نُقْطَةُ الصِفْرِ المَسْكَنُ الحَقيقي في المَشْهَدِ السُوري :
الظاهرُ أن الأحداثَ لَم تبتعدْ كثيراً عمَا ذكرناهُ في المقالِ السابقِ بحلقتيهِ والموسومِ : (إنْشَاءُ المَنَاطقِ العَازِلَةِ بَيْنَ حُلْمِ الأغْلَبِيَةِ وصَرَامَةِ حَقِ الفِيْتُو), حيثُ أثبتَ خطابُ الرئيسِ التركي أوردغان أمامَ جمعيةِ الأممِ المتحدةِ في نيويوركَ أمس الكثيرَ مِن مفاداتهِ, وألقى اللومَ على آليةِ تشكيلِ مجلسِ الأمنِ المنبثقِ مِن نفسِ الأممِ المتحدةِ, لأنَّ جعلَ خمسةِ دولٍ دائمةِ العضويةِ فيهَا شيءٌ مبنيٌ على التفكيرِ الرجعي ما بعدَ إنتهاءِ الحربِ العالميةِ الثانيةِ, وحصرُ المقاعدِ العشرِ الأخرى بينَ سائرِ العالمِ كافة !!!
طبعاً أنَّ كلامَ أوردغانَ يكشفُ عن حالتهِ النفسيةِ المزريةِ وبشكلٍ علني, بل لا نحتاجُ الى إستشارةِ الأختصاصيينَ في الطبِ النفسي لمعرفةِ المكنونِ النفسي لهذا الجزءِ مِن الخطابِ, لأنَّ أوردغانَ أرسلَ رسالةً واضحةً للحاضرينَ والسامعينَ "أنَّ ميزانَ القوى العالمي قد تغيرَ عما كانَ عليهِ ما بعدِ الحربِ العالميةِ الثانيةِ, بل لم تَعدْ هذهِ الدولِ الخمسِ العظمى هي المُتربعةُ على عرشِ السلطةِ" !!!
حيثُ أرادَ الرئيسُ التركي أن يُسَوِقَ حكومتهُ -وليسَ بلادهُ- مِن خلالِ مجلسِ الأمنِ على أنَّهَا باتتْ مِن بينِ القوى العالميةِ والأقطابِ المُسيطرةِ على مراكزِ القرارِ, وهذهِ تغطيةٌ للخجلِ الذي أمنيَّ بهِ هذا الرئيسُ بسببِ الإنقلابِ الأخيرِ !!!
#ولا_يفهَم ...
الأحبةُ أبداً أني ضدَ تغييرِ القوانينَ التي بُنِيَ عليهَا مجلسُ الأمنِ, مِن إستئثارِ الدولِ العظمى الخمسِ بكلِّ قواعدِ اللعبةِ وصنعِ القرارِ, مع جعلِ الدولِ العشرِ الأخرِ كمناصبٍ فخريةٍ ومِن قبيلِ ذرِ الرمادِ في العيونِ موهمينَ إستعمالِ الطرقِ الديمقراطيةِ في صناعةِ القرارِ الدولي, ولكن أردتُ أن أوضحَ لكُم أن الرئيسَ التركي أرادَ أن يُظهِرَ نفسهُ وحكومتهُ بمنظرِ القوي والمزاحمِ للدولِ الخمسِ العظمى !!!
وهنَا ينكشفُ لنَا جلياً أنَّ الخلافَ على الراضي السوريةِ لم يعدْ سورياً وإقليمياً فقط, بل وصلَ بهِ الحالُ الى أروقةِ الدولِ العظمى, بل وداخلَ رواقِ الدولةِ الواحدةِ كأميركا, لأنَّ التحركَ الدبلماسي الأخيرَ لم يكن مرضياً عندَ قيادةِ البنتاكون, والمعلومُ أن أغلبَ الوزاراتِ الأميركيةِ هي سياسيةٌ وليستْ مهنيةً -كفائات-, وهذا يُوضحُ لنَا ما كتبناهُ سابقاً تحتَ عنوانَ : (سِرُ قوةِ الولاياتِ المتحدةِ إحترامُ التخصصِ),
وبالتالي أنَّ أيَّ سعي للإدارةِ الأميركيةِ لقطفِ ثمرةٍ سياسيةٍ تتعارضُ مع الستراتيجيةِ الأميركيةِ طويلةِ الأمدِ سوفَ تُعارَضُ وتُجهَضُ بأيِّ طريقةٍ ممكنةٍ !!!
