المرجع الصرخي الحسني ومبدأ إحترام الآراء
عبد الاله الراشدي
دائما ما تُذكر هذه الكلمة في محاضرات المرجع الصرخي الحسني حيث يقول "نحترم معتقد المقابل وفي نفس الوقت نريد من المقابل أن يحترم ما نعتقد به" فما هي قواعدها الأخلاقية، وما هو أثرها في السلوك الاجتماعي والتربوي لدى المسلمين، وما هو أثرها على المبادئ الإسلامية؟
إن كل المفاهيم والقيم ومن ضمنها القيم الأخلاقية متفاوتة بطبيعة الحال بين البشر، وايضا الإدراكات الحسيّة والمعنوية العقلية والتحكّم بها مضافا إلى ظروف المحيط الإجتماعي.. بمعنى أن أي رأي يصدر من المقابل فأنه يصدر عن جهد عقلي مبذول، وخلف هذا الجهد تكمن النيّة في العمل ودواعيه وأسبابه ودوافعه النفسية هذه الدوافع لا يمكن الإحاطة بها كونها كائنة في دواخل سريرة الإنسان.. لاحظوا كيف تكتشف نية السوء ونية الخير وكيف نميّز بين مَن إجتهد وأصاب التي لها حسنتان، كما في الأثر وبين الذي إجتهد وأخطأ فله حسنة واحدة، وبين الشيطان الذي هدفه الغواية وإضلال الناس وزهق الأرواح؟ فالمسالة متشابكة . الواقع والتأريخ أخبرونا وشهدا على ذلك، ومقولة المحقق الصرخي الحسني هي غايتنا والتي من خلالها سنكتشف السر..
لاحظوا أين تكمن النكتة في احترام الرأي والرأي الآخر؟ فعندما يطلب وعندما يؤمر وعندما تدعوا المؤسسات الدينية مثلاً إلى احترام الآراء فأنها بالضرورة تدعو إلى توقير صاحب الرأي وهذا يعني إلفات النظر إلية ولو أخذنا مثالاً على ذلك، لو دعت مشايخ التيمية إلى إحترام مايصدر من علماء الشيعة وبالخصوص ىراء المرجع العراقي الصرخي الحسني في عقيدة التيمية ورب التيمية الشاب الامرد ,فالبضرورة هذا يعني نهاية الفكر التيمي لأن مثل هكذا دعوة ستجعل من المستمع حكماً وليس عبدا ذو عقل تبعي لصنمية هذا الملتحي أو ذاك .. فليدعوا التيمية لاحترام الآراء وندعو نحن أيضا لنفس الخلق ونترك لعقل المستمع حرية الاختيار.. فنحرّر عقول الناس ونحن على يقين أن لو ترك الناس منذ البداية دون إضلال وغواية وتعتيم على الأولياء لأخذت الناس الطريق الصحيح .. لكن ما يفعل هو بعد العجز ؟ لا يوجد لديه غير استخدام القوة ، وهذا هو الفكر الأموي السلطوي الذي يدعو الى إسكات صوت الحق ويعدم هذا ويقتل ذاك ويشرد من يشرد. لكن اليوم فتحت البشرية عينا على عالم آخر هو عالم الاتصالات والتواصل الاجتماعي الذي مكّن للإنسان أن يستخدم هذه التقنيات ويطّلع على أفكار الآخرين وآرائهم والقوة تكمن في ما يقرع العقل من نكات علمية رصينة. لهذا نحن نعتقد أننا من القوة الفكرية نستطيع أن نعطي حرية الاختيار لكل مّن يتوافق او لا يتوافق رأيه مع المرجع والمحقق الصرخي الحسني فيما ما طرح من أفكار وسطيّة ومعتدلة، وندعو المقابل لإحترام رأينا ايمانا منّا بأنه بذل جهدا لما وصل إليه من نتائج بحوث فكرية، وحين ندعوا أنفسنا ومن يسير معنا ضمن هذا المنهج فإننا لا نخشى ابدا أن يضلّ أصحابنا او أن يتأثروا بالمقابل, فيما نعتقد أن المقابل يكفر ويحرم على اتباعه السماع لخوفه من أن يكتشفوا الحقيقة وبذلك تظهر الدواعي النفسانية المريضة لدية. هكذا تكتشف علماء السوء دائما بأنهم يستخدمون القوة والتهم والجرائم حين يعجزون عن المجارات.. في حين ندعو دائما لإحترام الرأي والرأي الآخر من منطلق الرصانة العلمية والفكرية وقوة الدليل وسطوع البرهان الذي نمتلكه.
أن تربية الأمة على هذا النمط الأخلاقي الكبير لا ريب سوف يسهم في بناء مجتمع يرقى فوق (التحجّر والتحزبية) النقطتان الإستراتيجيّتان اللتان طالما أسهمتا في انحطاط الشعوب. من اجل دفع ذلك وما يترتّب عليه من مساويء وأخطار فكرية وسلوكية عن الأمة وتنويرها، ومن اجل تأكيد مبدأ إحترام رأي ومعتقد الآخر إنطلاق المرجع الصرخي لإعادة رونق الحياة الكريمة للمجتمع الإسلامي الذي نهشت جسده آلة التكفير الديني والمذهبي.
مواضيع ومقالات مشابهة