أهلُ السُنةِ ... الحَذَرُ كلُّ الحَذَرِ مِن فتنةٍ لا تُبقي ولا تَذْرُ :
الدكتور مهند جاسم الحسيني
نحنُ في الغالبِ نعلمَ الكثيرَ الكثيرَ الكثيرَ مِن الأشياءِ التي لا نستطيعُ البوحَ بهَا, ولا كشفَ النقابِ عنهَا, لا لشيءٍ سوى أنَّ ظرفهَا غيرُ مؤاتٍ, وإخراجُ الأشياءِ والبوحُ بهَا في غيرِ أوقاتِهَا بمنزلةِ كَشفِ السِرِ الى غيرِ أهلِهِ, فالأمرُ سيانِ في قباحةِ الخَطْبِ ووضاعةِ الفعلِ ...لذا نؤجلُ الكثيرَ مِنهَا الى حينِ أن تينعَ الثمارُ, ويَحينُ وقتُ الحصادِ, حيثُ الأفكارُ تكونُ على أتمِ إستعدادِ في تقبلِ الطرحِ, وتحملِ المشورةِ, حتى لو خرجتْ مِن ثغرِ عدوٍ لا صديقٍ, وحاقدٍ لا راضٍ, وكافرٍ لا عارفٍ, لا لشيءٍ سوى أنَّهَا خرجتْ في أهلِهَا وفي وقتِهَا !!!
وإن كانَ هذا القانونُ قانوناً مُجحفاً وظالماً, لأنَّ النصيحةَ ستكونُ في غيرِ وقتِهَا المناسبِ الذي يُمكن أن يستفادَ مِنهَا المقابلُ, بل لأنَّهَا فقط تناسبُ الواقعَ النفسي والإخلاقي لقبولِ المقابلِ, وهذا ما يجعلُ الكثيرَ مِنا يتهكمُ ويَهزءُ بالكثيرِ مِن القياداتِ الإصلاحيةِ الراغبةِ برفعِ الظلمِ والضيمِ عن أبناءِ جلدَتِهَا, ويحكموا عليهِ بالموتِ والهجرِ والإقصاءِ والإبعادِ, لا لشيءٍ سوى أنهُ قالَ ما يجبُ أن يقالَ في الوقتِ المناسبِ لإتخاذِ المقابلِ القرارِ الحاسمِ, في وقتٍ غيرِ مناسبٍ لتقبلْ المقابلِ قبولَ النصيحةِ !!!
وهنَا سيكونُ المصلحونَ بينَ نارينِ, نارُ أن تملكَ النصحَ والأرشادَ والحلَ والعقدَ والمشورةَ, ونارُ عدمِ تقبلِ الآخرِ لكَ ولنصيحتِكَ ولقولِكَ ولمشورَتِكَ, لا لشيءٍ سوى أنَّ المقابلَ لا ينظرُ إلا بالمنظورِ الطائفي المذهبي القبلي المقيتِ, بينمَا أُمِرنَا كمسلمينَ أنَّ نقبلَ الحكمةَ والكلمةَ الحسنةَ حتى مِن أفواهِ المجانينَ, وفاقدي العقلِ والرشدِ والتكليفِ, نعم هكذا أمرنَا وهكذا كُلِفْنَا وهكذا نُصِحنَا, فكيفَ بمَن يملكَ العقلَ والرشادَ والحكمةَ والسدادَ في القولِ والفعلِ والموقفِ العملي, ولكن يخالِفُكَ فقط وفقط بالملةِ أو النحلةِ أو المذهبِ أو المشربِ ؟!!
بل وصلَ بنَا الحالُ أن نقبلَ النصحَ والإرشادَ والرأيَ مِن المقابلِ, حتى لو كانَ منافقاً دجالاً كذاباً مدلساً منمساً, بل نتيقنُ ذلكَ ونعلمُ بهِ ونعتقدُ بصدورِ الكذبِ عنهُ والفريةَ منهُ والنصبَ والإحتيالَ مِن ناحيتهِ, لا لشيءٍ سوى أنَّهُ مِن أبناءِ المذهبِ والملةِ والنحلةِ والعشيرةِ, حتى لو أمرنَا هذا النسيبُ والقريبُ وأبنُ الطائفةِ أن ندخلَ جُبَّ ضبٍ لدخلنَاهُ نحنُ وعوائلنَا, لا لشيءٍ سوى أنهُ مِن عشرةِ الجبورِ أو شمرٍ أو البو عجيلِ أو مِن المذهبِ الفلاني أو الفلتاني !!!
