, ومَا الإسلامُ إلا دينٌ مِن الأديانِ الأرضيةِ المخترعةِ مِن رجالاتِ الجزيرةِ العربيةِ, وهذا مِن حقهِم قولهُ بطبيعةِ الحالِ, لأنَّ القولَ بتأخرِ الإسلامِ عن الديانتينِ اليهوديةِ والمسيحيةِ فرعُ وجوبِ الإلتحاقِ بهِ والإيمانِ بتعاليمهِ ...
وإذا آمنَا بهذهِ النتيجةِ التي أضطرَ اليهودُ والمسيحُ قولَهَا, كَانَ مِن اللازمِ علينَا أن نُؤمنَ في نفسِ الوقتِ أنَّ هذهِ الدعوى سياسيةٌ أكثرُ ممَا هي دينيةٌ, لأنَّ الإيمانَ بخاتميةِ وتأخرِ الإسلامِ على الديانتينِ يُلزمُ المقابلَ وجوبَ الإلتحاقِ بهِ, بل والتعبدِ بتركِ غيرهِ, بل والحكمِ بتكفيرِ مَن لَم يلتحقْ بهِ !!!
وهذا سِرُ الإختلافِ الجوهرِ بينَ الطواغيتِ عبرَ العصورِ المنصرمةِ الى وقتِنَا الحالي مع المخلصينَ الممحصينَ مِن الأنبياءِ والرسلِ والصالحينَ, لأنَّ القولَ بأحقيةِ هؤلاءِ المصطفينَ يستلزمُ تقديمَ مقاليدِ الحكوماتِ بأموالِهَا وجيوشِهَا وقصورِهَا وعبيدِهَا إليهِم, وأفضلُ طريقةٍ للتخلصِ مِن هذهِ النتيجةِ المُرَةِ والكابوسِ المزعجِ القولُ بإنحرافِ هؤلاءِ المخلصينَ على طولِ الخطِ, والقولُ بإنحرافِهِم يستلزمُ جوازَ قتلِهُم وملاحقتِهُم والتخلصِ مِنهُم, فبدلاً أن يكونوا حكاماً ورؤساءً وقياداتٍ للمجتمعِ نحو الصلاحِ والإصلاحِ, سيكونوا مِن المطلوبينَ المجرمينَ الملاحَقِينَ قانونياً وقضائياً !!!
#ولكن ...
أنَّ الحكمةَ الربانيةَ إستطاعتْ أن تحفظَ الكثيرَ مِن هذا التراثِ الديني في الأديانِ الثلاثةِ اليهوديةِ والمسيحيةِ والإسلاميةِ, مِن خلالِ إستعمالِ الرمزيةِ في طرحِ المسائلِ المتعلقةِ في مستقبلِ البشريةِ, والتكلمِ عن إنهايةِ الظلمِ والجورِ, وقيامِ دولةِ العدلِ واليومِ الموعودِ ...
فمَنَ فسرَ الرمزيةَ مِن علماءِ المسلمينَ على أساسِ قاعدةِ : (كلمْ الناسَ على قدرِ عقولِهَا) فهي صحيحةٌ بالجملةِ -بعضُ الشيءِ-, ولكنَ هنالكَ أمرٌ كبيرٌ لَم يلتفتْ إليهِ الكثيرُ مِن الباحثينَ ولا الكاتبينَ مِن فرقِ الإسلاميةِ كافةً, بأنَّ ليسَ التكلمُ بالرمزيةِ لمصلحةِ إفهامِ المقابلِ بمَا يتناسبُ مع إدراكهِ العقلي فقط, وإنَّ تعمدَ التكلمِ معهُ بلغةِ ومفاهيمِ غيرِ عصرهِ بمثابةِ أن تتكلمَ بِلغةٍ أجنبيةٍ مع مَن يجهلُهَا !!!
بل للطريقةِ الرمزيةِ والتحدثِ بلغةِ الأسطورةِ لهَا عدةُ مصالحٍ ومِنهَا الحفاظُ على سريتِهَا الى قابلِ الدهورِ, ووقتِ حصولِ الإرهاصاتِ المتاخمةِ لبدايةِ اليومِ الموعودِ كحصولِ الصدامِ العالمي بينَ أعتى خلقِ اللهِ على وجهِ الأرضِ, وأنَّ إفهامَ هذهِ النبوءاتِ والأخبارِ الغيبيةِ الى غيرِ جيلِهَا بمثابةِ اللغو, كَمَا تُحذرُ شخصاً مِن الغرقِ في البحيراتِ الصناعيةِ المشيدةِ خلفَ أعظمِ السدودِ في العالمِ, وهو لَم يرَ سوى البئرِ أو النهرِ الجاري !!!
#نعم ...
إعتمادُ الطرقِ الطبيعيةِ في نقلِ الأخبارِ عبرَ رواةِ الحديثِ, ألزمَ الأنبياءَ والمرسلينَ والأئمةَ الصالحينَ عليهم الصلاةُ والسلامُ أجمعينَ بالحديثِ بهَا في غيرِ أهلِهَا لغرضِ أن تنتقلَ الى أهلِهَا في آخرِ الزمانِ, وللحفاظِ على عدمِ اللغويةِ في نقلِ الخبرِ إليهِم وتلاوةِ الحديثِ عليهِم, ألتزمَ الأئمةُ عليهم الصلاةُ والسلامُ في إسلوبِ الرمزيةِ والتوريةِ والإستعارةِ اللغويةِ, بحيثُ أن السامعَ والناقلَ والناقلينَ بعدَهُم يستفادُ كلٌّ منهُم على حِدَةٍ, الى أن تصلَ تلكَ الأخبارُ والمأثرُ الى أهلِ زمانِهَا الذينَ يستفادونَ مِنهَا حقَ إستفادَتِهَا, فيكونُ بذلكَ النبي والرسولُ والصالحُ عليهُم الصلاةُ والسلامُ قد أدى حقَ الرسالةِ مِن واجبِ التبليغِ والتوصيلِ قدرِ المستطاعِ ...
إذا لولا هذهِ الرمزيةُ والتوريةُ والإستعارةُ وفنونُ البلاغةِ كافةً في نقلِ آخبارِ آخرِ الزمانِ والإرهاصاتِ المرتبطةِ بهَا, لَمُحِقَتْ هذهِ الأخبارُ مِن الرعيلِ الأولِ, بل لقصدَهَا المعنيونَ بهَا وبِمَفاداتِهَا أولاً قبلَ غيرِهَا حرقاً وتحريفاً وتضيعاً, كَمَا حصلَ في أخواتِهَا مِن الأخبارِ, حتى بتنَا ننقبُ ساعاتٍ طوالاً مِن أجلِ أن نحلَ التعارضاتِ ونُميزَ الصحيحاتِ مِن السقيماتِ, بل لولا هذهِ الفنونُ البلاغيةُ بأعلى مضامينِهَا التي نُقِلَتْ بهَا هذهِ الأخبارُ لمَا آنَسَهَا الرواةُ وتناقلوهَا كابراً عن كابرٍ, بل لتناقلَهَا الرعيلُ الأولِ مِنهُم دونَ الثاني, ظناً مِنهُم أن لا ثمرةَ مترتِبَةٌ في نقلِهَا !!!
وبالإضافةِ للعاملِ الرمزي والبلاغي في فنونِ الإستعارةِ والتوريةِ التي حُفِظَتْ بهَا هذهِ المأثرُ, هنَالكَ مَا لايقلُ أهميةً عنهَا, كعاملِ الإخفاءِ الزمني, وإيهامِ المقابلِ أنَّهَا ربَّمَا تحصلُ فورَ القولِ بهَا, أي ربَّمَا تحصلُ في أي جيلٍ مِن الأجيالِ المعصرةِ, أو الأجيالِ المتاخمةِ للجيلِ المعاصرةِ, حتى يُجهدَ الراوي والناقلُ للحديثِ الحفاظَ عليهِ مِن الضياعِ والإهمالِ, لا لشيءٍ سوى أن وقتَ إنطباقِ هذهِ النبوءةِ أو الأخبارِ الغيبيةِ سيكونُ في وقتٍ قريبٍ جداً, والواجبُ على الناقلِ التحذيرَ مِنهُ ومِن شرهِ مِن خلالِ نقلِ الخبرِ !!!
وأدلُ دليلٍ على ذلكَ ما قالَ بهِ النبي (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) في الدجالِ عليهِ اللعنةُ والعذابُ الأليمِ : "غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ , إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ , وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ , وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ", فهو عليهِ وعلى آلِ بيتهِ الصلاةُ والسلامُ أخطرَ في ذهنِ المقابلِ إمكانيةَ خروجِ الدجالِ في وقتِ وجودهِ عليهِ السلامُ أو بعدَ وفاتهِ مِن قريبٍ أو بعيدٍ, وهذا ما إستدعى حفظِ الحديثِ الى الوقتِ الحالي, مِن خلالِ توقعِ ظهورهِ فيأي جيلٍ مِن الأجيالِ !!!
#والأعجبُ ...
مِن ذلكَ تجدَ أنَّ الرواياتِ والأحاديثَ التي تتحدثُ عن آخرِ الزمانِ وإرهاصاتِ اليومِ الموعودِ والصدامِ الذي يُنهي التواجدَ الظالمَ, عاضدتْ بعضُهَا بعضاً, ليسَ في الدينِ الواحدِ فقط, بل على طولِ الدياناتِ السماويةِ بأجمعِهَا, بالرغمِ مِن إنمحاقِ التعاليمِ اليهوديةِ والمسيحيةِ عن بكرةِ أبِيهَا إلا مِنهَا, فلم تَطالْهَا أقلامُ المدلسينَ, ولا شبهاتُ العابثينَ, ولا محاربةُ المنكرينَ, كَمَا طالَ غيرَهَا مِن التعاليمِ والأحكامِ والنصوصِ !!!
فالأخبارُ التي تناولتْ خروجَ المصلحِ وظهورَ الدجالِ وفتحَ يأجوجَ ومأجوجَ والحربَ الكبرى واليومَ الموعودَ وغيرَهَا, جاءتْ متواترةً عبرَ الرسالاتِ جميعاً, ويعضدُ بعضُهَا بعضاً, حتى صارتْ عقيدةً مشتركةً بينَ المتدينينَ المسلمينَ والمسيحِ واليهودِ تقريباً, على الرغمِ من تمايزِ هذهِ الأديانِ عن بعضِهَا البعضِ الى درجةِ الإختلافِ المطلقِ, مِن حيثُ الفقهِ والأخلاقِ والباطنِ, بل لا يوجدُ غيرُ ما يُرتبطِ في إرهاصاتِ وعلاماتِ اليومِ الموعودِ متفقٌ عليهِ أبداً !!!
#وهنا ...
لابدَ مِن الإشارةِ الى شيءٍ جليلٍ جداً جداً جداً, وهو :
إنَّ أفضلَ الأحقابِ الدنيويةِ عندَ اللهِ تعالى هي حقبةُ آخرِ الزمانِ, وإلا لمَاذا تمسكَ وإهتمَ الأنبياءُ والمرسلونَ عليهِم وعلى نبينَا الصلاةُ والسلامُ بالأخبارِ المتعلقةِ في علاماتِ آخرِ الزمانِ وأشراطِ ساعةِ قيامِ القائمِ وإرهاصاتِ بزوغِ الدولةِ الإلهيةِ العادلةِ الموعودةِ, الى درجةِ بقاءِ آثارِهَا بعدَ غيبابِ أعيانِهَا بخلافِ تلكَ التي نقلتْ الفضيلةَ والنهي عن الرذيلةِ والتي لم يبقَ لهَا أثراً مِن بعدِ عينٍ !!!
فلذا كَمَا إهتمَ هؤلاءِ العظماءُ الأجلاءُ الأتقياءُ الأنقياءُ بنقلِ الأخبارِ المتعلقةِ بعلاماتِ قيامِ دولةِ العدلِ الإلهيةِ, فكذلكَ يجبُ علينَا أن نُلزمَ أنفسنَا بنفسِ الدرجةِ مِن حيثُ النقلِ والتمحيصِ والمذاكرةِ والتفقهِ لهذهِ الأخبارِ الى درجةِ جعلِهَا فاكهةَ الحديثِ وسلوى النفوسِ وأملَ اليائسِ وزادَ المحرومِ, فإن أصبنَا زمانَهَا فلنَا نعمتينِ, نعمةُ التفقهِ والنصرةِ, وإن لَم نصبْهَا فلنَا مثلَهُمَا أيضاً التفقهُ وإنتظارُ الفرجِ ...
وليسَ لقائِلٍ القولُ أبداً "إنَّ ما تناقلتهُ أخبارُ المسلمينَ والمسيحَ هي عقائدٌ يهوديةٌ بامتيازٍ, تَم نقلُهَا عن طريقِ تناقلِ الأخبارِ, وتلاقحِ الأفكارِ عبرَ الكثيرِ مِن الأحرارِ, الذينَ إنتقلوا بينَ الدياناتِ بعنوانِ الإلتحاقِ ككعبِ الأحبارِ, والذي نقلَ آلافَ الأحاديثِ مِن اليهوديةِ الى التراثِ الإسلامي, حتى تَوهمَهَا كبارُ الصحابةِ والمحدثينَ والرواةُ أنَّهَا مِن عبائرِ الرسولِ المختارِ وآلهِ الأطهرِ, بالرغمِ مِن إتحادِ الفترةِ الزمنيةِ بينَهُم" !!!
لأنَّ التراثَ الإسلامي المودوعَ في كتابِ اللهِ تعالى خيرُ دليلٍ على بطلانِ إنتقالِ مِثلَ هذهِ الأفكارِ الى الموروثِ الإسلامي, الى حدِ إعتقادِ المسلمونَ بهَا, لأنَّهَا جاءتْ في محكماتِ الآياتِ, والواضحاتِ البيناتِ, والكثيرُ مِنهَا في الباقياتِ المتشابهَاتِ ...
#وبالحقيقةِ ...
