هكذا استطاع السيد الصرخي أن ينير العقول ويكسب الشرفاء
ينتمي الصرخي الى بيئة اجتماعية ذات غالبية مسلمة وتتعدد فيها طوائف وأعراق اخرى فهو من مواليد العاصمة بغداد وينتمي الى قبيلة عربية هي قبيلة السادة الصرخة الحسنية الهاشمية والتي يتمركز اكثر أفرادها في محافظات العراق الجنوبية وكما هو حال أكثر القبائل العربية في العراق فقبيلة الصرخة من القبائل العربية التي لها جذور في مناطق الحجاز من الجزيرة العربية , بالإضافة إلى كونه أكاديمي خريج جامعة بغداد قسم الهندسة المدنية فهو قد تربى في حضن والده رجل القانون , ومن ثم دخل الحوزة الدينية في مدرسة أستاذها عملاق الفكر الإسلامي المعاصر وهو السيد محمد باقر الصدر .
ولا نبالغ ان نقول ان هذا المحيط الذي نشأ فيه السيد الصرخي جعل منه إنسانا مبدئيا صرفا فهو يعيش للإسلام ولامته بالخلق العربي وكرم النفس وعزة الروح ويحارب الفوضوية ويدعو الى القانون ويلتمس العلم ويتمسك بالدليل. نشأ هكذا فأقحمته الظروف في صراع مع الاستكبار والغطرسة والعنجهية والانحراف والفساد .
حقبة تاريخية
بعد تمدد الغرب فكريا في العالم الاسلامي في بدايات القرن الماضي ودخول النظريات الاقتصادية اعلنت الحوزات الدينية إفلاسها واطرق زعمائها رؤوسهم ينظرون الى ابنائهم يتسللون واحدا تلو الأخر ينخرطون في ركاب المادية الألحادية عسى ان يجدوا فيها ضالتهم في إقامة العدالة الاجتماعية فدخلت كبرى العائلات "الدينية" في ركاب "المادية" واذا بنجم سطع وعلم رفرف معلنا بداية الصراع ومؤسسا لمدرسة الفكر ,تعتمد أصول الفقه بطروحات معمقة ونكات لم يستوعبها معاصروه فكانت كمعيار حقيقي لمعرفة المجتهد واستحقاقه للمرجعية , وأسست تلك المدرسة نظريات في علم الاجتماع والاقتصاد الإسلامي فاجلت الخمود واثرت الحوزة وجعلت من الاسلام نظاما يناظر أعلى الأنظمة بل يفوقها تنظيرا للعدالة كانت تلك هي مدرسة محمد باقر الصدر .واذ تتسع الهوة بين الحوزة الجامدة المتحجرة وبين الحوزة المتطورة كلما ازدادت الحركة السياسية في العراق تأثيرا في الحوزات وتتسع الهوة اكثر كلما كثرت تدخلات الغرب في البلاد الاسلامية وخصوصا بعد ان انفتحت البلدان بعضها على بعض , واخذت الماسونية العالمية طريقها الى رجال الدين لتتحين الفرص للايقاع بالمسلمين فتؤدلج اؤلائك المعممين عن طريق ما دُس في تاريخهم من اخبار او ما وضعه غلاتهم من روايات تستظهر الولاء وتستبطن الفتك بالاسلام والمسلمين .
ايران هي الاخرى
وايران التي كانت شرطي امريكا في المنطقة ما ان اسقطت نظام الشاه ووصل المعممون الى سده الحكم فيها حتى وجهت اولى طعناتها الى محمد باقر الصدر فتذيع خبرا تطلب فيه من السيد الانقلاب على الحكم بعد ان راسلوه بعنوان حجة اسلام ومسلمين كي يتهم بالتآمر والتعامل مع دولة اجنبية ويسحبوا عنه عنوان المرجعية كي تسهل على النظام الحاكم تصفيته لانهم يرون فيه خطرا يمثل مشروعا لسحب البساط من تحت مرجعياتهم الفارغة ومن ثم استطاعت بدهاء سحب كل ابناء تلك المدرسة تحت ولاية سلطانها . ولم تكتفي ايران بل سعت بعد ذلك الى الخلاص من مرجع اخر وهو محمد محمد صادق الصدر الذي واجه ثلاثة اقطاب وهي ايران التي قال عنها ان لم ادعم اعلاميا فهذا معناه اعطاء الإذن بقتلي والأخر حوزة النجف التي كانت تمثل الخط المتحجر وقد اتهم آنذاك وكلاء لمرجعيات النجف في المساهمة باغتيال الصدر الثاني .