ألم تأمرنَا أحلامُنَا وعقولُنَا قبلَ قرانِنَا الكريمِ وسنةِ سيدِ المرسلينَ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ), أن لا نكونَ مطايا بهائمَ دوابَ وشراً مِن الدوابِ, إذن كيفَ لنَا أن نأمَنَ المقابلَ ورأيَ المقابلَ وإرشادَ المقابلَ, وهو يلوكُ النصيحةَ والإرشادَ بسُمِ حيةٍ أو قيئِهَا, ويقدمُهَا إليكَ على إنَّهَا نصيحةً, وأنتَ تعلمُ بحالِهَا وكيفيةِ طبخِهَا وصناعَتِهَا !!!
أليسَ هذا مخالفٌ للعقلِ والحُلُمِ والرشادِ والسدادِ والصوابِ, الذي يكونُ هو المعيارُ في الحسابِ والعقابِ والثوابِ ؟؟؟
وهل ينفعُ الإعتذارُ عندئذٍ بأنَّ القائلَ لهَا والمقدمَ لهَا مِن أبناءِ المذهبِ والطائفةِ والعشيرةِ والقبيلةِ ؟!!
وهل تأمَن هذا القريبَ وهذا النسيبَ في أيامِ الأمنِ والأمانِ, حتى آمَنتهُ على مالِكَ وأرضِكَ وعرضِكَ في أيامِ الشكِ والشبهةِ والإنتهازِ ؟!!
إذا لَم تُؤمنهُ في تلكَ الأيامِ التي كنتَ فيهَا مقتدراً ومسيطراً وقادراً على الدفاعِ عن النفسِ والمالِ والعرضِ, فكيفَ بكَ تأمَنهُ عليهَا في أيامِ ضعفكَ وفاقتكَ وعوزكَ وفقركَ ؟!!
فعندمَا نقولُ لكُم أن فلاناً مِن الناسِ جاءَكُم بلباسِ الدينِ أو الثقافةِ والعلمِ والورعِ أو جاءَكُم بعنوانِ كاتبٍ أو محللٍ أو ناقدٍ, وهو كذابٌ منافقٌ دجالٌ مختالٌ مُدلسٌ مُنمسٌ ضالٌ مُضلٌ, ونقيمَ الدليلَ والبرهانَ على ذلكَ, مع كلِّ ذلكَ يكونُ أوفرُ حظاً مِنَا بقبولِكُم وإتباعِكُم لكلامهِ ونصحهِ وإرشادهِ, فمَاذا يُمكن أن نقولَ بعدَ ذلكَ, ومَاذا يُمكن أن نحكي ؟!!
فعندَهَا يتوجبُ علينَا السكوتُ والمراقبةُ مِن بعيدٍ جداً, حيثُ لا يرانا الناسُ, ولا يُمكنُ أن يرونَا, وننتظرُ أن يداهمَ الخطرُ منازلَهُم, ويهددَ بيوتَهُم وعوائِلَهُم, حتى تلتَهِمُ ألسنَتَهُ أذيالَ بيوتِهِم, وأطرافَ مصالِحِهِم, ونَتيَقَنُ عندَهَا أن للنصيحةِ آذاناً صاغيةً, وقلوباً واعيةً, فنَدْلُهَا ونطلِقَ العنانَ لهَا, بعدَ فواتِ الكثيرِ مِن أوانِهَا, فلا تلومُ تأخرَ الكثيرُ منهَا, بل لوموا أنفسكُم بمَا كنتُم تكفرونَ !!!
#الآن ...