ولكنَ هذا الخلافُ وهذا التعارضُ لايكونَ على أيدي غيرِ السياسيينَ ظاهراً, وإن كانَ في الواقعِ ومِن وراءِ الكواليسِ أنَّ هنالكَ مَن يُحركُ ويتخذُ هذهِ المواقفِ ...
وبالرغمِ مِن أنَّ حكومةِ الرئيسِ أوباما هي مِن نفسِ حزبهِ الديمقراطي, ولكن إستطاعتْ قيادةُ البنتاكونَ أن تُقنِعَ وزيرَ الدفاعِ آشتون كارتر -الديمقراطي- بخلافِ ما تحركَ بهِ وزيرُ الخارجيةِ جون كيري -الديمقراطي-, وهذا إن دلَ على شيءٍ يدلُ على مهنيةِ وإخلاصِ الوزراءِ لبلادِهِم حتى ولو كانوا مِن نفسِ الحزبِ, وبالمقابلِ يدلُ على قدرةِ هؤلاءِ العاملينَ في البنتاكونِ مِن إقناعِ هذا السياسي بوجهةِ نظرٍ تخالفُ المتفقِ عليهِ سياسياً بينَ أبناءِ نفسِ الحزبِ !!!
#وهنالكَ ...
سياساتٌ عسكريةٌ أمنيةٌ أميركيةٌ طويلةُ الأمدِ في المنطقةِ والعالمِ, لذا ربَّمَا الكشفُ عنهَا للصالحِ الروسي مِن أجلِ مكسبٍ سياسي, سيؤدي بالسياسةِ الى خطِ نهايتِهَا مِن خلالِ إنكشافِهَا وكشفِهَا الى الروسِ, وهذا ما أثارَ الخلافَ بينَ وزارتي الخارجيةِ والدفاعِ الأميركيةِ, وبعبارةٍ أصحٍ " وهذا ما أثارَ الخلافَ بينَ القياداتِ السياسيةِ والمهنيةِ الأميركيةِ" ...
حيثُ أنَّ الإتفاقَ الذي وقعَهُ الطرفانِ روسيا وأميركا في جنيفَ حولَ وقفِ إطلاقِ النارِ في سوريا لسبعةِ أيامٍ مع دخولِ قوافلِ المساعداتِ الى الشمالِ السوري عن طريقِ تركيا, إستدعى مِن وزيرِ الخارجيةِ كيري أنَّ يكشفَ عن مصادرِ إستخباراتهِ الأرضيةِ ومصادرِ معلوماتهِ العسكريةِ في سوريا, لأنَّ إبرامَ هذهِ الإتفاقيةِ كانَ مفتاحَ الحلِ في سوريا !!!
ولهذا فرحَ الكثيرُ مِن المتابعينَ للشأنِ السوري بهذا الإتفاقِ, لأنَّهُ كانَ بمثابةِ الحجرِ الأساسِ في إنهاءِ الأزمةِ السوريةِ, أي أنَّ هذا الإتفاقَ كانَ مفتاحاً الى الكثيرِ مِن الإتفاقياتِ السياسيةِ في سوريا, وهذا ما يستدعي الكشفِ عن كيفيةِ حصولِ القواتِ الأميركيةِ للمعلوماتِ التي تستعملهَا في ضربِ المواقعِ والإحتجاجِ الدبلماسي مع غيابِ تواجدِ قواتِهَا على الأرضِ ...
وإنَّ كشفَ هذهِ المعلوماتِ سيجعلَ الجانبَ الروسي مستخدماً لهَا خارجَ مساحةِ القتالِ السوريةِ, كأوربا الشرقيةِ وبلدانِ بحرِ البطيقِ وفي البحارِ, وبالتالي أنَّ البنتاكون أولى لهُ بالحفاظِ على هذهِ المعلوماتِ مِن خلالِ معارضةِ هذهِ الإتفاقيةِ التي ستجرُ الكثيرَ مِن الإتفاقياتِ بعدَهَا, والتي ستكون بمجموعِهَا كاشفةً عن هذهِ المصادرِ الإستخباريةِ !!!
#وهنَا ...