أنَّ الغموضَ الذي إكتنفَ هذهِ الأخبارَ الناقلةِ الى إرهاصاتِ اليومِ الموعدِ, لَم تتفردْ بهَا الأخبارُ والأحاديثُ والآثارِ, بل أنَّ القرانَ الكريمَ كانَ أكثرَ غموضاً في نقلِهَا الى حدِ عدمِ فهمِهَا بالمطلقِ تقريباً, كَمَا هو الحالُ في موطنِ البحثِ ومحلِ الشاهدِ التي تتناولُتْهُ هذهِ السلسلةُ المباركةُ إنشاءَ اللهُ تعالى, ألا وهو يأجوجُ ومأجوجُ وقصةُ إنهيارِ السدِ ...
حيثُ أنَّ الآياتِ التي تناولتْ آخبارَ آخرِ الزمانِ كانتْ مِن صنفِ المتشابهاتِ وليسَ المحكماتِ, والتي لا يُمكن أن يحكمَ أمرهَا إلا اللهُ تعالى مجدهُ وعلا شأنهُ فقط, حيثُ قالَ تعالى في محكمِ كتابهِ العزيزِ الحكيمِ : {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ } آل عمران 7 ...
ومِن هذهِ الآياتِ التي تناولتْ أحداثَ آخرِ الزمانِ ما جاءتْ في سورةِ الكهفِ : {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً{93} قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً{94} قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً{95} آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً{96} فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً{97} قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً{98} وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً},
ومَا جاءَ في سورةِ الأنبياءِ أيضاً : {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ{96}} ...
وهذهِ الفكرةُ وهذا المفهومُ وهذهِ الحكايةُ والنبوءةُ والأخبارُ بالغيبِ عن أكبرِ حدثِ مِن أحداثِ آخرِ الزمانِ, قد جاءتْ في كلا الديانتينِ اليهوديةِ والمسيحيةِ, بل أنَّ القولَ بهِمَا مِن المسلماتِ عندَهُمَا ...
حيثُ جاءَ عندَ اليهودِ في سفرِ حزقيلَ :
"يَا ابْنَ آدَمَ، اجْعَلْ وَجْهَكَ عَلَى جُوجٍ، أَرْضِ مَاجُوجَ رَئِيسِ رُوشٍ مَاشِكَ وَتُوبَالَ، وَتَنَبَّأْ عَلَيْهِ ....... وَأُرْسِلُ نَارًا عَلَى مَاجُوجَ وَعَلَى السَّاكِنِينَ فِي الْجَزَائِرِ آمِنِينَ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ" ...
وجاءَ في تفسيرِ المعنى الرمزي لهذا الخبرِ في تفسيرِ سفرِ حزقيلَ : "يُفسر البعض جوج وماجوج علي أنهما رمز لروسيا معتمدين علي كلمة "روش" بكونها اسمًا قديما لروسيا, هؤلاء يفسرون كلمة ماشك كرمز لموسكوعاصمة روسيا وتوبال رمز لتوبالت أيضًا بروسيا ... وكأن النبوة تشير إلي آلام تجتازها الكنيسة في آخرالدهور من تحرك عدة شعوب بقيادة روسيا" ...
بينمَا جاءَ عندَ المسيحِ في سفرِ رؤويا يوحنا في الصحاحِ العشرينَ الآيةِ عشرينَ قولهُ : "ويخرج ليضل الأمم الذين في أربع زوايا العالم، جوج وماجوج ليجمعهم للحرب الذين عددهم مثل رمل البحر, فصعدوا على عرض الأرض، وأحاطوا بمعسكر القديسين وبالمدينة المحبوبة، فنزلت نار من عند الله من السماء وأكلتهم"
وجاءَ في تفسيرِ هذا النصِ مِن نفسِ السفرِ : (أن قبائل معينة خاضعة لأحد الملوك العشرة التي تعاصر ضد المسيح يجتمعون بمدينة أورشليم لمقاتلة إيليا وأخنوخ والباقين من الكنيسة في أورشليم ولكن الله يرسل نارًا ليحرقهم, ويرى البعض أن "جوج وماجوج" لا تعني قبائل معينة بل كل الشعوب المنحرفة التي يجتمع جنودها لمقاومة الكنيسة لكن الله يؤدبهم بنار سماوية) ...
#وهنا ...
قد رأينَا هذا الإتفاقَ العجيبَ في نقلِ هذهِ الحكايةِ والواقعةِ التي ستحصلُ في آخرِ الزمانِ, حيثُ أنبأتْ هذهِ الحكاياتُ الثلاثةُ عن خروجِ يأجوجَ ومَأجوجَ, ولكن هذا الإخبارُ لم يأتِ إلا بطريقةٍ رمزيةٍ, ومكتنفةٍ بالصعوبةِ والغموضِ, وفي جميعِ المصادرِ المقدسةِ في الأديانِ السماويةِ على إختلافِهَا !!!
وبالحقيقةِ أنَّ نقلَ هذهِ الأحداثَ والتي تتواترُ معنوياً -ومِن قبلِ أديانٍ يكفرُ بعضُهَا بعضاً- يكشفُ لنَا وبوضوحِ وحدةِ المُرسلِ ووحدةِ الجهةِ والناحيةِ, وإلا كيفَ للماديينَ واللادينيينَ والإلحاديينَ يُمكن أن يُفسروا لنَا ذلكَ ؟!!
وبالمقابلِ أنَّ هذهِ الرمزيةَ كمَا أسلفنَا كانتْ هي السببُ المباشرُ في حصولِ هذا الإتفاقِ وعدمِ التعارضِ أبداً, بحيثُ إتفقتْ الدياناتُ الثلاثةُ على إنحرافِ جهةِ يأجوجَ ومأجوجَ, ووحدةِ ناحيةِ الخروجِ لهُم, ووحدةِ الزمنِ لتلكَ الإنطلاقةِ العالميةِ !!!
#الآن ...
وبعدَ أن تيقنَا هذا الإتفاقَ في النقلِ, وعرفنَا التواترَ المعنوي بينَهَا لذكرِ هذهِ الجهةِ المنحرفةِ, والإتفاقَ حتى على توقيتِ خروجِهَا, بل وإنَّهَا ستكونُ هي الفئةَ الباغيةَ التي تبتغي القتلَ, حتى ينتصرَ اللهُ تعالى بنفسهِ وينزلَ العقابَ عليهِم ويجعلهُم صرعاً في الفلواتِ والقفارِ !!!
جاءَ السؤالُ عن إحتماليةِ وحدةِ الجهةِ التي ذكرتْ يأجوجَ ومأجوجَ والدجالَ المنحرفَ, أي عن إمكانيةِ طرحِ يأجوجَ ومأجوجَ على كونِهِمَا نفسِ المسيحِ الدجالِ, أي أنَّ الإختلافَ بينَهُمَا إختلافٌ لفظيٌ ومِن جهةِ الوصفِ فقط, لذا تعددتْ اللألفاظُ والكنى مِن هذهِ الناحيةِ, وإلا إنَّ الطرفينِ همَا طرفاً واحداً, وهذا الطرحُ وإعتمادُهُ كأطروحةٍ محتملةٍ ناتجٌ عن تشابهِ الكثيرِ من الحيثياتِ التي يُوصَفُ بهِمَا الطرفانِ, بل عدمِ وجدانِ الكثيرِ مِن المعاني الخارجيةِ والواقعيةِ لهَا, بل وصعوبةِ التصديقِ بتحققهَا واقعاً, جعلتْ إطروحةَ إتحادِ المعنى ممكناً وجائزاً !!!!
ولكن هذا الفرضُ وهذهِ الأطروحةُ بعيدةٌ جداً, بل ومخالفةٌ للمباني الغويةِ التي نفهمُ بهَا الكلامَ, بل ومخالفةٌ كلَّ الخلافِ لهَا, لختلافِ المواردِ التي نقلتْ أنَّ الجهتينِ مختلفتانِ ولا رابطَ بنَهُمَا إلا الإنحرافُ والفسادُ والإفسادُ, هذا مِن وجهةِ نظرِ الديانتينِ الإسلاميةِ والمسيحيةِ, وإلا فإنَّ اليهوديةَ لا تؤمنُ بحقيقةِ وحدةِ الجهةِ أصلاً, لستحالةِ أن يكنَ المنقذُ منحرفاً كيأجوجَ ومأجوجَ وصالحاً كالمسيحِ الدجالِ في نفسِ الوقتِ, لأنَّ الدجالَ الذي يُؤمنُ اليهودُ بهِ, يؤمنونَ بصلاحهِ وبأنهُ هو المنقذُ لهُم, كمَا أسلفنَا في الحلقةِ السابقةِ وتحتَ نفسِ العنوانِ, حيثُ بينتْ العقائدُ اليهوديةُ, بأنَّ المسيحَ هو مِن ذريةِ نبي اللهِ داودَ (عليهِ السلامُ), وهو رجلٌ مباركٌ وممسوحٌ بالدهنِ, والذي يحققُ لليهودِ دولتُهم الموعودةَ !!!
بينمَا آمنَ المسيحُ بختلافِ معنى الدجالِ ومعنى يأجوجَ مأجوجَ, كَمَا إختلفَ لفظيهِمَا, وكمَا تعددتْ المواردُ الحاكيةُ عنهُمَا, بالرغمِ مِن عقيدَتِهمَ بإنحرافِ الطرفينِ, وبإنتهاءِ الطرفينِ في نفسِ الوقتِ, وهو آخرُ الزمانِ وتحققُ اليومِ الموعودِ, وهذا يطابقُ جلياً ما ذهبَ المسلمونَ لهُ تقريباً, حيثُ آمنَ المسلمونَ بإنحرافِ الجهتينِ معاً, كَمَا آمنوا بإنتهائِهِمَا قبيلَ تحققِ الدولةِ الإلهيةِ الموعودةِ, بل وجعلُ هلاكَهُمَا مِن علاماتِ تحققِ الدولةِ الإلهيةِ المرتقبيةِ تحققِهَا في آخرِ الزمانِ على يدي سليلِ بيتِ النبوةِ الإمامِ المهدي (عليهِ السلامُ) ...
ولذا خلافُ الظاهرِ وتعددِ المواردِ التي ذكرتْ الدجالَ ويأجوجَ ومأجوجَ, أن نجعلَ الطرفينِ طرفاً واحداً, والموردينِ برغمِ مِن إختلافِهِمَا مورداً واحداً, وهذا خلافُ الظهورِ بتعددِ المواردِ, بل وخلافُ الصفاتِ التي ميزتْ أحدهُمَا عِن الآخرِ, لذا فالقولُ بوحدةِ يأجوجَ وماجوجَ والدجالَ قولُ سقيمٌ لا يقومُ أبداً ...
#وهُنَا ...
يأتي السؤالُ المحيرُ في الوهلةِ الأولى, عن كيفيةِ هلاكِ الدجالِ في آخرِ الزمانِ, بعدَ أن تناقلتْ الأخبارُ قوتهُ وسطوتهُ وسلطتهُ وسطوتهُ, بل تناقلتْ أنهُ يحيي ويميتُ, ويرزقُ ويمنعُ, ويُعطي ويأخذُ, وتتبعهُ الكنوزُ كاليعاسيبِ, حتى يظنُ الناسُ إنَّهُ اللهُ تعالى, لكبيرِ قدرتهِ, وواسعِ سطوتهِ, وعظيمِ سلطتهِ, لذا جاءَ التحذيرُ مِن الرسولِ المختارِ وآلهِ الأطهارِ وصحبهِ الأبرارِ بأنَّ اللهَ تعالى ليسَ بأعورِ ولا ترونهُ أبداً !!!
نعم لكي يُقْتَلَ الدجالُ نحتاجُ الى كفي المسيحِ (عليهِ السلامُ), كَمَا نحتاجُ الى كفي القائمِ المهدي (عليهِ السلامُ) الى ذبحِ السفياني والشيطانِ الرجيمِ, ولكن هذا القتلُ وهذا الذبحُ في تلكَ البقعةِ المباركةِ لابدَ لهَا مِن المقدماتِ الشيءِ الكثيرِ, بحيثُ أنَّ الدجالَ سيفقدُ الكثيرَ مِن قواهُ الى درجةِ يتمكنُ المصلحُ مِن قتلهِ وتخليصِ الناسِ مِن شرهِ الى الأبدِ, وإلا ليسَ مِن العقلِ أن نفترضَ بوجودِ مَن يستطيعُ قتلَ ذلكَ المتسلطَ الساحرَ مع ما يملكُ من عواملِ القوةِ والجبروتِ التي تُؤهلانهُ الى الدعوةِ الى ربوبيةِ نفسهِ والعياذُ باللهِ تعالى, وعلى يدِ مَن نعتقدُ بضعفِهَمَا الذي كانَ سبباً لغيابِهِمَا ...
إذن لابدَ لنَا مِن أن نفترضَ أنَّ هنالكَ قوى موازيةٌ لقوةِ الدجالِ, وهذهِ القوةُ لَم يُأذنْ لهَا بالتحركِ مِنذُ قابلِ الدهورِ, بل منذُ أن حكمَ اللهُ تعالى عليهَا بالسجنِ المؤبدِ مدى الحياةِ, حتى : {... إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ}, وأقصدُ بعدمِ الإذنِ لهَا, هو أن تتحركَ بهذا العددِ الهائلِ بحيثُ يملؤونَ أقطارَ الأرضِ باتجاهاتِهَا الأربعةِ, متقدمينَ كالموجِ للحربِ ونهايةِ سطوةِ الدجالِ اللعينِ ...
وإلا كيفَ نفكرَ كعقلاءٍ أنَّ مَن يدعي الربوبيةَ بكلِّ ما لهَا مِن معاني وقدراتٍ كذباً ودجلاً وسحراً ونفاقاً, أن يَتُمَ قتلهُ والخلاصَ مِنهُ ومِن شرهِ الى غيرِ رجعةٍ, بدونِ فرضِ الندِ والمقابلِ والموازي لهُ بالقوةِ والسطوةِ تقريباً ؟!!