عندمَا نتكلمُ ونحكي عن واقعٍ مريرٍ ومرضٍ مُتأصلٍ خطيرٍ, يتوجبُ علينَا أن نعي الكلامَ الى أقصى حدٍ ممكنٍ, مبتعدينَ عن التخندقِ الطائفي والمذهبي البغيضِ, لأنَّهُمَا لم يُجلبا لنَا سوى الويلَ والثبورَ والقتلَ والدمارَ والفقرَ والعوزَ والمرضَ والتهجيرَ والنزوحَ, بينمَا أن مَن نتخندقُ لَهُم ونحكي بأسمائِهِم لَم يروا معشارَ مَا رأيتُم, ولم يحسوا بمَا أحسستُم, ولم يعانوا ما عانيتُم, بل هُم يريدونَ الإستفادةَ والكسبَ مِن وراءِ معاناتِكُم ولوعاتِ عوائِلِكُم, فلا يطرحونَ مشروعاً إلا ويحسبونَ مقدارَ الفوائدِ التي يكسبونَهَا أولاً وقبلَ كلَّ شيءٍ, وعلى أساسِهَا يتمُ التعاملُ معهُ, غاضينَ الطرْفَ عن ما يحصلُ لكُم ولعوائلكُم !!!
فهلْ رأيتُم مثلاً أن أحدَهُم إستقالَ مِن أجلِكُم, وتركَ المنصبَ تضامناً معكُم, أم أن كلَّ مابدرَ مِنهُم هو سياسةُ مسكِ العصا مِن المنتصفِ, موازنينَ بينَ مصالِحِهِم وبينَ بقائِكُم على الولاءِ لَهُم, نعم آثروا مناصبَهُم ومكوثَهُم في قصورِ الظالمينَ لَكُم في الخضراءِ, مع قضاءِ أغلبِ الساعاتِ غائبينَ عن الوعي في ليالي حمراءٍ وزرقاءٍ, ناسينَ ومتناسينَ ما يجري على أهلِهِم, حيثُ تعصفُ بكُم وبعوائِلِكُم عواصفَ البردِ القارصِ ليلاً, ولا تجدونَ ما تلتحفونهُ إلا السماءَ ومَا تفترشونهُ إلا الأرضَ, بعدَ أن أطارتْ العاصفُ خيمَكم وفرشَكُم, تراكةً إياكُم في العراءِ,
نعم, يتذكرونَكُم فقط وفقط عندَ إرتقائِهِم منصاتِ الإعلامِ فتظهرُ كلماتُ الحميةِ والوطنيةِ والطائفيةِ مع إنتفاخِ عروقِ الجبهةِ وتطايرِ أوداجِ الرقبةِ كذباً وزوراً وتمثيلاً !!!
وبعدَ أن تعلمتُم الدرسَ, وضرستُم المصيبةَ, فهل مِن متعظٍ يضربُ صليبَ الطائفيةِ بالأرضِ, وينتفضَ لشرفهِ وعرضهِ ومالهِ بتقيءِ هؤلاءِ ولو باللحظاتِ الإضافيةِ, والتي ربمَا لا تفيدُ كثيراً إلا براءةَ الذمةِ وكسرَ الصنميةِ والعبوديةِ والنمطيةِ, ويتوكلُ على اللهِ تعالى لعلهُ يَمُنُ عليهِ بالمخرجِ والمنجى والمرجى, بعدَ أن بتنَا كالذي كُسِرَتْ بهِ سفينتهُ في عرضِ البحرِ, فلا أملَ إلا بهِ ولا رجاءَ إلا منهُ ...
#ولكن ...
أنَّ هؤلاءِ العلوجَ والخولَ لبني الشرقِ والغربِ, لَهُم مِن المكرِ ما تزولُ مِنهُ الجبالُ الثقالُ, حيثُ لا ينتهونَ مِن كذبةِ إلا ويحدثونَكُم ويُأمنونَكُم بأطولِ مِنهَا, لا لشيءٍ إلا لبقائِهِم على مصالِحِهِم ومنافِعِهِم وغرائِزِهِم, حتى لو لَم يبقَ مِن السُنةِ إلا إسمهُا, فسيستغلونَهُ أبشعَ إستغلالٍ لديمومَتِهِم وبقائِهِم وإستمرارِهِم !!!