نكون على بينةٍ تامةٍ أنَّ مصادرَ المعلوماتِ الأميركيِةِ في سوريا والعالمِ في الغالبِ ليستْ مصادراً تقليديةً أبداً, أي ليستْ معتمدةً على الجانبِ الإستخباري البشري -العملاءُ الأرضيونَ- ولا على أجهزةِ التنصتِ الإعتياديةِ, بل هنالكَ مصادرٌ لإستسقاءِ المعلوماتِ لَم يتوصلْ إليهَا الروسُ بعدُ, لذا إحتاجوا الى القبولِ بإبرامِ هذهِ الإتفاقيةِ, علمَا إنَّ إدخالَ المساعداتِ الى المناطقِ المحاصرةِ جائتْ عن طريقِ الإلحاحِ الأميركي الكبيرِ, ولكن وافقَ الروسُ عليهَا لمَا لهَا مِن منافعٍ إستخباريةٍ روسيةٍ مُستقبلاً !!!
في المقامِ أمرانِ مهمانِ جداً :
#الأولُ :
إنَّ مَا يحصلُ على الأراضي السوريا بعيداً كلِّ البعدِ عن التحركاتِ الإنسانيةِ والسياسيةِ الداخليةِ والإقليميةِ, ولكنَ أمرَ الإستفادةِ مِن نقلِ المساعداتِ الى مئاتِ الآلافِ مِن الجوعى والمرضى والجرحى هو لأغراضٍ عسكريةٍ بإمتيازٍ, أي أنَّ الملايينَ مِن المشردينَ السوريينَ والقتلى والجرحى والمرضى والمحاصرينَ, كلُّ هؤلاءِ صاروا دروعاً بشريةً للحفاظِ على النظامِ السوري, ورقماً صعبةً في المفاوضاتِ الروسيا عالمياً ...
أي أنَّ المتكلمينَ عن حرمةِ ومخالفةِ القوانينَ الإنسانيةِ العالميةِ مِن إستخدامِ المدنيينَ أطرافاً في الحروبِ والتنازعِ, وإنَّ نفسَ هؤلاءِ السَانَّينَ للقوانينَ والأحكامِ الدوليةِ, هُم مَن يستخدمَ الشعوبَ والكتلَ البشريةِ والتجمعاتِ الإنسانيةِ كلَّهَا مِن أجلِ مصلحةٍ شخصيةٍ سلطويةٍ ذاتيةٍ وبشكلٍ علني !!!
وبالتالي :
عن أي حقوقِ إنسانٍ نتكلمُ ؟؟؟
وعن أي قوانينَ تحفظُ التجمعاتِ البشريةِ نتحدثُ ؟؟؟
وعن أي منظماتٍ للحقوقِ الإنسانِ والنأي بهِم عن مِناطقِ الصراعِ نُروجُ ونُبهرجُ ؟؟؟
إذا كانتْ الشعوبُ والأبرياءُ والمدنيونَ هُم حطبُ التفاوضاتِ العسكريةِ, ودمائُهُم هو مدادُ كتابةِ المعاهداتِ والإتفاقياتِ, وصرخاتُهُم ومدامعُهُم وإستغاثاتُهُم وترويعُهُم وتهجيرُهُم وغرقُهُم وتفرقُهُم بينَ البلدانِ هي مادةٌ إعلاميةٌ, بعدَ ذلكَ عن أيِّ حقوقٍ نتكلمُ وبأيِّهَا نأملُ وعلى أيِّ مِنهَا نَتَكِلُ !!!
#الثاني :
إنَّ روسيا وأميركا تعلمانِ أنَّ الحربَ في سوريا ماهي إلا بدايةٌ للحربِ العالميةِ الثالثةِ -التي ستنتهي إن شاءَ اللهُ تعالى بهلاكِ الطرفينِ معاً-, بل وإنَّ هذهِ الحربَ ليستْ بعيدةً أبداً, بل هي أقربُ مِن أن تُرجئَ روسيا أمرَ المصادرِ الإستخباريةِ الأميركيةِ على الأراضي السوريا لِمرورِ الوقتِ والأيامِ, وإنَّ روسيا على علمِ ويقينٍ أن نفسَ المصادرِ الأميركيةِ الإستخباريةِ معمولٌ بهَا في كلِّ مناطقِ التماسِ الأميركي الروسي عالمياً, وبالتالي بالإمكانِ التفاوض على بضعةِ آلافٍ مِن الموادِ الإغاثيةِ التي سَتُنعشَ الثورةِ وتطيلَ أمدهَا الى بضعةٍ أشهرٍ قادمةٍ الى حينِ التفاوضِ على قافلةٍ إغاثيةٍ أُخرى ...