ولكنَّ لابدَ هنَا أن نلتفتْ بشكلٍّ كبيرٍ جداً, إنَّ حركةَ يأجوجَ ومأجوجَ أكثرُ غموضاً مِن حركةِ الدجالِ نفسهَا, حيثُ المنقولُ عن الدجالِ يُمكن أن يرسمَ لنَا الكثيرَ مِن تفاصيلِ تحركاتهِ وبالدقةِ, ولكنَّ بسببِ سيرتهِ بلباسِ الربوبيةِ والمسيحِ كذباً, هو مايجعلُ الكثيرَ عنهُ في غفلةٍ الى حدِ الثمالةِ في إدراكهِ, وبالتأكيدِ أن الحكيمَ الذي عرفَنَا بسيرةِ الدجالِ التفصيليةِ تعمدَ أن يجعلَ أخبارَ يأجوجَ ومأجوجَ مكتنفةً بالغموضِ الى درجةِ الجهلِ المطبقِ بحركَتِهَا, بل أنَّ الرمزيةَ والإستعارةَ والتوريةَ المستعملةَ في الدجالِ لا يُمكن أن تقارنَ بأي درجاتٍ مِن درجاتِ المقارنةِ مع ما تناقلتهُ أخبارُ يأجوجَ ومأجوجَ !!!
وبالحقيقةِ أنَّ تعمدَ الغموضِ هذا, ووصولِ الأخبارِ إلينَا حتى على مستوى مَنْ {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }فصلت 42, و {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر 9, بل وعلى مستوى أن يبقَ الكثيرُ مِن آثارِهَا وأعيانِهَا في كتبِ الأسفارِ للديانتينِ المسيحيةِ واليهوديةِ, كلَّهَا مجتمعةً تبعثُ على أن الغايةَ المتواخاةَ مِنهُم كبيرةٌ جداً, بل وتتناسبُ مع حدثٍ عظيمٍ جداً أيضاً !!!
وكذلكَ الحالُ في ذكرِ قوتِهِم وسطوتِهِم وسلطتِهِم وغرابةِ أشكالِهِم وطريقةِ حجزهِم, بل والتأكيدِ على كثرةِ أعدادِهِم وحجمِ تناسلِهِم وتكاثرِهِم, تُنَبِؤنَا بأنَّ القوةَ التي يملكونَهَا لا تبلغُ عشرَ معشارِ مايملكهُ الدجالُ, ولكنَّ بإمكانِهِم أن يكونوا كفواً لقوتهِ ونداً لسطوتهِ بسببِ ذلكَ العددِ الغفيرِ والحجمِ الكبيرِ, بحيثُ اتفقتْ الأسفارُ على اختلافِهَا مع القرانِ الكريمِ بأنَّهُم : {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ }الأنبياء 96 ...
ولا غرابةَ في الإبقاءِ على هؤلاءِ منذُ الدهرِ القديمِ, والذي لا يُحصي سنينهُ إلا الحسيبُ العليمُ, مِن أجلِ دحرِ قوةِ الدجالِ, وكبحِ جماحِ قدرتهِ, بعدَ أن تيقنَا أنَّ نفسَ الدجالِ لا مثيلَ لهُ في طولِ عمرهِ, وامتدادِ حياتهِ :) وأنهُ ليسَ مِن نبي بُعِثَ إلى قومٍ إلا ينذرُ قومَهُ الدجالَ ، وإنهُ قد بينَ لي ما لم يبينْ لأحدٍ ، وإنهُ أعورٌ ، وإن ربَكُم ليسَ بأعورٍ), فكَمَا أوجدَ اللهُ تعالى المبيرَ أوجدَ لهُ مَن يبيرهُ ويقضي على جبروتهُ الى حدِ الإنهيارِ النهائي !!!
#هنَا ...
وهَنا يُمكن للمقابلِ أن يُسجلَ إشكالاً بقولهِ :
إنَّ الطريقةَ التي تناولتهَا الأخبارُ مِن موتِ يأجوجَ وماجوجَ بطريقةِ العذابِ الأليمِ, حيثُ يبعثُ اللهُ تعالى عليهِم النغفَ مِن السماءِ, بعدَ أن يفرَ المسيحُ (عليهِ السلامُ) وأنصارهُ ويتحصنونَ بعيداً عن بطشِ هؤلاءِ, وهذهِ الأخبارُ لا تؤيدُ حصولَ المواجهةِ بينَ الدجالِ ويأجوجَ ومأجوجَ, بل أنَّ أمرَ قتلِهِم محضُ عذابٍ وعقابٍ سماويينِ !!!
ولكن يُمكن لنَا الردُ عليهِ بقولِنَا :
إنَّ العذابَ السماوي ليسَ بالضرورةِ أن يكونَ خارقاً للعادةِ, بل ربَّمَا يكونُ مِن سنخِ الأمورِ الإعتياديةِ عندَ بني البشرِ, ولكن تدخلُ في كبرى العذابِ الإلهي, حيثُ قَسَمَ اللهُ تعالى مجدهُ وعلا ذكرهُ العذابَ الى عدةِ شعبٍ بقولهِ عزَ جلَّ :{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ }الأنعام 65 ...
أنظرْ كيفَ أنَّ اللهَ تعالى جعلَ التقاتلَ والتناحرَ والتفرقَ واختلافَ الكلمةِ شُعَبَاً مِن شعبِ العذابِ والعقابِ, فكَمَا هو قادرٌ على أن يبعثَ البرقَ والرعدَ والصيحةَ والصرخةَ مِن السماءِ والخسفَ والرجفةَ والطوفانَ مِن الأرضِ كعقابٍ, كذلكَ هو قادرٌ على جعلِ تفرقِ الكلمةِ, واختلافِ الأسنةِ, مقدمةً لخلعِ الأعنةِ ...
وإذا ثبتْ عندنَا هذا التقسيمُ وهذا النوعُ مِن العذابِ الإلهي, صارَ مِن المتوقعِ جداً أنَّ أمرَ هلاكِ هؤلاءِ الطواغيتِ بهذهِ الطريقةِ مِن العقابِ, بل مِن خلالِ التتبعِ في كتبِ التأريخِ لَم أجدْ مصداقاً حقيقياً بالمعنى الحقيقي كعقابٍ أكثرَ مِن إنطباقِهِ على الحربِ والتقاتلِ بينَ هذهِ الفئاتِ الباغيةِ, وأقصدُ بهَا الدجالَ مِن ناحيةٍ ويأجوجَ ومأجوجَ مِن ناحيةٍ أخرى !!!
وهنَا لابدَ مِن الإلتفاتِ جيداً, أنَّ إعتبارَ التقاتلِ والتناحرِ بينَ المنافقينَ في آخرِ الزمانِ على كونهِ عذاباً وعقاباً إلهيينَ عندَ اليهودِ والمسيحِ على حدٍ سواءٍ, حيثُ إعتبرَ اليهودُ أن الهرمجدونَ سيحسبهَا هؤلاءِ المتصارعونَ على كونِهَا حرباً بينَ الجيوشِ, ولكنَّهَا هي حربٌ مع اللهِ تعالى, وهو الذي يكونُ طرفاً في النزاعِ والقتالِ لإنهاءِ تواجدِ هؤلاءِ من على سطحِ الأرضِ, , حيثُ جاءَ في كتابي حزقيال ٣٨:٢١، ٢٣؛زكريا ١٤:١٣: (ويخبرنَا الكتابُ المقدسُ ان بلبلةَ ستحدثُ في صفوفِ اعداءِ اللهِ بحيثُ يقتلُ بعضهم بعضاً، لكنهم سيدركونَ في النهايةِ ان اللهَ هو مَن يحاربَهُم) !!!
#ولكن ...
بحسبِ الإستقراءِ الذي سمحَ بهِ الوقتُ, وحسبِ الإطلاعِ السابقِ والمرتكزِ في الذهنِ, لم أجدْ أينَ ستكونَ نهايةِ يأجوجَ ومأجوجَ, بل إكتفَ تراثنَا مِن كتابِ اللهِ تعالى وسنةِ نبيهِ الكريمِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) ومَا جاءنَا مِن تراثِ أهلِ البيتِ (عليهُم السلامُ), بذكرِ إضرارهِم وفسادِهِم وطريقةِ خلقهِم وسجنهِم وخروجِهِم وموتِهِم, بينمَا لم أجدْ مكانَ قتلِهِم وهلاكهِم !!!
ولكن هنالكَ بعضُ الطرقِ التي يُمكن أن تفعنَا كثيراً في الإستدلالِ على مكانِ حربِهِم وقتلِهِم, فمثلاً ما جاءَ في صحيحِ مسلمٍ في بابِ الفتنِ وأشراطِ الساعةِ وفي البخاري في بابِ الفتنِ وفي المستدركِ وشرحِ الباري وغيرهِم كثير, عن زينبِ بنتِ جحشٍ أن النبي (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلم) استيقظَ من نومهِ وهو يقولُ : (لا إله إلا الله ويٌل للعربِ مِن شرٍ قد اقتربَ فُتِحَ اليومَ من ردم يأجوجُ ومأجوجُ .... قلتُ : يا رسولَ اللهِ أنهلكُ وفينا الصالحونَ؟ قال : نعم إذا كثر الخبثُ) ...
وفي مجمعِ البيانِ للطبرسي ج639-683/6 : عن حذيفةِ قالَ : سألتُ النبي (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) عن يأجوجَ ومأجوجَ, فقالَ : يأجوجُ أمةٌ ومأجوجُ أمةٌ ... مقدمتُهُم بالشامِ ومؤخرتُهُم في خراسانَ) ...
وقالَ وهبٌ ومقاتلٌ : أنَّهُم مِن ولدِ يافثَ بنِ نوحَ أبِ التركِ ...
وقالَ السدي : التركُ سريةٌ مِن يأجوجَ ومأجوجَ, خرجتْ تغيرُ فجاءَ ذو القرنينِ فضربَ السدُ فبقيتْ خارجهُ ...
#وطبعاً ...
صارَ واضحاً أنَّ الملحمةَ الكبرى والمصيبةَ العظمى التي سَوفَ يهلكُ بهَا يأجوجُ ومأجوجُ ستكونُ حصراً في أرضِ العربِ, وخوصاً في أرضِ الشامِ وما تاخمَهَا مِن الأراضي الأخرى, وهذا ما يتناسبُ مع الويلِ الذي قالَ بهِ رسولُ اللهِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) الذي سوفَ يُصبُ على العربِ, بل وهو سيكونُ صريحاً مِن حيثُ فهمِ أن مقدمةَ جيشِهِم ستكونُ في الشامِ, والمقدمةُ بطبيعةِ الحالِ هي مَن تباشرُ القتالِ أولاً ...
ومِن إختلافِ الرؤى في الحربِ النهائيةِ التي سيقودُهَا هؤلاءِ الظلمةُ والجبابرةُ, حيثُ تُسمى عندَ المسلمينَ بالملحمةِ والتي يكونُ مضوعُهَا أرضُ الشامِ حصاراً, وعندَ اليهودِ والنصارى بالهرمجدونِ التي ذكرنَاهَا في الحلقةِ السابقةِ, والتي تكونُ على أرضِ فلسطينَ, وتحديداً على تلالِ مجدو القريبةِ مِن حيفا, ومَا يؤيدُ ذلكَ ما جاءَ في سفرِ رؤويا يوحنا : "ويخرج ليضل الأمم الذين في أربع زوايا العالم، جوج وماجوج ليجمعهم للحرب الذين عددهم مثل رمل البحر, فصعدوا على عرض الأرض، وأحاطوا بمعسكر القديسين وبالمدينة المحبوبة، فنزلت نار من عند الله من السماء وأكلتهم" ...
ولكي نعرفَ المرادَ بالمدينةِ (المحبوبةُ) عندَ اليهودِ والمسيحِ, فلنَا أن نتابعَ ماقلهُ كبارُ علمائِهِم في تفسيرِهَا أو تأويلِهَا, حيثُ جاءَ في تفسيرِ هذا النصِ مِن نفسِ السفرِ : (أن قبائل معينة خاضعة لأحد الملوك العشرة التي تعاصر ضد المسيح يجتمعون بمدينة أورشليم لمقاتلة إيليا وأخنوخ والباقين من الكنيسة في أورشليم ولكن الله يرسل نارًا ليحرقهم) ...
وطبعاً إنَّ الإختلافَ في تحديدِ مكانِ الملحمةِ الكبرى والنهائيةِ, يأتي مِن الإختلافِ في العقيدةِ, وحتى لو لَم ندققَ في هذا الإختلافِ فستبقى أرضُ العربِ هي منطقةُ الملحمةِ والإقتتالِ العالمي, أسواءُ كانتْ أُورشليمَ -القدسُ المكرمةُ- أو الشامَ, ولكن إذا ماتوخينَا الدقةَ, فبالتأكيدِ ستكونُ الشامُ هي مسرحُ الأحداثِ دونَ أورشليمَ, لأنَّ الإصطفافَ الذي نلاحظهُ اليومَ لا يكونُ إلا بهَا, ناهيكَ عن صدقِ دينِنَا وطهارةِ عقيدتِنَا التي أخبرتنَا أن نهايةَ الحداثِ سيكونانِ في مركزِ الأرضِ وسُّرَّةِ العالَمِ العراقِ والشامِ !!!
#ولكي ...
يكتملُ البحثُ ويخرجُ بشكلٍ كاملٍ, لأبدَ لنَا من التعرفِ على يأجوجَ ومأجوجَ في الوقتِ الحالي, حيثُ أنَّ الراجحَ مِن الرواياتِ التي مرتْ سلفاً, أنَّ المرادَ مِنهُم التركَ, وبالتحديدِ ترك الخزر, حيثُ قالَ الضحاكُ : هم جيل من الترك, وقال السدي : الترك سرية من يأجوج ومأجوج ، خرجت فضرب ذو القرنين السد فبقيت خارجه ، فجميع الترك منهم, وعن قتادة : أنهم اثنان وعشرون قبيلة ، بنى ذو القرنين السد على إحدى وعشرين قبيلة فبقيت قبيلة واحدة فهم الترك, سموا الترك لأنهم تركوا خارجين ...