فمثلاً الكلُّ سمعَ أن قضيةَ طرحِ الفيدراليةِ والأقلمةِ والتقسيمِ كيفَ باتَ على ألسنِ الساسةِ السُنةِ مؤخراً, وكيفَ بدأوا يروجونَ لهُ بأنَّهُ هو الخلاصُ والمنجى والمخرجُ مِن هذهِ الأزماتِ التي أصيبَ بهَا أهلنَا في المناطقِ الغربيةِ, ولا يُمكن أن يتحققَ الأمنَ والأمانَ إلا بالتقسمِ والفيدرالياتِ !!!
ولكن لا أعلمُ عن أي أرضٍ يتحدثونَ, وعن أي إقليمٍ يتكلمونَ ؟!!
وهل باتَ الخلافُ داخلياً حتى نطرحَ سيناريو التقسيمِ والفدرلةِ ؟!!
أم أنَّ الخلافَ خلافٌ إقليميٌ عالميٌ دوليٌ ؟!!
ومَا يدلُ على إقليميةِ وعالميةِ ودوليةِ الخلافِ والنزاعِ الحاصلِ في العراقِ خصوصاً والمنطقةِ عموماً, أنَّ هذه التصريحاتِ والإعتراضاتِ عليهَا لا تأتي إلا مِن دولٍ إقليميةٍ أو عالميةٍ, ولم تخرجْ أبداً مِن منابرِ الكذبِ والنفاقِ والشقاقِ العراقيةِ, إلا ماكانَ تابعاً وخولاً وعبداً لتلكَ الدولِ والمؤسساتِ الخارجيةِ !!!
بالتأكيدِ أنَّ أبسطَ وأغبى وأجهلَ متابعٍ يعلمُ علمَ اليقينِ أنَّ الخلافَ خلافٌ عالميٌ دوليٌ, لا علاقةَ للخلافاتِ الداخليةِ فيهِ, بل حتى ما نراهُ مِن الخلافاتِ والنزاعاتِ والسلبِ والنهبِ جاءَ نتيجةً لتلكَ الخلافاتِ الخارجيةِ, وتابعاً لهَا وناتجاً عنهَا, وبالتالي لا يُمكن أن نتخيلَ أو نتوقعَ أن تقسيمَ البلادِ حتى لو كانَ متاحاً وفي متناولِ اليدِ -فرضاً- سيكونُ هو الخلاصُ والمخرجُ, لأنَّ الخلافَ الحاصلُ في العراقِ وعلى أرضِ العراقِ هو خلافٌ عارضٌ وليسَ أصلاً ولا ذاتاً, وبالتالي أنَّ عمليةِ الأقلمةِ والتقسيمِ تمثلُ خدعةً وفريةً التي سَيُخدعُ الناسُ بهَا فترةً مِن الزمنِ الى حينِ إنكشافِهَا إنكشافاً تاماً مِن قبلِ الناسِ, بعدَ أن تحصدَ أرواحَ عشراتِ الآلافِ, وتهجرَ المئاتِ مِنهَا, ويعانونَ الأمرينِ الويلَ والثبورَ, وبعدَهَا ينتقلُ الحديثُ الى الحكمِ الذاتي والى الإستقلالِ وتقريرِ المصيرِ, ومَا هي النتيجةُ ؟؟؟
لا نتيجةَ أبداً ما دامَ العراقُ مسرحاً مِن مسارحِ القوى الدوليةِ والعالميةِ والإقليميةِ !!!
#وحتى_لو_فرضنَا ...
أنَّ الأقلمةَ والتقسيمَ والفدرلةَ وغيرَهَا هي الحلُ الناجعُ للشعبِ العراقي, فلا يكونُ هذا الحلُ ناجعاً لعمومِ العراقِ وشعبِ العراقِ, بل سيستفادُ طرفٌ على حسابِ الآخرِ, ومكانٌ على حسابِ غيرهِ, بينمَا سوفَ تزدادُ معاناةُ السُنةِ وأقليمُ السُنةِ الى أضعافٍ مضاعفةٍ ممَا نراهُ اليومَ والعراقُ موحدةٌ ولو شكلياً وصورياً !!!
