العراق بين ازدواجية السيستاني ومقتدى ووطنية الصرخي
تعد الرموز والقيادات الدينية
في العراق هي المحرك الأساس والموجه للمشهد السياسي, فبتدخلاتها المباشرة وغير المباشرة
أوجدت هذه المشهد المأساوي الذي يعيشه شعب العراق, وهذه التدخلات لم تكن نتاج الفكر
الخاص بهذه المرجعيات والرموز بل هي نتيجة لإملاءات الدول الإقليمية والإستكبارية التي
تتصارع في ما بينها من أجل الهيمنة على العراق ومقدراته وجعله أرضاً خصبه لمشاريعها,
فكانت النتيجة هي ضياع العراق بين الفساد الحكومي والإداري وبين الأزمات الأمنية والسياسية.
فلو رجعنا بالزمن إلى عام
2003 لوجدنا إن هذه المرجعيات والقيادات الدينية هي من أسست لهذا الواقع المأساوي,
فهي من أصدر فتوى وجوب التصويت على دستور برايمر بنعم, ومن ثم فتوى وجوب انتخاب القوائم
الكبيرة التي حكمت العراق منذ 2003 والى يومنا
هذا, ووقفت هذه المرجعية بكل وسائلها وإمكانياتها مع حكومة رأس الفساد السفاح المالكي
خصوصاً بعدما حرمت التظاهر ضده في عام 2011, الأمر الذي ترك هذا الإمعة يعيث فسادا
وسرقة ونهبا لثروات العراقتحت غطاء وفتوى السيستاني الذي قرر الهروب والإختباء في سردابه
في النجف وعدم التدخل بالشأن السياسي بعدما طالبه الشعب بإعطاء موقف واضح وصريح من
حكومات الفساد, فكان موقفه انهزامي بعدما حاول أن يبرئ نفسه من دعم المجرم المالكي
وباقي الكتل الفاسدة, ويتظاهر بمظهر المصلح وصمام للأمان في بلد لا أمن وآمان فيه.
ولم يكن موقف مقتدى الصدر
مختلفاً عن موقف السيستاني, فمقتدى هو من دعم المجرم المالكي وسانده من خلال كتلة الأحرار
البرلمانية التي كانت متكونة من أربعين عضواً حيث تخلت عن مشروع سحب الثقة عن الإمعة
المالكي, بل كان موقف مقتدى داعماً للدكتاتور المالكي عندما انتفض الشعب ضد فساده عام
2011 حيث أعطاه ستة اشهر مهلة وبعد ذلك خرج بمسيرات شكر لحكومته, فاستقوى طاغية العصر
بمقتدى والسيستاني الأمر الذي جعله يطمح لولاية ثالثة وهذا الطموح جعله يسلم العراق
على طبق من ذهب لتنظيم داعش الإرهابي وبالتالي فتح كل حدود العراق أمام التدخلات الدولية
فعادت أميركا بجعجعة سلاحها ومعها إيران وتركيا وروسيا ودول إقليمية أخرى لتتصارع هذه
الدول فيما بينها في ارض العراق بحجة المحافظة على أمنها القومي.
واليوم تتضح جلياً إزدواجية
السيستاني ومقتدى من خلال ما يحصل من تظاهرات واعتصامات في العاصمة بغداد وتحت قبة
البرلمان, فالسيستاني الذي قرر الاعتزال وعلى لسانه وكيله احمد الصافي يلوم السياسيين
باللجوء إلى إيران وأمريكا وتركهم إياه, وذلك في حفل افتتاح شباك ضريح سيدنا العباس
بن علي " عليهما السلام " وهذه محاولة منه لتلميع صورته من خلال زج نفسه
مرة أخرى كمصلح للوضع المزري في العراق, أما مقتدى الصدر فمواقفه المتباينة فهي خير
دليل على ازدواجيته, فهو يدعو ظاهراً للإصلاح وفي الوقت ذاته عارض وافشل خطوة ظاهرها
إصلاحية في داخل البرلمان, وكذلك ازدواجيته في الدعوة للتغيير إلى حكومة تكنوقراط وفي
الوقت ذاته يحاول أن يزج أتباعه في هذه الحكومة, وبين ازدواجية السيستاني ومقتدى أصبح
العراق على جرف هارِ في سقر الفساد.
لكن بين هذه الإزدواجية
توجد مرجعية عراقية وطنية مخلصة للعراق وشعبه رسمت خارطة طريق لإخراج العراق من كل
المتاهات التي زجته بها مرجعية السيستاني ومقتدى الصدر, هذه المرجعية المتمثلة بالمرجع
العراقي الصرخي الذي كان منهجه واضحاً في رفض كل التدخلات والإملاءات الخارجية, ورفض
حكومات الفساد ومن يقف خلفها وكان له موقفاً واضحاً من كل ما يحصل في العراق, فهو من
وضع مشروع خلاص الذي يعد المشروع الوحيد الذي ينقذ العراق مما هو فيه, والذي دعا فيه
المرجع العراقي الصرخي إلى تبني قضية العراق وأن يكون تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة
وبالتعاون مع الدول العربية, وتوجيه قرار شديد اللهجة لمطالبة إيران ومليشياتها بالخروج
من العراق, وكذلك حل الحكومة والبرلمان الحاليين وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة تدير شؤون
البلاد ويكون أعضاء هذه الحكومة من العراقيين الشرفاء غير المرتبطين بأجندة أو دول
خارجية.
وهنا نلاحظ الفرق والتباين
الواضح بين السيستاني ومقتدى وبين المرجع العراقي الصرخي, فالسيستاني ومقتدى تدخلاتهما
كانت ولا زالت تزيد من الطين بله في معاناة العراقيين, بينما تدخل المرجع العراقي الصرخي
هو تدخل قائم على الاستقراء الموضوعي الدقيق للواقع الذي يعيشه العراق وتشخيص أسبابه
ووضع الحلول الناجعة, وهذا ما تعودنا عليه من قبل هذه المرجعية, فخلاص العراق يكمن
في تطبيق النتاج الفكري لمرجعية السيد الصرخي الذي يمثل المصلح الحقيقي, وليس بالسير
خلف من لا يملك المؤهلات الفكرية والعلمية ولا يملك حرية اتخاذ القرار بسبب التبعية
والخضوع لإملاءات أجندات دول إقليمية واستكبارية.
بقلم :: احمد الملا
مواضيع ومقالات مشابهة