ولكن أثبتنَا في مقالٍ لنَا سابقاً, أنَّ المرادَ مِن التركِ الذينَ ينزلونَ أرضَ بصيرةِ الشامِ -قرقيسيا- هُم الروسُ المعروفونَ اليومَ, وليسَ الأتراكَ, وأقمنَا على ذلكَ دليلاً سياسياً, وكانَ المقالُ تحتَ عنوانَ #الخضمُ_الأميركي_يجبرُ_روسيا_على _القضمِ :
(https://m.facebook.com/story.php…)
وهنَا تشكلتْ عندَنَا رؤيا جديدةٌ وأطروحٌ محتملةٌ جداً, بأنَّ الرواياتِ التي ذكرتْ التركَ ونزلَهُم أرضَ العربِ, سيكونُ مِن الراجحِ أن يكونوا هُم أنفسَهُم الروسُ وِمن لَفَ لفهم, مِن الذينَ يقعونَ شمالَ جورجيا حالياً, لأنَّهُم هُم الوحيدونَ الذينَ يملكونَ هذهِ القدرةَ التي ذكرتْهَأ الرواياتُ, بل القادرونَ على إنزالِ أقصى العذابِ على الدجالِ اللعينِ, بحيثُ لايبقى مِنهُ إلا مايقومُ المسيحُ (عليهِ السلامُ) بذبحهِ إن شاءَ اللهُ تعالى ...
#وإنا ...
على علمٍ ويقينٍ أنَّ الكثيرَ سوفَ يصطدمُ بالسدِ الذي أنشأهُ ذو القرنينِ (عليهِ السلامُ), والذي حالَ بينَهُم وبينَ أن يغزوا مَن سواهُم مِن الأضعفِ أقواماً, لأنَّ هذهِ الصعوبةَ منشؤهَا نفسُ الرمزيةِ والتوريةِ والبلاغةِ العاليةِ في هذا الخبرِ, ولَم تخبرنَا الآيةُ إلا بنوعينِ مِن المعادنِ, وهمَا زبرُ الحديدِ والقطرانِ !!!
ومثلُ هذا السدِ لا وجودَ لهُ على سطحِ الأرضِ لحدِ الآنَ, بالرغمِ من التقدمِ العلمي والتكنلوجي, ولكن هذهِ نصفُ الحقيقةِ, لأنَّ الكثيرَ مِن الإكتشافاتِ العلميةِ لا يُصرحُ بهَا, لأنَّهَا ستكونَ مقويةً للكثيرِ مِن الإعتقاداتِ الدينيةِ عندَ البعضِ, وهذا مخالفٌ الى منهجِ التسطيحِ والألحَدَةِ والتسفيهِ الذي تُمارسهُ الديانتانِ اليهوديةُ والنصرانيةُ ...
وهذهِ الحيرةُ جعلتْ الكثيرَ مِن العلماءِ يفضلونَ السفرَ الى الفضاءِ بحثاً عن إيجادِ تأويلِ هذهِ الآيةِ, التي رمزيتُهَا سِرُ بقاءِهَا وإستمرارِتِهَا, كمَا هو الحالُ في الإشارةِ للكثيرِ مِن الحوادثِ والأشخاصِ في القرانِ الكريمِ, والذي ما لو صرحَ القرانُ الكريمُ بهَا, لمَا عدونا المسلمينَ أولَ مِن يسعى الى حرقهِ وتحريفهِ وتغييرهِ وتبديلهِ, ولكن شاءتْ الحكمةُ الإلهيةُ أن تكن الإشاراتُ مِن خيارِ جنودِ اللهِ تعالى مجدهُ وعلا ذكرهُ في حفظِ هذا الكتابِ الحكيمِ !!!
بينمَا إنَّ نفسَ الآيةِ في سورةِ الكهفِ قد أحكمتْ أمرَ التمكينِ لهذا العبدِ الصالحِ, حيثُ قالتْ : (وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً{83} إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً{84} فَأَتْبَعَ سَبَباً{85}),
وإنَّ هذهِ الآيةَ منفردةٌ تصلحُ رداً قاصماً لكلِّ ما طرحهُ #العالمُ_سبيطُ_النيلي في كتابهِ الموسومِ بــ (#الطورُ_المهدوي), لأنَّ التمكينَ الذي حبا بهِ اللهُ تعالى ذا القرنينِ تمكينٌ أرضيٌ لا غيرهُ, لذا لا طريقَ أبداً الى ماذهبَ إليهِ في فهمِ أن يأجوجَ ومأجوجَ كانا مِن كواكبٍ أخرى أبداً, لأنَّ التمكينَ تمكينٌ أرضي بنصِ الآيةِ الشريفةِ !!!
بل إنَّ أيَّ فهمٍ فهمهُ سبيطُ النيلي حولَ أيِّ سفرٍ خارجِ الكوكبِ أو في الجوِ حتى, بل وفي داخلَ الغلافِ الجوي كَمَا حصلَ مع النبي سليمانَ (عليهِ السلامُ) باطلٌ لا دليلَ عليهِ, إلا تأثراً بتلكَ الرمزيةِ التي حكمَ اللهُ تعالى بهَا على الآيةِ وبشكلٍ عجيبٍ جداً, طبعاً هذا مِن جملةِ الأبحاثِ التي سجلنَاهَا على سبيط وغيرهِ مِن العلماءِ, والتي لَم يرَ الكثيرُ مَنهَا النورُ الى الخارجِ حتى هذهِ اللحظةِ, إمَا بسببِ عدمِ القدرةِ على الطباعةِ أو التلفِ بعدَ طولِ الفترةِ على التأليفِ !!!
#ولكن ...
مالو تمعنَا قولهُ تعالى : (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً{84} فَأَتْبَعَ سَبَباً{85}), لفهمَنَا أنَّ التمكينَ كانَ ارضياً, والسلطةَ أرضيةً والولايةَ أرضيةً أيضاً, أي أنَّ اللهَ تعالى أعطى الولايةَ التكوينيةَ لهذا العبدِ الصالحِ, بحيثُ يتمكنُ مِن أن يسيطرَ على الكثيرِ مِن الأسبابِ التي أعطاها اللهُ تعالى لهُ دونَ سواهُ, بل وإنَّ إتباعَهُ لهذهِ الأسبابِ هو الذي مكنَ لهُ مِن بناءِ السدِ المذكورِ في القرانِ الكريمِ !!!
بل إنَّ ما يدلُ على ذلكَ رفضهُ لخراجِ القومِ الطالبينَ مِنهُ المساعدةِ, بذريعةِ أنَّ ما آتاهُ اللهُ تعالى خيرٌ مِمَا آتاهُم, حيثُ قالَ تعالى في سورةِ الكهفِ : (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً{94} قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً{95}) ...
وهُنَا لا يُمكنُ فهمِ التمكينَ عسكرياً وسلطوياً فقط, بل أنَّ فهمهُ على إطلاقِ التمكينِ في الأرضِ, مِن حيثُ الولايةِ التكوينيةِ عليهَا, لأنَّ هذا الفهمُ مدعوماً مِن ظهورِ الآيةِ وأطلاقِ اللفظِ, بل ويجعلُ الفهمَ لهذه ِالآيةِ ممكناً ولو جزئياً ...
#والذي_يؤيدُ_هذا_الفهمِ :
نفسُ السلسلةِ الجبليةِ بينَ جورجيا وأذربيجانَ وأرمينيا مِن جانبٍ وبينَ روسيا -التركُ- مِن جانبٍ آخرٍ, حيثُ أنَّ هذهِ السلسةَ الجبليةَ لا يُمكن عبورهَا لغرضِ الغزوِ أبداً في الوسائلِ المتاحةِ قديماً وحتى الوقتِ القريبِ مِن الآن, والعجيبُ أنَّ الكثيرَ مِن جبالِ هذهِ السلسلةِ يغلبُ عليهَا الجانبُ المعدني, لأنَّهَا تشكلتْ مِن الأحجارِ البركانيةِ, ولاتنسَ إننَا نتكلمُ عن مسافةٍ صغيرةٍ ألتي عمدَ ذو القرنينِ على سدِهَا وردمِهَا ...
وإنَّ المقذوفاتِ البركانيةِ كَما درسناهَا في الجيلوجيا, إمَا صلبةٌ أو سائلةٌ او غازيةٌ, وهذهِ العناصرُ الثلاثةُ كلُّهَا قد ذكرتْهَا الآيةُ الكريمةُ بقولِهَا : (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ -المقذوفاتُ الصلبةُ-حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا -المقذوفاتُ الغازيةُ- حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً-المقذوفاتُ السائلةُ-{96}) ...
وبالتالي طبقاً لنظريةِ التمكينِ الإلهي لهذا العبدِ الصالحِ, وبالقدراتِ التي متعهُ اللهُ تعالى بهَا, يُمكن أن يكونَ قد قامَ هذا العبدُ ببناءِ جبلٍ أو جزءٍ منهُ, وهذا يتناسبُ مع ظهورِ الآيةِ الكريمِة, حيثُ قالتْ : (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً{93} قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً{94} قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً{95}) ...
أي أنَّ السلسلةَ الجبليةَ كانتْ موجودةً أصلاً, حيثُ عبرتْ الآيةُ عنهمَا بالسدينِ, ولكن ما قامَ بهِ ذو القرنينِ هو عمليةُ ردمٍ لهذينِ السدينِ فقط, لذا فمَن أرادَ البحثُ عن هذا السدِ, فليبحثْ في لبِ الجبلِ لا في قشرتهِ وصخورهِ مِن الخارجِ, لأنَّهَا تغيرتْ عبرَ مرورِ آلافِ السنينَ, نتيجةً للعواملِ الطبيعيةِ مِن تعريةِ ريحٍ ومطرٍ وثلجٍ وحرٍ وبردٍ والثوراتِ البركانيةِ, حيثُ إنهارتْ الكثيرُ مِن مكوناتِ الجبالِ المحيطةِ بالردمِ ليتشكلُ مِنهُ جبلاً جديداً يصعبُ على الباحثينَ والجيلوجيينَ مِن نقصي خبرهُ مِن الظاهرِ !!!
#وهنَا_يجبُ_الإلتفات_أيضاً :
أنَّ تتابعَ الآيةِ لفظاً ليسَ بالضررةِ تتابعُ الأحداثِ خارجاً, وأقصدُ بنفي التتابعِ هو التلاصقُ الزمني التامُ, حيثُ أنَّ مجيءَ الوعدِ إذنٌ في إنهيارِ السدِ, إي التمكن مِن نقبهِ أو صعودهِ, وهذا حصلَ فعلاً فيهِ عندمَا نقبَ -ثَقَبَ- الروسُ هذهِ السلسلةَ ليصلوا جنوبَ روسيا الإتحاديةِ أوسيتيا بمنطقةِ خيفي الجورجيا, ليعلنوا عن حفرِ نفقٍ خلالِ هذهِ السلسلةِ -النَقْبُ-, بل ويظهروهُ بخطوطِهِم الجويةِ على مدارِ الساعةِ, فكلُّ ذلكَ لا يعني التحركَ العسكري المباشرَ أبداً, وهذا واضحٌ في كلِّ الآياتِ والرواياتِ التي تتكلمُ عن أحداثِ حالِ آخرِ الزمانِ !!!
وهذا الإنهيارُ لا يعني السقوطَ والتحطمةَ بالضرورةِ, بل ربمَا يعني أنَّ وجودَ هذا السدِ وعدمِ وجودهِ صارَ سواءٌ بالنسبةِ لإلةِ الحربِ الحديثةِ والمتطورةِ, وعندَ تحققِ هذا الإنهيارِ, ننتظرُ تحققَ الزحفِ والتحركَ الذي وعدَنَا بهِ ربنَا عزَ وجلَّ, ليشفي بذلكَ قلوبَ قومٍ مؤمنينَ, ويحققَ لنَا ما وعدَنَا بقولهِ :
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور 55 ...
اللهُ أكبــــرُ اللهُ أكبــــرُ اللهُ أكبــــرُ اللهُـــم صلِ على محمدٍ والِ محمد ...
اللهُ أكبــــرُ اللهُ أكبــــرُ اللهُ أكبــــرُ اللهُـــم صلِ على محمدٍ والِ محمد ...
اللهُ أكبــــرُ اللهُ أكبــــرُ اللهُ أكبــــرُ اللهُـــم صلِ على محمدٍ والِ محمد ...
ولا تنسوني في الدعاءِ ...
أجوجُ ومأجوج واقترابُ إنهيارِ السَدِ :
ليسَ مِن العقلِ ولا مِن الحكمةِ أن يستفادَ المقابلُ أيمَا إسفادةٍ مِن تراثِنَا الديني والعقائدي والفكري, بينَمَا نبقى نحنُ المسلمونَ بِمَنأى عنهُ, وكأنمَا بيننَا وبينهُ ردماً, ولَم يستفِدْ هؤلاءِ مِن الموروثِ الإسلامي لغرضِ خدمةِ الإسلامِ والمسلمينَ أو لخدمةِ أبناءِ ديانَتِهِم, بل إستطاعوا أن يوظفوا الكثيرَ مِن المورثِ الديني لمحاربةِ المتدينينَ, كأن يكونوا حجرَ عثرةٍ في إقترابِ ساعاتِ الخلاصِ ونهايةِ الظلمِ والجورِ, مِن خلالِ عرقلةِ أسبابهِ ومسبباتهِ !!!
بل كَمَا يجبُ علينَا حفظَ التراثِ مِن الضياعِ ومِن التلفِ, كذلكَ الحالُ يجبُ علينَا أن نَتَمَعنَ فيهِ وفي مضامينهِ محاولينَ فِهْمَهُ والتعرفَ على مكنونِ سِرهِ ومكامنِ قوتهِ, وهذا مايدفعُنَا الى الكتابةِ والإستمرارِ في طرحِ هذهِ السلسلةِ المباركةِ إن شاءَ اللهُ ربُ العالمينَ ...