واذ تتسع الهوة الى الحد الذي يصل القطيعة واراقة الدماء, يسقط النظام ويصبح العراق مغمنا كبيرا وساحة صراعات ومحط أنظار العالم واذ يافل نجم الصدرين كي تصطنع مرجعية توالي العملية السياسية وتؤسس لها وتنظر لها فقهيا وعقائديا لم يكن هنالك افضل من تلك الحوزة الفارغة التي لاتمتلك نظرة سياسية او اقتصادية او اجتماعية وكل ما لديها وكل الاسلام لديها هو لطم الصدور حين يحين موسم العزاء فتضخ روزخونيتها على منابر الحسينيات ليدعوا لها ويروجوا لسياسيي الفساد ومشروع الاحتلالين الامريكي والايراني فاصبحت امريكا المخلص من الظلم وايران الحامي للمذهب ,والمرجعية مباركة والسياسيون السارقون اولياء الامور وعدونا هم المسلمون من الطائفة الأخرى هكذا انقلبت الموازين .
الصرخي من تلك المدرسة
ولم يبق من تلك المدرسة التي خنقت بأصولها وعقائدها ونظرتها المعتدلة لتاريخ الإسلام إلا نتاجها الأوحد وثمرتها اليانعة السيد الصرخي ولكن وحيدا أمام دول وحوزات ومنظمات وأحزاب وتيارات ومليشيات وكتل تعتمد الطائفية ومشروع الاحتلال .
وإذ يبدأ الصراع بين طرفين غير متكافئين لا عدة ولا عددا يلتجئ الصرخي إلى سلاح العلم الذي يبرع فيه هو الى حد التحدي بثقة مطلقة فيما لا يمتلكه المقابل, اذ استطاع هذا المرجع من ان يشخص الداء ويعرف نقطة ضعف المقابل ومن أين ينفذ له , فأنداده هم ليسوا الا ورثاء تلك المؤسسات الدينية الخاوية .
هكذا سحب اعظم عنوان تعتمد عليه المرجعية وهو الاعلمية واقترن هذا العنوان باسم الصرخي كلما ذكرت الاعلمية تتبادر الى الذهن مرجعية الصرخي .
فاستطاع عن طريق سلاح العلم ان يضع نفسه في خندق جعل منه مهاجما فذا ومغوارا ترتعد منه فرائص المبطلين فهو السلاح الذي يعري كل الادعياء وخصوصا ان دعواهم تعتمد العقدية والمذهبية سبيلا للخداع .
الصرخي المرجع يهدد مصالح دول وكتل
عندها اصبح الصرخي يهدد كتل تعتمد الطائفية ودول تعتمد تلك الكتل حيث انه كسر عنصر الاستغفال واحدث صيحة ايقضت الغفلة , فكان لابد من التخلص منه والتعتيم على امره فامتنعت الفضائيات و أئمة المنابر عن ذكره خوفا من ان يثيروا أمره فيسأل الناس عنه ويكتشفوا الحقيقة . غير انه سبق تخطيط أعداءه بحكمته فجعل من النت طريقا لإيصال الفكرة والمعلومة ولكشف الحقائق وبيان المظالم فنفذ منهجه الى صروح الجامعات وتأثر به أساتذة وعلماء .
الدين والوسيلة والصرخي يحذر
هدم الصرخي فكرة قدسية الانتخابات ووجوبها الذي كان يستبطن انتخاب المفسدين والسير وراء مشروع الاحتلال فراحت كتل الفساد ومن ورائها من مرجعيات تصعد طائفيا كي تجد حجة لدوام وجودها . وخوفا على مصالح الاحتلالين وخوفا من ان يستيقظ الشعب زجت دول المنطقة وامريكا بكل قوتها لسحق اي مشروع وحدوي فزج آلاف الأبرياء في السجون ومنع من إقامة مصالحة حقيقية فخرجت العشائر منتفضة للكرامة وللارض وللعرض وللابرياء وتصايح المتباكون من معممي الفتنة داعين الى عدم اطلاق سراح السجناء بانهم بعثيون وإرهابيون دون ان تقع في انفسهم رأفة بمظلوم او رحمة بحرة انتهكت في الزنازين,
وهنا كان الصرخي يحذر ويحذر من فتنة مهلكة مرعبة ومخطط خبيث وبذلك ازدادت المواجهة بيت الصرخي وبين أضداده حيث قرر ان يكون مع المظلومين بغض النظر عن الطائفة والدين .