كيف ؟؟؟
لأنَّ المعلومَ أن المناطقَ الغربيةَ عموماً وبلا تخصيصٍ, باتتْ مسرحاً لجيوشِ العالمِ المتقدمِ, حيثُ القواتُ الأميركيةُ والفرنسيةُ والبريطانيةُ والألمانيةُ والإيرانيةُ والتركيةُ وغيرُهَا, كلهَا باتتْ في منطقةِ هذا الإقليمِ, حيثُ أكبرُ القواعدِ العسكريةِ أقيمتْ وسوفَ تُقامُ على هذا الإقليمِ قريباً, ومِن هذه القواعدِ سوفَ تُشنُ أروعَ الحروبَ والمعاركَ في المنطقةِ عموماً, حيثُ سوريا ولبنانَ والأردنَ ودولَ الخليجِ وأرضَ الجزيرةِ ومصر والمغربِ العربي, كلَّهَا سوفَ تكونَ في معرضِ التحركِ العسكري المقبلِ, ولا يكونُ هذا التحركُ إلا مِن تلكَ المناطقِ الغربيةِ في العراقِ, وبالخصوصِ ما يُصْبَونَ أن يكونَ إقليماً سنياً مستقبلاً !!!
فهل مِن العقلِ والحُلمِ أن نقبلَ بهذا الإقليمِ, ونتوسمُ فيهِ خيراً, ونعقدُ عليهِ الأملَ والبُشرى ؟!!
#إذن ...
لمَاذا لا نرى سياسيي السُنةِ ومحلليهِم يصارحوا أهلَهُم وعشائِرَهُم بهذهِ الحقائقِ, وبهذهِ الوقائعِ المستقبليةِ الواضحةِ والبينةِ والجليةِ حتى عندَ مَن أعمَى اللهُ تعالى مُقْلَتَيهِ, وطمسَ على ناجذيهِ, إلا إذا فرضنَا أنَّهُم قد أُمِنُّوا وأُعِدوا على أن يكونوا بخيرٍ هُم وعوائِلِهِم مِن هذا الشرِ الذي لا يُبقي ولا يذرُ, أو أنَّهُم مطايا بهائمٌ حميرٌ, بل أضلُ مِن المطايا والحميرِ والبهائمِ, بحيثُ لا يفهمونَ ولا يعونَ حقيقةَ الأمرِ, ولا يرونَ أبعدَ ممَا يلي أطرافَ أنوفِهِم المزكومةِ الموبوءةِ!!!
بل لماذا نرى سياسيي السُنةِ وكتابَهُم ومثقفيِهِم يثقفونَ ويصرحونَ ويتبجحونَ بهكذا ورقةٍ, وهم أعلمُ أنَّ هذهِ الورقةَ محترقةٌ إقليمياً وعالمياً, وليستْ بذاتِ قيمةٍ حتى على مستوى الإعلامِ, ولا تصلحُ أبداً وبتاتاً أن تكنَ بيرقاً يَلوحُ بالأفقِ بينَ الفينةِ والأخرى, لغرضِ إستحصالِ مكسبٍ مِن هنا وآخرٍ مِن هناكَ !!!
#ولذا ...
يكونُ علينَا عقلاً وشرعاً وأخلاقاً أن نحافظَ على أنفسنَا وأهلِنَا وأموالِنَا, بعدَ أن يئسنَا وقنُطْنَا وتأكدنا أنَّ لا مخرجَ ولا منجى لهذا البلدِ الحبيبِ والوطنِ العزيزِ مِن هذهِ الفتنةِ وملماتِهَا وآثارِهَا وعواصِفِهَا, التي رعتْهَا دولُ الإستكبارُ العالمي والتعاونُ الإقليمي وعرابُهُم في الداخلِ, ولا يتحققُ هذا الحفاظُ على الأهلِ والمالِ والنفسِ إلا مِن خلالِ أن ننأى بهمِ جميعاً مِن أماكنِ صراعِ الجبارينَ والظالمينَ, ونتركَ لَهُم الارضَ لتصبحَ مقبرةً لَهُم ومأدبةً لطيورِ السماءِ ووحوشِ الأرضِ, ولناحظْ على ما بقي عندنَا قدرَ المستطاعِ ...