ويجبُ عَلَينَا أيضاً أن نستخفَ بالدعاوى الباطلةِ التي يُطلقهَا سفلةُ الناسِ وشرارُ الخلقِ وسرابيتُ المستشكلينَ مِن الذينَ يُعرفونَ أنفسَهُم بالماديينَ أو اللادينيينَ, والتي مفادُ الكثيرِ مِنهَا :
"إنَّ تمسكَ المظلومينَ بالأخبارِ الناقلةِ لإنتهاءِ الظلمِ والجورِ الى غيرِ رجعةٍ, وسيادةِ العدلِ والإحسانِ والمساواةِ, لهو حلمٌ ورديٌ يعيشهُ المظلومونَ والمضطهدونَ لِيخففوا بهِ عن آلامِهِم وفشلِ رسالاتِهِم التي عجزتْ عِن رسمِ مستقبلٍ لَهُم كأممِ متطورةِ ومتقدمةِ كِمَا هُم الماديونَ اليومُ" !!!
وبالحقيقةِ أنَّ هذهِ الدعوى كَمَثيلاتِهَا مِن الدعاوى التي تُخفي خلفَهَا عشراتِ الأهدافِ والمُراداتِ التي يَبغي غيرُ الماديينَ مِن اليهودِ والمسيحِ أن يصلَ إليهَا المجتمعُ المسلمِ, فبعدَ أن يأسَ الكثيرُ مِن التبشيريينَ المسيحِ وإنسدادِ بابِ الدعوةِ الى الديانةِ اليهوديةِ, فخيارُ الإنحرافِ الفكري والعقائدي والإنحلالِ النفسي والديني يكونُ هو الراجحُ بالنسبةِ لهُم بطبيعةِ الحالِ, فمَن لا يرغبُ بِالإلتحاقِ بغيرِ الإسلامِ ولا يرضى بتركهِ, فخيارُ تركهِ كالمعلقِ بلا هدفٍ هو الراجحُ أكيداً !!!
#وبالحقيقةِ ...
أنَّ هؤلاءِ التبشيريينَ والمضللينَ اليهودِ لا يخافونَ مِن الإسلامِ كدينٍ خاتمٍ للأديانِ السماويةِ, لإيمانِهِم بخاتميةِ أديانِهِم, ومَا الإسلامُ إلا دينٌ مِن الأديانِ الأرضيةِ المخترعةِ مِن رجالاتِ الجزيرةِ العربيةِ, وهذا مِن حقهِم قولهُ بطبيعةِ الحالِ, لأنَّ القولَ بتأخرِ الإسلامِ عن الديانتينِ اليهوديةِ والمسيحيةِ فرعُ وجوبِ الإلتحاقِ بهِ والإيمانِ بتعاليمهِ ...
وإذا آمنَا بهذهِ النتيجةِ التي أضطرَ اليهودُ والمسيحُ قولَهَا, كَانَ مِن اللازمِ علينَا أن نُؤمنَ في نفسِ الوقتِ أنَّ هذهِ الدعوى سياسيةٌ أكثرُ ممَا هي دينيةٌ, لأنَّ الإيمانَ بخاتميةِ وتأخرِ الإسلامِ على الديانتينِ يُلزمُ المقابلَ وجوبَ الإلتحاقِ بهِ, بل والتعبدِ بتركِ غيرهِ, بل والحكمِ بتكفيرِ مَن لَم يلتحقْ بهِ !!!
وهذا سِرُ الإختلافِ الجوهرِ بينَ الطواغيتِ عبرَ العصورِ المنصرمةِ الى وقتِنَا الحالي مع المخلصينَ الممحصينَ مِن الأنبياءِ والرسلِ والصالحينَ, لأنَّ القولَ بأحقيةِ هؤلاءِ المصطفينَ يستلزمُ تقديمَ مقاليدِ الحكوماتِ بأموالِهَا وجيوشِهَا وقصورِهَا وعبيدِهَا إليهِم, وأفضلُ طريقةٍ للتخلصِ مِن هذهِ النتيجةِ المُرَةِ والكابوسِ المزعجِ القولُ بإنحرافِ هؤلاءِ المخلصينَ على طولِ الخطِ, والقولُ بإنحرافِهِم يستلزمُ جوازَ قتلِهُم وملاحقتِهُم والتخلصِ مِنهُم, فبدلاً أن يكونوا حكاماً ورؤساءً وقياداتٍ للمجتمعِ نحو الصلاحِ والإصلاحِ, سيكونوا مِن المطلوبينَ المجرمينَ الملاحَقِينَ قانونياً وقضائياً !!!
#ولكن ...
أنَّ الحكمةَ الربانيةَ إستطاعتْ أن تحفظَ الكثيرَ مِن هذا التراثِ الديني في الأديانِ الثلاثةِ اليهوديةِ والمسيحيةِ والإسلاميةِ, مِن خلالِ إستعمالِ الرمزيةِ في طرحِ المسائلِ المتعلقةِ في مستقبلِ البشريةِ, والتكلمِ عن إنهايةِ الظلمِ والجورِ, وقيامِ دولةِ العدلِ واليومِ الموعودِ ...
فمَنَ فسرَ الرمزيةَ مِن علماءِ المسلمينَ على أساسِ قاعدةِ : (كلمْ الناسَ على قدرِ عقولِهَا) فهي صحيحةٌ بالجملةِ -بعضُ الشيءِ-, ولكنَ هنالكَ أمرٌ كبيرٌ لَم يلتفتْ إليهِ الكثيرُ مِن الباحثينَ ولا الكاتبينَ مِن فرقِ الإسلاميةِ كافةً, بأنَّ ليسَ التكلمُ بالرمزيةِ لمصلحةِ إفهامِ المقابلِ بمَا يتناسبُ مع إدراكهِ العقلي فقط, وإنَّ تعمدَ التكلمِ معهُ بلغةِ ومفاهيمِ غيرِ عصرهِ بمثابةِ أن تتكلمَ بِلغةٍ أجنبيةٍ مع مَن يجهلُهَا !!!
بل للطريقةِ الرمزيةِ والتحدثِ بلغةِ الأسطورةِ لهَا عدةُ مصالحٍ ومِنهَا الحفاظُ على سريتِهَا الى قابلِ الدهورِ, ووقتِ حصولِ الإرهاصاتِ المتاخمةِ لبدايةِ اليومِ الموعودِ كحصولِ الصدامِ العالمي بينَ أعتى خلقِ اللهِ على وجهِ الأرضِ, وأنَّ إفهامَ هذهِ النبوءاتِ والأخبارِ الغيبيةِ الى غيرِ جيلِهَا بمثابةِ اللغو, كَمَا تُحذرُ شخصاً مِن الغرقِ في البحيراتِ الصناعيةِ المشيدةِ خلفَ أعظمِ السدودِ في العالمِ, وهو لَم يرَ سوى البئرِ أو النهرِ الجاري !!!
#نعم ...
إعتمادُ الطرقِ الطبيعيةِ في نقلِ الأخبارِ عبرَ رواةِ الحديثِ, ألزمَ الأنبياءَ والمرسلينَ والأئمةَ الصالحينَ عليهم الصلاةُ والسلامُ أجمعينَ بالحديثِ بهَا في غيرِ أهلِهَا لغرضِ أن تنتقلَ الى أهلِهَا في آخرِ الزمانِ, وللحفاظِ على عدمِ اللغويةِ في نقلِ الخبرِ إليهِم وتلاوةِ الحديثِ عليهِم, ألتزمَ الأئمةُ عليهم الصلاةُ والسلامُ في إسلوبِ الرمزيةِ والتوريةِ والإستعارةِ اللغويةِ, بحيثُ أن السامعَ والناقلَ والناقلينَ بعدَهُم يستفادُ كلٌّ منهُم على حِدَةٍ, الى أن تصلَ تلكَ الأخبارُ والمأثرُ الى أهلِ زمانِهَا الذينَ يستفادونَ مِنهَا حقَ إستفادَتِهَا, فيكونُ بذلكَ النبي والرسولُ والصالحُ عليهُم الصلاةُ والسلامُ قد أدى حقَ الرسالةِ مِن واجبِ التبليغِ والتوصيلِ قدرِ المستطاعِ ...
إذا لولا هذهِ الرمزيةُ والتوريةُ والإستعارةُ وفنونُ البلاغةِ كافةً في نقلِ آخبارِ آخرِ الزمانِ والإرهاصاتِ المرتبطةِ بهَا, لَمُحِقَتْ هذهِ الأخبارُ مِن الرعيلِ الأولِ, بل لقصدَهَا المعنيونَ بهَا وبِمَفاداتِهَا أولاً قبلَ غيرِهَا حرقاً وتحريفاً وتضيعاً, كَمَا حصلَ في أخواتِهَا مِن الأخبارِ, حتى بتنَا ننقبُ ساعاتٍ طوالاً مِن أجلِ أن نحلَ التعارضاتِ ونُميزَ الصحيحاتِ مِن السقيماتِ, بل لولا هذهِ الفنونُ البلاغيةُ بأعلى مضامينِهَا التي نُقِلَتْ بهَا هذهِ الأخبارُ لمَا آنَسَهَا الرواةُ وتناقلوهَا كابراً عن كابرٍ, بل لتناقلَهَا الرعيلُ الأولِ مِنهُم دونَ الثاني, ظناً مِنهُم أن لا ثمرةَ مترتِبَةٌ في نقلِهَا !!!
وبالإضافةِ للعاملِ الرمزي والبلاغي في فنونِ الإستعارةِ والتوريةِ التي حُفِظَتْ بهَا هذهِ المأثرُ, هنَالكَ مَا لايقلُ أهميةً عنهَا, كعاملِ الإخفاءِ الزمني, وإيهامِ المقابلِ أنَّهَا ربَّمَا تحصلُ فورَ القولِ بهَا, أي ربَّمَا تحصلُ في أي جيلٍ مِن الأجيالِ المعصرةِ, أو الأجيالِ المتاخمةِ للجيلِ المعاصرةِ, حتى يُجهدَ الراوي والناقلُ للحديثِ الحفاظَ عليهِ مِن الضياعِ والإهمالِ, لا لشيءٍ سوى أن وقتَ إنطباقِ هذهِ النبوءةِ أو الأخبارِ الغيبيةِ سيكونُ في وقتٍ قريبٍ جداً, والواجبُ على الناقلِ التحذيرَ مِنهُ ومِن شرهِ مِن خلالِ نقلِ الخبرِ !!!
وأدلُ دليلٍ على ذلكَ ما قالَ بهِ النبي (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) في الدجالِ عليهِ اللعنةُ والعذابُ الأليمِ : "غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ , إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ , وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ , وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ", فهو عليهِ وعلى آلِ بيتهِ الصلاةُ والسلامُ أخطرَ في ذهنِ المقابلِ إمكانيةَ خروجِ الدجالِ في وقتِ وجودهِ عليهِ السلامُ أو بعدَ وفاتهِ مِن قريبٍ أو بعيدٍ, وهذا ما إستدعى حفظِ الحديثِ الى الوقتِ الحالي, مِن خلالِ توقعِ ظهورهِ فيأي جيلٍ مِن الأجيالِ !!!
#والأعجبُ ...
مِن ذلكَ تجدَ أنَّ الرواياتِ والأحاديثَ التي تتحدثُ عن آخرِ الزمانِ وإرهاصاتِ اليومِ الموعودِ والصدامِ الذي يُنهي التواجدَ الظالمَ, عاضدتْ بعضُهَا بعضاً, ليسَ في الدينِ الواحدِ فقط, بل على طولِ الدياناتِ السماويةِ بأجمعِهَا, بالرغمِ مِن إنمحاقِ التعاليمِ اليهوديةِ والمسيحيةِ عن بكرةِ أبِيهَا إلا مِنهَا, فلم تَطالْهَا أقلامُ المدلسينَ, ولا شبهاتُ العابثينَ, ولا محاربةُ المنكرينَ, كَمَا طالَ غيرَهَا مِن التعاليمِ والأحكامِ والنصوصِ !!!
فالأخبارُ التي تناولتْ خروجَ المصلحِ وظهورَ الدجالِ وفتحَ يأجوجَ ومأجوجَ والحربَ الكبرى واليومَ الموعودَ وغيرَهَا, جاءتْ متواترةً عبرَ الرسالاتِ جميعاً, ويعضدُ بعضُهَا بعضاً, حتى صارتْ عقيدةً مشتركةً بينَ المتدينينَ المسلمينَ والمسيحِ واليهودِ تقريباً, على الرغمِ من تمايزِ هذهِ الأديانِ عن بعضِهَا البعضِ الى درجةِ الإختلافِ المطلقِ, مِن حيثُ الفقهِ والأخلاقِ والباطنِ, بل لا يوجدُ غيرُ ما يُرتبطِ في إرهاصاتِ وعلاماتِ اليومِ الموعودِ متفقٌ عليهِ أبداً !!!
#وهنا ...
لابدَ مِن الإشارةِ الى شيءٍ جليلٍ جداً جداً جداً, وهو :
إنَّ أفضلَ الأحقابِ الدنيويةِ عندَ اللهِ تعالى هي حقبةُ آخرِ الزمانِ, وإلا لمَاذا تمسكَ وإهتمَ الأنبياءُ والمرسلونَ عليهِم وعلى نبينَا الصلاةُ والسلامُ بالأخبارِ المتعلقةِ في علاماتِ آخرِ الزمانِ وأشراطِ ساعةِ قيامِ القائمِ وإرهاصاتِ بزوغِ الدولةِ الإلهيةِ العادلةِ الموعودةِ, الى درجةِ بقاءِ آثارِهَا بعدَ غيبابِ أعيانِهَا بخلافِ تلكَ التي نقلتْ الفضيلةَ والنهي عن الرذيلةِ والتي لم يبقَ لهَا أثراً مِن بعدِ عينٍ !!!
فلذا كَمَا إهتمَ هؤلاءِ العظماءُ الأجلاءُ الأتقياءُ الأنقياءُ بنقلِ الأخبارِ المتعلقةِ بعلاماتِ قيامِ دولةِ العدلِ الإلهيةِ, فكذلكَ يجبُ علينَا أن نُلزمَ أنفسنَا بنفسِ الدرجةِ مِن حيثُ النقلِ والتمحيصِ والمذاكرةِ والتفقهِ لهذهِ الأخبارِ الى درجةِ جعلِهَا فاكهةَ الحديثِ وسلوى النفوسِ وأملَ اليائسِ وزادَ المحرومِ, فإن أصبنَا زمانَهَا فلنَا نعمتينِ, نعمةُ التفقهِ والنصرةِ, وإن لَم نصبْهَا فلنَا مثلَهُمَا أيضاً التفقهُ وإنتظارُ الفرجِ ...