وحيث ان هذا الموقف قد احرج مرجعيات الفتنة وسياسيو الفساد ومن ورائها من دول وخاصة ايران اخذوا يجيشون ويحقنون الامة بالطائفية بمسلسلات وخطب تعمد على الانتقائية في التعامل مع التاريخ , فراح الصرخي مرة اخرى يهدم ما بنوه وهذه المرة يفتح نار جهنم على اقطاب ورموز وتيارات الطائفية فيسقط قادة كالمختار وزيد ويكشف حقيقة تشيع رفضه ال البيت كالخطابية والفراتية وغيرهم حيث احدث ردة فعل كانت اشبه بصدمة لقلب محتضر ويكمل ذلك بالدفاع عن عرض رسول الله صلى الله عليه واله الذي كان يتعرض للسب والطعن من قبل مرجعيات ماسونية أرادت تمزيق الامة في وقت تعج البلاد وتضج بالتظاهرات جراء أفعال مختار العصر واساس الفساد وامعة البلاد فحدثت المؤامرة الكبرى وادخلوا داعش ليختلط الحابل بالنابل ويكتمل ذلك بفتوى طائفية اسمها الجهاد الكفائي حملت الدمار والصقت العار بأصحابها الى يوم القيامة فانبرى اليها الصرخي ليقطعها من اصولها وليميتها في مهدها
الجريمة الكبرى
فلم يعد امام اعدائه وحسادة والحانقين عليه ومن ورائهم من دول كإيران وغيرها من ان تحرك اذرعها وسياسييها ومليشاتها بابشع هجمة كشفت طبيعة أعداء الصرخي وقذارتهم ونجاستهم حيث يحرقون الجثث ويسحلونها في الشوارع ويصبون التيزاب بافواه المعتقلين ويمثلون بأبشع تمثيل ,وكانت الغاية منها ان يقتل الصرخي ثم يتفرق اصحابه ويضيع دمه وتنتهي قضيته قضية الاعلمية والوحدة الاسلامية ووحدة العراق ويتقاسم اصحاب الفدراليات التي اسقطها الصرخي فيدرالياتهم وتتقاسم الدول غنائم العراق وينعم السياسيون بسرقاتهم وتهنأ مرجعيات لندن بطائفيتها لكن كما قال الله تعالى {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر : 43] وبفضل الله تعالى نجا الصرخي وانفضح امرهم بل بعمليتهم الشنيعة وبعارهم الأبدي ثبتت براءة تلك العشائر العربية التي خرجت في المحافظات الغربية مطالبة بحقوق العراقيين .
داعش
داعش او ما يعرف بالدولة الاسلامية جزء من مشروع خارجي أراد الصرخي وأده منذ البداية واراد أن يجنب البلاد هذا المنزلق الخطير عبر بناء دولة ذات قانون وسيادة يحترم فيها الانسان لوطنيته ويجتمع فيها المسلمون اخوة كما كانوا في عهد النبي والخلافة الراشدة .
لقد قدم سماحة السيد الصرخي مبادرة بين الحكومة وعلماء وشيوخ عشائر المنطقة الغربية لكن الحكومة التي كانت ولازالت لا تمتثل الا لإرادة السيدين الأمريكي والإيراني لم تكن تريد أن تتجنب الفتنة كونها توغلت في الفساد والطائفية واصبح اي وضع امن يمثل خطرا عليها وعلى مشاريعها التي كانت من ورائها تلك الدول . ومع نمو الطائفية ومع سفك الدماء ومع الظلم ومع التشريد والسجون كان هنالك شيء ينمو في الخفاء ويتمترس في العقول وتنجرف اليه الأفراد وتلتحق به الجماعات, غول يكبر يوما فيوما اسمه داعش اسست له الماسونية وغذته الطائفية وابتلع دولا وهاهو يصبح حالا واقعا كما قال الصرخي في لقاءه مع جريدة الوطن واذا كانت السياسة هي التي صنعت كل ذلك فلابد من ان هنالك امة كانت ضحية لخداع السياسيين ولم تأخذ دورها الحقي في تقويم اعوجاج هذا الوضع الفاسد .
علاج الواقع
يعرف الصرخي ان نقطة ضعف الأمة الاسلامة هي الطائفية منها ينفذ الشيطان فلابد من علاج وحيث ان العلاج يكمن في ان نرتقي بالمسلمين الى مستوى من الوعي ليعرفوا حقيقة التاريخ حقيقة الطائفية حقيقة ما يحرم ويحل من التعاطي مع امور المسلمين. داعش اذ يتغلل من خلال صدع او شروخ الطائفية فلابد من رأب الصدع ولابد من قطع جذور الفتنة . مهمة اقل ما يقال عنها انها عسيرة . لكن لان في الامة احرارا لان في الامة شرفاء يبقى الامل فيهم. ان علاج هذا الواقع الذي فرض علينا انما يكمن في ان نفرض على أنفسنا واقعا آخر ننجزه بذاتنا امة تقود نفسها ويأتمر بأمرها سياسيوها, تفرض قيودها ولا يفرض عليها, مؤسساتها ومنظماتها مستقلة همها اقامة العدالة الاجتماعية وتنمية المواهب وتقوية الاواصر هذا هو المشروع الذي تخشاه امريكا وايران ومن لف لفها ولهذا سفكت دماء اصحاب المرجع الصرخي
فلاح الشويلي
مواضيع ومقالات مشابهة