لأنَّ بقاءنَا في سوحِ القتالِ والتصارعِ والتقاتلِ الإقليمي الدولي العالمي, لا يعني إلا مزيداً مِن خسارةِ الأحبةِ والأعزةِ, بل لا يعني إلا أن ننتقلَ مِن أسرٍ الى أسرٍ ومِن محاصرةٍ الى محاصرةٍ ومِن إعتقالٍ الى آخرٍ ومِن إنتماءٍ لآخرٍ, فمِن معتقلاتِ ومحاصرةِ وأسرِ القاعدةِ الى الدواعشِ الخوارجِ, ومِن الدواعشِ الى الميلشياتِ الطائفيةِ, ومِن الميلشياتِ الى جيوشٍ عالميةٍ وإقليميةٍ نظاميةٍ, والقادمُ لا يعلمُ بهِ إلا اللهُ تعالى !!!
أليستْ أرضُ اللهِ تعالى واسعةً للجميعِ, حتى تُغنينا مِن أن نتبنَ فكرَ فلانِ التكفيري أو علانِ الميلشياوي أو الآخرِ الطائفي, بل ونتجنبَ الويلَ والثبورَ والتنكيلَ والتقتيلَ في حالةِ سجلنَا إعتراضاً على تبني فكرِ أحدِهِم, أو رفضنَا الإنتماءَ واكتفينَا بالتفرجِ والوقوفِ على التلِ, حيثُ هذا الخيارُ خيراً رماديَ اللونِ وغيرَ مفعلٍ عندَ المجرمينَ القتلةِ, حيثُ لا ينفعنَا هذا الضعفُ والخوفُ يومَ القيامةِ عذراً أمامَ الحكمِ العدلِ بالإنتماءِ أو موافقةِ هؤلاءِ المجرمينَ القتلةِ الخارجينَ عن الدينِ والملةِ والإنسانيةِ, حيثُ قالَ تعالى مجدهُ وعلا ذكرهُ في هؤلاءِ : {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً }النساء 97 ..
قالَ تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }التحريم 6 ...
ولتكن هذهِ الهجرةُ والإبتعادُ والسفرُ هجرةً وسفراً الى اللهِ تعالى, مع عيشِ الكفافِ والقبولِ بالحدِ الأدنى مِن الرزقِ, وأن نواسي الرسولَ محمدٍ (صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ) وأهلَ بيتهِ وصحابتَهُ الأجلاءَ في شِعبِ أبي طالبٍ (عليهِ السلامُ), حتى ننقذَ ما يُمكن لنَا أن ننقذهُ مِن الأحباءِ والأعزاءِ, حيثُ قالَ تعالى مجدهُ وعلا ذكرهُ : {وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }النحل 41 ...
#وبعدَ ...
أن نهاجرَ ونسافرَ الى اللهِ تعالى وفي سبيلِ اللهِ تعالى, لا يتحققُ المرادُ كاملاً إلا أن نغيرَ ما في أنفسنَا مِن عبوديةٍ وتبعيةٍ إلا مِن اللهِ تعالى, فلنكفرْ بالفاسدينَ والمفسدينَ مِن زعاماتِ الدينِ والسياسةِ السنيةِ والشيعيةِ, كمَا كفرنَا بالجبتِ والطاغوتِ, وكمَا أمرنَا أن نكفرَ بهِمَا جميعاً ...
نعم ...
فلنعلنْهَا في صلواتِنَا ودعواتِنَا ومساجدنَا, وفي حالةِ القنوتِ والركوعِ والسجودِ وعندَ التسليمِ, وعندَ المشاهدِ المقدسةِ والأماكنِ المعظمةِ, أللهُم إنَّا نبرأ إليكَ مِن الجبتِ والطاغوتِ والاتِ والعزى, وندرأ بكَ في نحرِ السفياني والدجالِ وأعوانِهِمَا, اللهُم إنَّا نبرأ إليكَ مِن كلِّ ذلكَ ...
هذا والحمدُ للهِ ربِ العالمينِ والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الخلقِ أجمعينَ محمدٍ والهِ الطيبينَ الطاهرينَ وصحبهِ المنتجبينَ ومَن تبعهُم الى يومِ الدينِ ...
اللهُ أكبــــرُ اللهُ أكبــــرُ اللهُ أكبــــرُ اللهم صلِ على محمدٍ والِ محمدٍ
د. مهند جاسم الحسيني
مواضيع ومقالات مشابهة