وليسَ لقائِلٍ القولُ أبداً "إنَّ ما تناقلتهُ أخبارُ المسلمينَ والمسيحَ هي عقائدٌ يهوديةٌ بامتيازٍ, تَم نقلُهَا عن طريقِ تناقلِ الأخبارِ, وتلاقحِ الأفكارِ عبرَ الكثيرِ مِن الأحرارِ, الذينَ إنتقلوا بينَ الدياناتِ بعنوانِ الإلتحاقِ ككعبِ الأحبارِ, والذي نقلَ آلافَ الأحاديثِ مِن اليهوديةِ الى التراثِ الإسلامي, حتى تَوهمَهَا كبارُ الصحابةِ والمحدثينَ والرواةُ أنَّهَا مِن عبائرِ الرسولِ المختارِ وآلهِ الأطهرِ, بالرغمِ مِن إتحادِ الفترةِ الزمنيةِ بينَهُم" !!!
لأنَّ التراثَ الإسلامي المودوعَ في كتابِ اللهِ تعالى خيرُ دليلٍ على بطلانِ إنتقالِ مِثلَ هذهِ الأفكارِ الى الموروثِ الإسلامي, الى حدِ إعتقادِ المسلمونَ بهَا, لأنَّهَا جاءتْ في محكماتِ الآياتِ, والواضحاتِ البيناتِ, والكثيرُ مِنهَا في الباقياتِ المتشابهَاتِ ...
#وبالحقيقةِ ...
أنَّ الغموضَ الذي إكتنفَ هذهِ الأخبارَ الناقلةِ الى إرهاصاتِ اليومِ الموعدِ, لَم تتفردْ بهَا الأخبارُ والأحاديثُ والآثارِ, بل أنَّ القرانَ الكريمَ كانَ أكثرَ غموضاً في نقلِهَا الى حدِ عدمِ فهمِهَا بالمطلقِ تقريباً, كَمَا هو الحالُ في موطنِ البحثِ ومحلِ الشاهدِ التي تتناولُتْهُ هذهِ السلسلةُ المباركةُ إنشاءَ اللهُ تعالى, ألا وهو يأجوجُ ومأجوجُ وقصةُ إنهيارِ السدِ ...
حيثُ أنَّ الآياتِ التي تناولتْ آخبارَ آخرِ الزمانِ كانتْ مِن صنفِ المتشابهاتِ وليسَ المحكماتِ, والتي لا يُمكن أن يحكمَ أمرهَا إلا اللهُ تعالى مجدهُ وعلا شأنهُ فقط, حيثُ قالَ تعالى في محكمِ كتابهِ العزيزِ الحكيمِ : {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ } آل عمران 7 ...
ومِن هذهِ الآياتِ التي تناولتْ أحداثَ آخرِ الزمانِ ما جاءتْ في سورةِ الكهفِ : {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً{93} قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً{94} قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً{95} آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً{96} فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً{97} قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً{98} وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً},
ومَا جاءَ في سورةِ الأنبياءِ أيضاً : {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ{96}} ...
وهذهِ الفكرةُ وهذا المفهومُ وهذهِ الحكايةُ والنبوءةُ والأخبارُ بالغيبِ عن أكبرِ حدثِ مِن أحداثِ آخرِ الزمانِ, قد جاءتْ في كلا الديانتينِ اليهوديةِ والمسيحيةِ, بل أنَّ القولَ بهِمَا مِن المسلماتِ عندَهُمَا ...
حيثُ جاءَ عندَ اليهودِ في سفرِ حزقيلَ :
"يَا ابْنَ آدَمَ، اجْعَلْ وَجْهَكَ عَلَى جُوجٍ، أَرْضِ مَاجُوجَ رَئِيسِ رُوشٍ مَاشِكَ وَتُوبَالَ، وَتَنَبَّأْ عَلَيْهِ ....... وَأُرْسِلُ نَارًا عَلَى مَاجُوجَ وَعَلَى السَّاكِنِينَ فِي الْجَزَائِرِ آمِنِينَ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ" ...
وجاءَ في تفسيرِ المعنى الرمزي لهذا الخبرِ في تفسيرِ سفرِ حزقيلَ : "يُفسر البعض جوج وماجوج علي أنهما رمز لروسيا معتمدين علي كلمة "روش" بكونها اسمًا قديما لروسيا, هؤلاء يفسرون كلمة ماشك كرمز لموسكوعاصمة روسيا وتوبال رمز لتوبالت أيضًا بروسيا ... وكأن النبوة تشير إلي آلام تجتازها الكنيسة في آخرالدهور من تحرك عدة شعوب بقيادة روسيا" ...
بينمَا جاءَ عندَ المسيحِ في سفرِ رؤويا يوحنا في الصحاحِ العشرينَ الآيةِ عشرينَ قولهُ : "ويخرج ليضل الأمم الذين في أربع زوايا العالم، جوج وماجوج ليجمعهم للحرب الذين عددهم مثل رمل البحر, فصعدوا على عرض الأرض، وأحاطوا بمعسكر القديسين وبالمدينة المحبوبة، فنزلت نار من عند الله من السماء وأكلتهم"
وجاءَ في تفسيرِ هذا النصِ مِن نفسِ السفرِ : (أن قبائل معينة خاضعة لأحد الملوك العشرة التي تعاصر ضد المسيح يجتمعون بمدينة أورشليم لمقاتلة إيليا وأخنوخ والباقين من الكنيسة في أورشليم ولكن الله يرسل نارًا ليحرقهم, ويرى البعض أن "جوج وماجوج" لا تعني قبائل معينة بل كل الشعوب المنحرفة التي يجتمع جنودها لمقاومة الكنيسة لكن الله يؤدبهم بنار سماوية) ...
#وهنا ...
قد رأينَا هذا الإتفاقَ العجيبَ في نقلِ هذهِ الحكايةِ والواقعةِ التي ستحصلُ في آخرِ الزمانِ, حيثُ أنبأتْ هذهِ الحكاياتُ الثلاثةُ عن خروجِ يأجوجَ ومَأجوجَ, ولكن هذا الإخبارُ لم يأتِ إلا بطريقةٍ رمزيةٍ, ومكتنفةٍ بالصعوبةِ والغموضِ, وفي جميعِ المصادرِ المقدسةِ في الأديانِ السماويةِ على إختلافِهَا !!!
وبالحقيقةِ أنَّ نقلَ هذهِ الأحداثَ والتي تتواترُ معنوياً -ومِن قبلِ أديانٍ يكفرُ بعضُهَا بعضاً- يكشفُ لنَا وبوضوحِ وحدةِ المُرسلِ ووحدةِ الجهةِ والناحيةِ, وإلا كيفَ للماديينَ واللادينيينَ والإلحاديينَ يُمكن أن يُفسروا لنَا ذلكَ ؟!!
وبالمقابلِ أنَّ هذهِ الرمزيةَ كمَا أسلفنَا كانتْ هي السببُ المباشرُ في حصولِ هذا الإتفاقِ وعدمِ التعارضِ أبداً, بحيثُ إتفقتْ الدياناتُ الثلاثةُ على إنحرافِ جهةِ يأجوجَ ومأجوجَ, ووحدةِ ناحيةِ الخروجِ لهُم, ووحدةِ الزمنِ لتلكَ الإنطلاقةِ العالميةِ !!!
#الآن ...
وبعدَ أن تيقنَا هذا الإتفاقَ في النقلِ, وعرفنَا التواترَ المعنوي بينَهَا لذكرِ هذهِ الجهةِ المنحرفةِ, والإتفاقَ حتى على توقيتِ خروجِهَا, بل وإنَّهَا ستكونُ هي الفئةَ الباغيةَ التي تبتغي القتلَ, حتى ينتصرَ اللهُ تعالى بنفسهِ وينزلَ العقابَ عليهِم ويجعلهُم صرعاً في الفلواتِ والقفارِ !!!
جاءَ السؤالُ عن إحتماليةِ وحدةِ الجهةِ التي ذكرتْ يأجوجَ ومأجوجَ والدجالَ المنحرفَ, أي عن إمكانيةِ طرحِ يأجوجَ ومأجوجَ على كونِهِمَا نفسِ المسيحِ الدجالِ, أي أنَّ الإختلافَ بينَهُمَا إختلافٌ لفظيٌ ومِن جهةِ الوصفِ فقط, لذا تعددتْ اللألفاظُ والكنى مِن هذهِ الناحيةِ, وإلا إنَّ الطرفينِ همَا طرفاً واحداً, وهذا الطرحُ وإعتمادُهُ كأطروحةٍ محتملةٍ ناتجٌ عن تشابهِ الكثيرِ من الحيثياتِ التي يُوصَفُ بهِمَا الطرفانِ, بل عدمِ وجدانِ الكثيرِ مِن المعاني الخارجيةِ والواقعيةِ لهَا, بل وصعوبةِ التصديقِ بتحققهَا واقعاً, جعلتْ إطروحةَ إتحادِ المعنى ممكناً وجائزاً !!!!
ولكن هذا الفرضُ وهذهِ الأطروحةُ بعيدةٌ جداً, بل ومخالفةٌ للمباني الغويةِ التي نفهمُ بهَا الكلامَ, بل ومخالفةٌ كلَّ الخلافِ لهَا, لختلافِ المواردِ التي نقلتْ أنَّ الجهتينِ مختلفتانِ ولا رابطَ بنَهُمَا إلا الإنحرافُ والفسادُ والإفسادُ, هذا مِن وجهةِ نظرِ الديانتينِ الإسلاميةِ والمسيحيةِ, وإلا فإنَّ اليهوديةَ لا تؤمنُ بحقيقةِ وحدةِ الجهةِ أصلاً, لستحالةِ أن يكنَ المنقذُ منحرفاً كيأجوجَ ومأجوجَ وصالحاً كالمسيحِ الدجالِ في نفسِ الوقتِ, لأنَّ الدجالَ الذي يُؤمنُ اليهودُ بهِ, يؤمنونَ بصلاحهِ وبأنهُ هو المنقذُ لهُم, كمَا أسلفنَا في الحلقةِ السابقةِ وتحتَ نفسِ العنوانِ, حيثُ بينتْ العقائدُ اليهوديةُ, بأنَّ المسيحَ هو مِن ذريةِ نبي اللهِ داودَ (عليهِ السلامُ), وهو رجلٌ مباركٌ وممسوحٌ بالدهنِ, والذي يحققُ لليهودِ دولتُهم الموعودةَ !!!
بينمَا آمنَ المسيحُ بختلافِ معنى الدجالِ ومعنى يأجوجَ مأجوجَ, كَمَا إختلفَ لفظيهِمَا, وكمَا تعددتْ المواردُ الحاكيةُ عنهُمَا, بالرغمِ مِن عقيدَتِهمَ بإنحرافِ الطرفينِ, وبإنتهاءِ الطرفينِ في نفسِ الوقتِ, وهو آخرُ الزمانِ وتحققُ اليومِ الموعودِ, وهذا يطابقُ جلياً ما ذهبَ المسلمونَ لهُ تقريباً, حيثُ آمنَ المسلمونَ بإنحرافِ الجهتينِ معاً, كَمَا آمنوا بإنتهائِهِمَا قبيلَ تحققِ الدولةِ الإلهيةِ الموعودةِ, بل وجعلُ هلاكَهُمَا مِن علاماتِ تحققِ الدولةِ الإلهيةِ المرتقبيةِ تحققِهَا في آخرِ الزمانِ على يدي سليلِ بيتِ النبوةِ الإمامِ المهدي (عليهِ السلامُ) ...
ولذا خلافُ الظاهرِ وتعددِ المواردِ التي ذكرتْ الدجالَ ويأجوجَ ومأجوجَ, أن نجعلَ الطرفينِ طرفاً واحداً, والموردينِ برغمِ مِن إختلافِهِمَا مورداً واحداً, وهذا خلافُ الظهورِ بتعددِ المواردِ, بل وخلافُ الصفاتِ التي ميزتْ أحدهُمَا عِن الآخرِ, لذا فالقولُ بوحدةِ يأجوجَ وماجوجَ والدجالَ قولُ سقيمٌ لا يقومُ أبداً ...
#وهُنَا ...
يأتي السؤالُ المحيرُ في الوهلةِ الأولى, عن كيفيةِ هلاكِ الدجالِ في آخرِ الزمانِ, بعدَ أن تناقلتْ الأخبارُ قوتهُ وسطوتهُ وسلطتهُ وسطوتهُ, بل تناقلتْ أنهُ يحيي ويميتُ, ويرزقُ ويمنعُ, ويُعطي ويأخذُ, وتتبعهُ الكنوزُ كاليعاسيبِ, حتى يظنُ الناسُ إنَّهُ اللهُ تعالى, لكبيرِ قدرتهِ, وواسعِ سطوتهِ, وعظيمِ سلطتهِ, لذا جاءَ التحذيرُ مِن الرسولِ المختارِ وآلهِ الأطهارِ وصحبهِ الأبرارِ بأنَّ اللهَ تعالى ليسَ بأعورِ ولا ترونهُ أبداً !!!
نعم لكي يُقْتَلَ الدجالُ نحتاجُ الى كفي المسيحِ (عليهِ السلامُ), كَمَا نحتاجُ الى كفي القائمِ المهدي (عليهِ السلامُ) الى ذبحِ السفياني والشيطانِ الرجيمِ, ولكن هذا القتلُ وهذا الذبحُ في تلكَ البقعةِ المباركةِ لابدَ لهَا مِن المقدماتِ الشيءِ الكثيرِ, بحيثُ أنَّ الدجالَ سيفقدُ الكثيرَ مِن قواهُ الى درجةِ يتمكنُ المصلحُ مِن قتلهِ وتخليصِ الناسِ مِن شرهِ الى الأبدِ, وإلا ليسَ مِن العقلِ أن نفترضَ بوجودِ مَن يستطيعُ قتلَ ذلكَ المتسلطَ الساحرَ مع ما يملكُ من عواملِ القوةِ والجبروتِ التي تُؤهلانهُ الى الدعوةِ الى ربوبيةِ نفسهِ والعياذُ باللهِ تعالى, وعلى يدِ مَن نعتقدُ بضعفِهَمَا الذي كانَ سبباً لغيابِهِمَا ...
