الجذور التاريخية لمؤامرة السيستاني على مرجعية السيد الصرخي والعالم العربي
عبد الاله الراشدي
في سؤال وُجه لسماحة السيد الصرخي الحسني في جريدة الشرق الاسط " كيف تقرا فتوى السيستاني بالجهاد والى أي مدى هناك ضغط إيراني باتجاه تحقيق نقل للسلطة الدينية من كربلاء الى قم؟
اجاب سماحته قائلا"
ـ دعوى (نقل السلطة الدينية) مكر وخديعة وفخ وقع فيه ويقع فيه الجميع وقع فيه الغرب والشرق وقع فيه صدام وغير صدام من الحكام ، والكلام طويل جدا ، وأكتفي بذكر أمرين : الأول : هل يوجد عاقل سأل نفسه هل يوجد سلطة دينية في العراق خارجة عن قبضة ايران حتى نتحدث عن نقل سلطة من العراق إلى إيران ؟؟!! وهل يوجد عاقل سأل نفسه انه اذا كان العراق عاصمة إمبراطورية إيران فكيف تنقل ايران سلطتها الدينية وقبضتها الدينية من عاصمة إمبراطوريتها التاريخية الأبدية إلى غير العاصمة ؟؟! واذا كان المشروع الطائفي القاتل لا يمكن التأسيس له وتجذيره وتاصيله والبناء عليه وتوسيعه الا في العراق ومن خلال النجف وكربلاء وسامراء ومن خلال أبناء العراق وقود نار صراعات الإمبراطوريات وقوى الاحتلال؟؟!!
الثاني: أنا اعتقلت ثلاث مرات من قبل النظام السابق نظام صدام ، والسبب وشايات وشكاوى من المرجع السيستاني وابنه ومن يمثله شخصيا باتصالات مباشرة مع قصي وعدي وضباط الحرس الخاص...والتهمة هي نفس التهمة التي سجّلت على سيدنا الأستاذ الشهيد الصدر الثاني رحمه الله وتسببت في اغتياله... والتهمة هي تسبيب الازعاج للمرجع السيستاني بادّعاء الصدر وادّعائي الاجتهاد والاعلمية وإصدار البحوث الأصولية والفقهية الى الساحة العلمية والأسواق وهذا يربك ويزعج مرجعية الوشاية والفراغ العلمي التي لا تمتلك أي اثر علمي لا فقهي ولا اصولي ولا غيرها من علوم ...وهذا الارباك والازعاج للمرجعية يعتبر ارباكا وازعاجا بل وتهديدا لنظام صدام وأمن العراق بل وأمن العرب وإسرائيل والغرب والاميركان من حيث انخداعهم ان وجودَ ودعمَ وبقاءَ تلك المرجعية ضروري لوجودهم وأمنهم القومي لانه يخلق التوازن مع مرجعية قم ايران ولكي لا تنتقل السلطة الدينية من العراق الى ايران...ولكن هذا تفكير الاغبياء.!! وبعد هذا هل نتوقع ان تكون الفتوى خارج الإرادة الإيرانية ومصلحة امبراطوريتها المزعومة ؟!!!"