إذن لابدَ لنَا مِن أن نفترضَ أنَّ هنالكَ قوى موازيةٌ لقوةِ الدجالِ, وهذهِ القوةُ لَم يُأذنْ لهَا بالتحركِ مِنذُ قابلِ الدهورِ, بل منذُ أن حكمَ اللهُ تعالى عليهَا بالسجنِ المؤبدِ مدى الحياةِ, حتى : {... إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ}, وأقصدُ بعدمِ الإذنِ لهَا, هو أن تتحركَ بهذا العددِ الهائلِ بحيثُ يملؤونَ أقطارَ الأرضِ باتجاهاتِهَا الأربعةِ, متقدمينَ كالموجِ للحربِ ونهايةِ سطوةِ الدجالِ اللعينِ ...
وإلا كيفَ نفكرَ كعقلاءٍ أنَّ مَن يدعي الربوبيةَ بكلِّ ما لهَا مِن معاني وقدراتٍ كذباً ودجلاً وسحراً ونفاقاً, أن يَتُمَ قتلهُ والخلاصَ مِنهُ ومِن شرهِ الى غيرِ رجعةٍ, بدونِ فرضِ الندِ والمقابلِ والموازي لهُ بالقوةِ والسطوةِ تقريباً ؟!!
ولكنَّ لابدَ هنَا أن نلتفتْ بشكلٍّ كبيرٍ جداً, إنَّ حركةَ يأجوجَ ومأجوجَ أكثرُ غموضاً مِن حركةِ الدجالِ نفسهَا, حيثُ المنقولُ عن الدجالِ يُمكن أن يرسمَ لنَا الكثيرَ مِن تفاصيلِ تحركاتهِ وبالدقةِ, ولكنَّ بسببِ سيرتهِ بلباسِ الربوبيةِ والمسيحِ كذباً, هو مايجعلُ الكثيرَ عنهُ في غفلةٍ الى حدِ الثمالةِ في إدراكهِ, وبالتأكيدِ أن الحكيمَ الذي عرفَنَا بسيرةِ الدجالِ التفصيليةِ تعمدَ أن يجعلَ أخبارَ يأجوجَ ومأجوجَ مكتنفةً بالغموضِ الى درجةِ الجهلِ المطبقِ بحركَتِهَا, بل أنَّ الرمزيةَ والإستعارةَ والتوريةَ المستعملةَ في الدجالِ لا يُمكن أن تقارنَ بأي درجاتٍ مِن درجاتِ المقارنةِ مع ما تناقلتهُ أخبارُ يأجوجَ ومأجوجَ !!!
وبالحقيقةِ أنَّ تعمدَ الغموضِ هذا, ووصولِ الأخبارِ إلينَا حتى على مستوى مَنْ {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }فصلت 42, و {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر 9, بل وعلى مستوى أن يبقَ الكثيرُ مِن آثارِهَا وأعيانِهَا في كتبِ الأسفارِ للديانتينِ المسيحيةِ واليهوديةِ, كلَّهَا مجتمعةً تبعثُ على أن الغايةَ المتواخاةَ مِنهُم كبيرةٌ جداً, بل وتتناسبُ مع حدثٍ عظيمٍ جداً أيضاً !!!
وكذلكَ الحالُ في ذكرِ قوتِهِم وسطوتِهِم وسلطتِهِم وغرابةِ أشكالِهِم وطريقةِ حجزهِم, بل والتأكيدِ على كثرةِ أعدادِهِم وحجمِ تناسلِهِم وتكاثرِهِم, تُنَبِؤنَا بأنَّ القوةَ التي يملكونَهَا لا تبلغُ عشرَ معشارِ مايملكهُ الدجالُ, ولكنَّ بإمكانِهِم أن يكونوا كفواً لقوتهِ ونداً لسطوتهِ بسببِ ذلكَ العددِ الغفيرِ والحجمِ الكبيرِ, بحيثُ اتفقتْ الأسفارُ على اختلافِهَا مع القرانِ الكريمِ بأنَّهُم : {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ }الأنبياء 96 ...
ولا غرابةَ في الإبقاءِ على هؤلاءِ منذُ الدهرِ القديمِ, والذي لا يُحصي سنينهُ إلا الحسيبُ العليمُ, مِن أجلِ دحرِ قوةِ الدجالِ, وكبحِ جماحِ قدرتهِ, بعدَ أن تيقنَا أنَّ نفسَ الدجالِ لا مثيلَ لهُ في طولِ عمرهِ, وامتدادِ حياتهِ :) وأنهُ ليسَ مِن نبي بُعِثَ إلى قومٍ إلا ينذرُ قومَهُ الدجالَ ، وإنهُ قد بينَ لي ما لم يبينْ لأحدٍ ، وإنهُ أعورٌ ، وإن ربَكُم ليسَ بأعورٍ), فكَمَا أوجدَ اللهُ تعالى المبيرَ أوجدَ لهُ مَن يبيرهُ ويقضي على جبروتهُ الى حدِ الإنهيارِ النهائي !!!
#هنَا ...
وهَنا يُمكن للمقابلِ أن يُسجلَ إشكالاً بقولهِ :
إنَّ الطريقةَ التي تناولتهَا الأخبارُ مِن موتِ يأجوجَ وماجوجَ بطريقةِ العذابِ الأليمِ, حيثُ يبعثُ اللهُ تعالى عليهِم النغفَ مِن السماءِ, بعدَ أن يفرَ المسيحُ (عليهِ السلامُ) وأنصارهُ ويتحصنونَ بعيداً عن بطشِ هؤلاءِ, وهذهِ الأخبارُ لا تؤيدُ حصولَ المواجهةِ بينَ الدجالِ ويأجوجَ ومأجوجَ, بل أنَّ أمرَ قتلِهِم محضُ عذابٍ وعقابٍ سماويينِ !!!
ولكن يُمكن لنَا الردُ عليهِ بقولِنَا :
إنَّ العذابَ السماوي ليسَ بالضرورةِ أن يكونَ خارقاً للعادةِ, بل ربَّمَا يكونُ مِن سنخِ الأمورِ الإعتياديةِ عندَ بني البشرِ, ولكن تدخلُ في كبرى العذابِ الإلهي, حيثُ قَسَمَ اللهُ تعالى مجدهُ وعلا ذكرهُ العذابَ الى عدةِ شعبٍ بقولهِ عزَ جلَّ :{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ }الأنعام 65 ...
أنظرْ كيفَ أنَّ اللهَ تعالى جعلَ التقاتلَ والتناحرَ والتفرقَ واختلافَ الكلمةِ شُعَبَاً مِن شعبِ العذابِ والعقابِ, فكَمَا هو قادرٌ على أن يبعثَ البرقَ والرعدَ والصيحةَ والصرخةَ مِن السماءِ والخسفَ والرجفةَ والطوفانَ مِن الأرضِ كعقابٍ, كذلكَ هو قادرٌ على جعلِ تفرقِ الكلمةِ, واختلافِ الأسنةِ, مقدمةً لخلعِ الأعنةِ ...
وإذا ثبتْ عندنَا هذا التقسيمُ وهذا النوعُ مِن العذابِ الإلهي, صارَ مِن المتوقعِ جداً أنَّ أمرَ هلاكِ هؤلاءِ الطواغيتِ بهذهِ الطريقةِ مِن العقابِ, بل مِن خلالِ التتبعِ في كتبِ التأريخِ لَم أجدْ مصداقاً حقيقياً بالمعنى الحقيقي كعقابٍ أكثرَ مِن إنطباقِهِ على الحربِ والتقاتلِ بينَ هذهِ الفئاتِ الباغيةِ, وأقصدُ بهَا الدجالَ مِن ناحيةٍ ويأجوجَ ومأجوجَ مِن ناحيةٍ أخرى !!!
وهنَا لابدَ مِن الإلتفاتِ جيداً, أنَّ إعتبارَ التقاتلِ والتناحرِ بينَ المنافقينَ في آخرِ الزمانِ على كونهِ عذاباً وعقاباً إلهيينَ عندَ اليهودِ والمسيحِ على حدٍ سواءٍ, حيثُ إعتبرَ اليهودُ أن الهرمجدونَ سيحسبهَا هؤلاءِ المتصارعونَ على كونِهَا حرباً بينَ الجيوشِ, ولكنَّهَا هي حربٌ مع اللهِ تعالى, وهو الذي يكونُ طرفاً في النزاعِ والقتالِ لإنهاءِ تواجدِ هؤلاءِ من على سطحِ الأرضِ, , حيثُ جاءَ في كتابي حزقيال ٣٨:٢١، ٢٣؛زكريا ١٤:١٣: (ويخبرنَا الكتابُ المقدسُ ان بلبلةَ ستحدثُ في صفوفِ اعداءِ اللهِ بحيثُ يقتلُ بعضهم بعضاً، لكنهم سيدركونَ في النهايةِ ان اللهَ هو مَن يحاربَهُم) !!!
#ولكن ...
بحسبِ الإستقراءِ الذي سمحَ بهِ الوقتُ, وحسبِ الإطلاعِ السابقِ والمرتكزِ في الذهنِ, لم أجدْ أينَ ستكونَ نهايةِ يأجوجَ ومأجوجَ, بل إكتفَ تراثنَا مِن كتابِ اللهِ تعالى وسنةِ نبيهِ الكريمِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) ومَا جاءنَا مِن تراثِ أهلِ البيتِ (عليهُم السلامُ), بذكرِ إضرارهِم وفسادِهِم وطريقةِ خلقهِم وسجنهِم وخروجِهِم وموتِهِم, بينمَا لم أجدْ مكانَ قتلِهِم وهلاكهِم !!!
ولكن هنالكَ بعضُ الطرقِ التي يُمكن أن تفعنَا كثيراً في الإستدلالِ على مكانِ حربِهِم وقتلِهِم, فمثلاً ما جاءَ في صحيحِ مسلمٍ في بابِ الفتنِ وأشراطِ الساعةِ وفي البخاري في بابِ الفتنِ وفي المستدركِ وشرحِ الباري وغيرهِم كثير, عن زينبِ بنتِ جحشٍ أن النبي (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلم) استيقظَ من نومهِ وهو يقولُ : (لا إله إلا الله ويٌل للعربِ مِن شرٍ قد اقتربَ فُتِحَ اليومَ من ردم يأجوجُ ومأجوجُ .... قلتُ : يا رسولَ اللهِ أنهلكُ وفينا الصالحونَ؟ قال : نعم إذا كثر الخبثُ) ...
وفي مجمعِ البيانِ للطبرسي ج639-683/6 : عن حذيفةِ قالَ : سألتُ النبي (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) عن يأجوجَ ومأجوجَ, فقالَ : يأجوجُ أمةٌ ومأجوجُ أمةٌ ... مقدمتُهُم بالشامِ ومؤخرتُهُم في خراسانَ) ...
وقالَ وهبٌ ومقاتلٌ : أنَّهُم مِن ولدِ يافثَ بنِ نوحَ أبِ التركِ ...
وقالَ السدي : التركُ سريةٌ مِن يأجوجَ ومأجوجَ, خرجتْ تغيرُ فجاءَ ذو القرنينِ فضربَ السدُ فبقيتْ خارجهُ ...
#وطبعاً ...
صارَ واضحاً أنَّ الملحمةَ الكبرى والمصيبةَ العظمى التي سَوفَ يهلكُ بهَا يأجوجُ ومأجوجُ ستكونُ حصراً في أرضِ العربِ, وخوصاً في أرضِ الشامِ وما تاخمَهَا مِن الأراضي الأخرى, وهذا ما يتناسبُ مع الويلِ الذي قالَ بهِ رسولُ اللهِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) الذي سوفَ يُصبُ على العربِ, بل وهو سيكونُ صريحاً مِن حيثُ فهمِ أن مقدمةَ جيشِهِم ستكونُ في الشامِ, والمقدمةُ بطبيعةِ الحالِ هي مَن تباشرُ القتالِ أولاً ...
ومِن إختلافِ الرؤى في الحربِ النهائيةِ التي سيقودُهَا هؤلاءِ الظلمةُ والجبابرةُ, حيثُ تُسمى عندَ المسلمينَ بالملحمةِ والتي يكونُ مضوعُهَا أرضُ الشامِ حصاراً, وعندَ اليهودِ والنصارى بالهرمجدونِ التي ذكرنَاهَا في الحلقةِ السابقةِ, والتي تكونُ على أرضِ فلسطينَ, وتحديداً على تلالِ مجدو القريبةِ مِن حيفا, ومَا يؤيدُ ذلكَ ما جاءَ في سفرِ رؤويا يوحنا : "ويخرج ليضل الأمم الذين في أربع زوايا العالم، جوج وماجوج ليجمعهم للحرب الذين عددهم مثل رمل البحر, فصعدوا على عرض الأرض، وأحاطوا بمعسكر القديسين وبالمدينة المحبوبة، فنزلت نار من عند الله من السماء وأكلتهم" ...
ولكي نعرفَ المرادَ بالمدينةِ (المحبوبةُ) عندَ اليهودِ والمسيحِ, فلنَا أن نتابعَ ماقلهُ كبارُ علمائِهِم في تفسيرِهَا أو تأويلِهَا, حيثُ جاءَ في تفسيرِ هذا النصِ مِن نفسِ السفرِ : (أن قبائل معينة خاضعة لأحد الملوك العشرة التي تعاصر ضد المسيح يجتمعون بمدينة أورشليم لمقاتلة إيليا وأخنوخ والباقين من الكنيسة في أورشليم ولكن الله يرسل نارًا ليحرقهم) ...