ونحن حين نتحدث عن مؤامرات رجال الدين الأعاجم أو المرجعيات الأعجمية فأننا ننطلق من إطار بحثي محض يمثل جوابا لسؤال حول ما يحصل من مؤامرات بحق العرب ولماذا يختلف المنهج والرؤيا العربية للإسلام عن المنهج والرؤيا الأعجمية والبحث في الدوافع نفسية وهل من ورائها موروثات تاريخية تؤثر في سلوك الإنسان؟
في الواقع إن الإسلام جاء يهذب النفس الإنسانية ذات النزعات المختلفة بمجموعة من التشريعات والطقوس العبادية والمفاهيم الأخلاقية ولما كانت المجتمعات تتباين في طبائعها وأخلاقياتها أصبح من الواضح أن كل ملة ستجد في الإسلام ما يتنافر مع عرف من أعرافها او سجية من سجاياها , فالعرب مثلا بما كان لديهم من زعامات قبلية ونفور من بعض المهن كان الإسلام يمثل لهم من هذه الناحية تحديا كبيرا بينما لا يجدون مؤونة وتحديا في طبائع الكرم التي دعا الإسلام اليها حيث إنها تمثل خلقا من أخلاقهم يتفاخرون به فكان إطعام الطعام وإكرام الضيف شيمة من شيم عرب الجاهلية بعكس اليهود مثلا الذين يعرفون بالبخل وحب الأموال وطول الأمد بالإضافة إلى أنهم أهل كتاب يعتبرون الإسلام ناسخا لمعالم دينهم ,وهكذا كل ملة ونحلة تجد في الإسلام ما لا يوافق تقاليدها .وهكذا الفُرس فالاسلام ليس تحديا بالنسبة إليهم إذ يحبب العمل في الحياكة والزراعة لكونها مهن تتناسب مع طبائعهم لكنة تحديا لطقوسهم وتاريخ ممالكهم وحيث اجتاح المسلمون العالم من الصين شرقا حتى بلاد الأندلس غربا فإننا نلاحظ بعد عقود من الزمن لم تتحلل الأعراق والتقاليد لتذوب في الإسلام بل على العكس تحلل الإسلام فيها , فبلاد فارس التي غزتها الخلافة الإسلامية وأصبحت في عهد المأمون العباسي عاصمة لبلاد المسلمين الواسعة عادت بعد عقود إلى الشاهنشاهية واصطبغ الإسلام فيها بلباس كسروي وهكذا كثير من البلدان , هذا الأمر يهيئ لنا نتيجة استقرائية أن الموروثات التاريخية تؤثر على سلوك المجتمعات وتظهر التباين بينها حتى لو كان الدين واحدا بل هنالك من يذهب إلى أن الصناعات والمهن تؤثر في طرق التفكير فكيف اذا كان المرجع الأعجمي يفكر بروح كسروية وينظم خيوط المؤامرة بنفس طويل وتأني شديد أورثته إياه فنون الحياكة الايرانية وصناعة السجاد الكاشاني . بعد هذه المقدمة يمكن أن نفهم ما حصل في العقود الأربعة الماضية بين زعامات العرب ومرجعيات الفرس, فزعماء العرب هم أولائك النمط القديم الذي لا يفكر بأبعد من مصالحه وزعامته في نظرة آنية تفتقر إلى بعد النظر فراحوا يتآلفون ويقربون مراجع الأعاجم لما يجدون فيهم من سلوكيات غير انتقاديه ولا ثوروية متجاهلين أن هؤلاء إنما يتآمرون بطريقة الموروث الفكري , وتؤثر في نفسيتهم حتى اساليب المهنة,فأربعة عقود من الزمن كان المعمم الفارسي يتغلغل ويتآمر على مرجعيات العرب وكان الزعيم العربي يدني الفارسي ويمتثل لإرادته في تصفية علماء الدين العرب دون إن يعي أولائك الزعماء مكمن الخطر حيث كانت امة تُقلب مفاهيمها وتحتقن الحقد وهي تربي وحش كاسر قد تلبس برداء خروف ما أن تغير الوضع وزالت الزعامات حتى نزع ردائه وكشر عن أنيابه . نعم كان السيستاني حملا وديعا لصدام تآمر على محمد محمد صادق الصدر ومن ثم تآمر على السيد الصرخي الحسني والذين كانت معارضتهما لصدام ليس سلوك طائفيا وانما ربيع عربي سبق أوانه وما إن سقط نظام صدام حتى نزع السيستاني رداء الخروف وظهر كوحش كاسر يحّشد الأمة لإمبراطورية إبائه الفارسية ويفتي بالجهاد , وهذا هو الذي يفسر لنا لما كانت إيران تروج للسيستاني في زمن النظام السابق وتحارب محمد الصدر والسيد الصرخي إعلاميا بمفارقة غريبة حيث أن الصدر والصرخي هما من دعاة تغيير النظام الذي كان يُعتبر عدوا لإيران فيما يُعتبر السيستاني مرجعية النظام المحببة وأفيونها الذي امتشقه الشيعة ونامت دون أن تحرك ساكنا . منذ البداية عرفت إيران إن السيد الصدر والسيد الصرخي ربيع عربي خارجين عن إرادتها يدعوان إلى وحدة الأمة لا يخدمان مشروعها التوسعي بل يعتبران ضدين ممانعين لهذا المشروع الذي لا ينجز إلا بهيمنة طائفية تمثلها مرجعية فارسية, لقد كانت مرجعية السيستاني حصان طروادة لإمبراطورية فارس في بلاد العرب بل كانت تمثل التوسع أو الاجتياح الطائفي الذي مهد للهيمنة السياسية.
مواضيع ومقالات مشابهة