وطبعاً إنَّ الإختلافَ في تحديدِ مكانِ الملحمةِ الكبرى والنهائيةِ, يأتي مِن الإختلافِ في العقيدةِ, وحتى لو لَم ندققَ في هذا الإختلافِ فستبقى أرضُ العربِ هي منطقةُ الملحمةِ والإقتتالِ العالمي, أسواءُ كانتْ أُورشليمَ -القدسُ المكرمةُ- أو الشامَ, ولكن إذا ماتوخينَا الدقةَ, فبالتأكيدِ ستكونُ الشامُ هي مسرحُ الأحداثِ دونَ أورشليمَ, لأنَّ الإصطفافَ الذي نلاحظهُ اليومَ لا يكونُ إلا بهَا, ناهيكَ عن صدقِ دينِنَا وطهارةِ عقيدتِنَا التي أخبرتنَا أن نهايةَ الحداثِ سيكونانِ في مركزِ الأرضِ وسُّرَّةِ العالَمِ العراقِ والشامِ !!!
#ولكي ...
يكتملُ البحثُ ويخرجُ بشكلٍ كاملٍ, لأبدَ لنَا من التعرفِ على يأجوجَ ومأجوجَ في الوقتِ الحالي, حيثُ أنَّ الراجحَ مِن الرواياتِ التي مرتْ سلفاً, أنَّ المرادَ مِنهُم التركَ, وبالتحديدِ ترك الخزر, حيثُ قالَ الضحاكُ : هم جيل من الترك, وقال السدي : الترك سرية من يأجوج ومأجوج ، خرجت فضرب ذو القرنين السد فبقيت خارجه ، فجميع الترك منهم, وعن قتادة : أنهم اثنان وعشرون قبيلة ، بنى ذو القرنين السد على إحدى وعشرين قبيلة فبقيت قبيلة واحدة فهم الترك, سموا الترك لأنهم تركوا خارجين ...
ولكن أثبتنَا في مقالٍ لنَا سابقاً, أنَّ المرادَ مِن التركِ الذينَ ينزلونَ أرضَ بصيرةِ الشامِ -قرقيسيا- هُم الروسُ المعروفونَ اليومَ, وليسَ الأتراكَ, وأقمنَا على ذلكَ دليلاً سياسياً, وكانَ المقالُ تحتَ عنوانَ #الخضمُ_الأميركي_يجبرُ_روسيا_على _القضمِ :
(https://m.facebook.com/story.php…)
وهنَا تشكلتْ عندَنَا رؤيا جديدةٌ وأطروحٌ محتملةٌ جداً, بأنَّ الرواياتِ التي ذكرتْ التركَ ونزلَهُم أرضَ العربِ, سيكونُ مِن الراجحِ أن يكونوا هُم أنفسَهُم الروسُ وِمن لَفَ لفهم, مِن الذينَ يقعونَ شمالَ جورجيا حالياً, لأنَّهُم هُم الوحيدونَ الذينَ يملكونَ هذهِ القدرةَ التي ذكرتْهَأ الرواياتُ, بل القادرونَ على إنزالِ أقصى العذابِ على الدجالِ اللعينِ, بحيثُ لايبقى مِنهُ إلا مايقومُ المسيحُ (عليهِ السلامُ) بذبحهِ إن شاءَ اللهُ تعالى ...
#وإنا ...
على علمٍ ويقينٍ أنَّ الكثيرَ سوفَ يصطدمُ بالسدِ الذي أنشأهُ ذو القرنينِ (عليهِ السلامُ), والذي حالَ بينَهُم وبينَ أن يغزوا مَن سواهُم مِن الأضعفِ أقواماً, لأنَّ هذهِ الصعوبةَ منشؤهَا نفسُ الرمزيةِ والتوريةِ والبلاغةِ العاليةِ في هذا الخبرِ, ولَم تخبرنَا الآيةُ إلا بنوعينِ مِن المعادنِ, وهمَا زبرُ الحديدِ والقطرانِ !!!
ومثلُ هذا السدِ لا وجودَ لهُ على سطحِ الأرضِ لحدِ الآنَ, بالرغمِ من التقدمِ العلمي والتكنلوجي, ولكن هذهِ نصفُ الحقيقةِ, لأنَّ الكثيرَ مِن الإكتشافاتِ العلميةِ لا يُصرحُ بهَا, لأنَّهَا ستكونَ مقويةً للكثيرِ مِن الإعتقاداتِ الدينيةِ عندَ البعضِ, وهذا مخالفٌ الى منهجِ التسطيحِ والألحَدَةِ والتسفيهِ الذي تُمارسهُ الديانتانِ اليهوديةُ والنصرانيةُ ...
وهذهِ الحيرةُ جعلتْ الكثيرَ مِن العلماءِ يفضلونَ السفرَ الى الفضاءِ بحثاً عن إيجادِ تأويلِ هذهِ الآيةِ, التي رمزيتُهَا سِرُ بقاءِهَا وإستمرارِتِهَا, كمَا هو الحالُ في الإشارةِ للكثيرِ مِن الحوادثِ والأشخاصِ في القرانِ الكريمِ, والذي ما لو صرحَ القرانُ الكريمُ بهَا, لمَا عدونا المسلمينَ أولَ مِن يسعى الى حرقهِ وتحريفهِ وتغييرهِ وتبديلهِ, ولكن شاءتْ الحكمةُ الإلهيةُ أن تكن الإشاراتُ مِن خيارِ جنودِ اللهِ تعالى مجدهُ وعلا ذكرهُ في حفظِ هذا الكتابِ الحكيمِ !!!
بينمَا إنَّ نفسَ الآيةِ في سورةِ الكهفِ قد أحكمتْ أمرَ التمكينِ لهذا العبدِ الصالحِ, حيثُ قالتْ : (وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً{83} إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً{84} فَأَتْبَعَ سَبَباً{85}),
وإنَّ هذهِ الآيةَ منفردةٌ تصلحُ رداً قاصماً لكلِّ ما طرحهُ #العالمُ_سبيطُ_النيلي في كتابهِ الموسومِ بــ (#الطورُ_المهدوي), لأنَّ التمكينَ الذي حبا بهِ اللهُ تعالى ذا القرنينِ تمكينٌ أرضيٌ لا غيرهُ, لذا لا طريقَ أبداً الى ماذهبَ إليهِ في فهمِ أن يأجوجَ ومأجوجَ كانا مِن كواكبٍ أخرى أبداً, لأنَّ التمكينَ تمكينٌ أرضي بنصِ الآيةِ الشريفةِ !!!
بل إنَّ أيَّ فهمٍ فهمهُ سبيطُ النيلي حولَ أيِّ سفرٍ خارجِ الكوكبِ أو في الجوِ حتى, بل وفي داخلَ الغلافِ الجوي كَمَا حصلَ مع النبي سليمانَ (عليهِ السلامُ) باطلٌ لا دليلَ عليهِ, إلا تأثراً بتلكَ الرمزيةِ التي حكمَ اللهُ تعالى بهَا على الآيةِ وبشكلٍ عجيبٍ جداً, طبعاً هذا مِن جملةِ الأبحاثِ التي سجلنَاهَا على سبيط وغيرهِ مِن العلماءِ, والتي لَم يرَ الكثيرُ مَنهَا النورُ الى الخارجِ حتى هذهِ اللحظةِ, إمَا بسببِ عدمِ القدرةِ على الطباعةِ أو التلفِ بعدَ طولِ الفترةِ على التأليفِ !!!
#ولكن ...
مالو تمعنَا قولهُ تعالى : (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً{84} فَأَتْبَعَ سَبَباً{85}), لفهمَنَا أنَّ التمكينَ كانَ ارضياً, والسلطةَ أرضيةً والولايةَ أرضيةً أيضاً, أي أنَّ اللهَ تعالى أعطى الولايةَ التكوينيةَ لهذا العبدِ الصالحِ, بحيثُ يتمكنُ مِن أن يسيطرَ على الكثيرِ مِن الأسبابِ التي أعطاها اللهُ تعالى لهُ دونَ سواهُ, بل وإنَّ إتباعَهُ لهذهِ الأسبابِ هو الذي مكنَ لهُ مِن بناءِ السدِ المذكورِ في القرانِ الكريمِ !!!
بل إنَّ ما يدلُ على ذلكَ رفضهُ لخراجِ القومِ الطالبينَ مِنهُ المساعدةِ, بذريعةِ أنَّ ما آتاهُ اللهُ تعالى خيرٌ مِمَا آتاهُم, حيثُ قالَ تعالى في سورةِ الكهفِ : (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً{94} قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً{95}) ...
وهُنَا لا يُمكنُ فهمِ التمكينَ عسكرياً وسلطوياً فقط, بل أنَّ فهمهُ على إطلاقِ التمكينِ في الأرضِ, مِن حيثُ الولايةِ التكوينيةِ عليهَا, لأنَّ هذا الفهمُ مدعوماً مِن ظهورِ الآيةِ وأطلاقِ اللفظِ, بل ويجعلُ الفهمَ لهذه ِالآيةِ ممكناً ولو جزئياً ...
#والذي_يؤيدُ_هذا_الفهمِ :
نفسُ السلسلةِ الجبليةِ بينَ جورجيا وأذربيجانَ وأرمينيا مِن جانبٍ وبينَ روسيا -التركُ- مِن جانبٍ آخرٍ, حيثُ أنَّ هذهِ السلسةَ الجبليةَ لا يُمكن عبورهَا لغرضِ الغزوِ أبداً في الوسائلِ المتاحةِ قديماً وحتى الوقتِ القريبِ مِن الآن, والعجيبُ أنَّ الكثيرَ مِن جبالِ هذهِ السلسلةِ يغلبُ عليهَا الجانبُ المعدني, لأنَّهَا تشكلتْ مِن الأحجارِ البركانيةِ, ولاتنسَ إننَا نتكلمُ عن مسافةٍ صغيرةٍ ألتي عمدَ ذو القرنينِ على سدِهَا وردمِهَا ...
وإنَّ المقذوفاتِ البركانيةِ كَما درسناهَا في الجيلوجيا, إمَا صلبةٌ أو سائلةٌ او غازيةٌ, وهذهِ العناصرُ الثلاثةُ كلُّهَا قد ذكرتْهَا الآيةُ الكريمةُ بقولِهَا : (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ -المقذوفاتُ الصلبةُ-حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا -المقذوفاتُ الغازيةُ- حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً-المقذوفاتُ السائلةُ-{96}) ...
وبالتالي طبقاً لنظريةِ التمكينِ الإلهي لهذا العبدِ الصالحِ, وبالقدراتِ التي متعهُ اللهُ تعالى بهَا, يُمكن أن يكونَ قد قامَ هذا العبدُ ببناءِ جبلٍ أو جزءٍ منهُ, وهذا يتناسبُ مع ظهورِ الآيةِ الكريمِة, حيثُ قالتْ : (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً{93} قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً{94} قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً{95}) ...
أي أنَّ السلسلةَ الجبليةَ كانتْ موجودةً أصلاً, حيثُ عبرتْ الآيةُ عنهمَا بالسدينِ, ولكن ما قامَ بهِ ذو القرنينِ هو عمليةُ ردمٍ لهذينِ السدينِ فقط, لذا فمَن أرادَ البحثُ عن هذا السدِ, فليبحثْ في لبِ الجبلِ لا في قشرتهِ وصخورهِ مِن الخارجِ, لأنَّهَا تغيرتْ عبرَ مرورِ آلافِ السنينَ, نتيجةً للعواملِ الطبيعيةِ مِن تعريةِ ريحٍ ومطرٍ وثلجٍ وحرٍ وبردٍ والثوراتِ البركانيةِ, حيثُ إنهارتْ الكثيرُ مِن مكوناتِ الجبالِ المحيطةِ بالردمِ ليتشكلُ مِنهُ جبلاً جديداً يصعبُ على الباحثينَ والجيلوجيينَ مِن نقصي خبرهُ مِن الظاهرِ !!!
#وهنَا_يجبُ_الإلتفات_أيضاً :
أنَّ تتابعَ الآيةِ لفظاً ليسَ بالضررةِ تتابعُ الأحداثِ خارجاً, وأقصدُ بنفي التتابعِ هو التلاصقُ الزمني التامُ, حيثُ أنَّ مجيءَ الوعدِ إذنٌ في إنهيارِ السدِ, إي التمكن مِن نقبهِ أو صعودهِ, وهذا حصلَ فعلاً فيهِ عندمَا نقبَ -ثَقَبَ- الروسُ هذهِ السلسلةَ ليصلوا جنوبَ روسيا الإتحاديةِ أوسيتيا بمنطقةِ خيفي الجورجيا, ليعلنوا عن حفرِ نفقٍ خلالِ هذهِ السلسلةِ -النَقْبُ-, بل ويظهروهُ بخطوطِهِم الجويةِ على مدارِ الساعةِ, فكلُّ ذلكَ لا يعني التحركَ العسكري المباشرَ أبداً, وهذا واضحٌ في كلِّ الآياتِ والرواياتِ التي تتكلمُ عن أحداثِ حالِ آخرِ الزمانِ !!!
وهذا الإنهيارُ لا يعني السقوطَ والتحطمةَ بالضرورةِ, بل ربمَا يعني أنَّ وجودَ هذا السدِ وعدمِ وجودهِ صارَ سواءٌ بالنسبةِ لإلةِ الحربِ الحديثةِ والمتطورةِ, وعندَ تحققِ هذا الإنهيارِ, ننتظرُ تحققَ الزحفِ والتحركَ الذي وعدَنَا بهِ ربنَا عزَ وجلَّ, ليشفي بذلكَ قلوبَ قومٍ مؤمنينَ, ويحققَ لنَا ما وعدَنَا بقولهِ :
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور 55 ...
اللهُ أكبــــرُ اللهُ أكبــــرُ اللهُ أكبــــرُ اللهُـــم صلِ على محمدٍ والِ محمد ...
اللهُ أكبــــرُ اللهُ أكبــــرُ اللهُ أكبــــرُ اللهُـــم صلِ على محمدٍ والِ محمد ...
اللهُ أكبــــرُ اللهُ أكبــــرُ اللهُ أكبــــرُ اللهُـــم صلِ على محمدٍ والِ محمد ...
ولا تنسوني في الدعاءِ ...
مواضيع ومقالات مشابهة