#وهنا ...
يَثبتُ لنَا أنَّ أمرَ إدخالِ المساعداتِ الى أماكنِ النزاعِ غيرِ مرغوبٍ فيهَا روسياً, لأنَّ إدخالَهَا سيطيلُ أمدَ الحربِ في تلكَ المناطقِ, وبالمقابلِ أنَّ إنعاشَ الثوارِ والمسلحينَ في تلكَ المناطقِ جزءاً مِن المتطلباتِ والإلتزاماتِ الأميركيةِ فيهَا, وهذا ما إستدعى بالإدارةِ الأميركيةِ بالقبولِ بالكشفِ عن ما سيُوصلُ ولو بعدَ مدةٍ طويلةٍ الروسَ الى كشفِ المصادرِ الإستخباريةِ هنالكَ ...
وبالتالي أنَّ مئاتِ الآلافِ مِن المُعَوَزِنَ والمحتاجينَ لهذهِ المساعداتِ, بل وإنهاءِ الحربِ في سوريا وإنتشالِ الملايينَ مِن هذا الموتِ الجارفِ, لا يعادلُ الكشفَ عن تلكَ المصادرِ ولو جزئياً لروسيا ...
#لذا ...
عندمَا فشلَ البنتاكونَ عبرَ وزيرهِ آشتون كارتر مِن إقناعِ وزيرِ الخارجيةِ جون كيري وربمَا الرئيس أوباما نفسه, من التراجعِ عن قرارِ هذهِ الإتفاقيةِ مع الجانبِ الروسي في جنيفَ, وعبرَ الإتصالِ الجماعي عبرَ الإقمارِ الصناعيةِ جمعَ كلَّ هؤلاءِ فيهِ, إضطرَ البنتاكونَ الى أن يُجهضَ هذا الإتفاقَ بطريقتهِ الخاصةِ, مِن خلالِ إستهدافِ بعضُ وحداتِ الجيشِ السوري قريباً مِن مطارِ دير الزور !!!
وبالتالي بدلاً مِن إستمرارِ التحركَ الأميركي خارجياً مِن إنجاحِ هذا الإتفاقِ وبطريقةِ التنازلِ لروسيا شيئاً فشيئاً, عادتْ العالقاتُ الروسيا الأميركيا الى الصفر مرةً أخرى !!!
#وبالتالي ...
بِتنَا على علمٍ ويقينٍ أنَّ الإدارةِ الأميركيةِ غيرُ متحمسةٍ لإنهاءِ الحربِ في سوريا خلالَ فترةِ الرئيسِ أوباما, بل أنَّ أمرَ الحسمِ السوري سوفَ تُكالُ الى الرئيسِ الأميركي الجديدِ, والذي ستكون كلُّ الخياراتِ العسكريةِ والسياسيةِ مطروحةٌ أمامَهُ, والتي يتناسبُ الكثيرُ مِنهَا مع فترةِ الرئاسيةِ بدورةٍ أو دورتينِ ...
وهنَا على الرئيسِ الأميركي أوباما أن يعلمَ جيداً, أنَّ أقصَ إنجازٍ يُمكنُ تحقيقهُ خلالِ هذا الشهرِ المتبقي تقريباً, هو التحركُ الى تحريرِ المَوصلِ مِن قبضةِ تنظيمِ الدولةِ -داعش-, وأما الحربَ في سوريا ليسَ مشابهاَ الى الحربِ على منظمةٍ أرهابيةٍ, أو على دولةٍ مِن العالمِ الثالثِ, بل أنَّ التواجدَ الروسي هناكَ عقدَ مِن المشهدِ كثيراً أمامَ الحسمِ العسكري والمراهنةِ على الأيامِ !!!
#لذا ...
لذا فلنتوقْ ولنتيقنْ أنَّ الإعلامَ الهليودي العالمي سيكونُ متوجهاً بعدساتهِ وسيناريوهاتهِ بإتجاهِ حربِ الموصلِ القريبةِ جداً, لتلميعِ وجهَ الرئيسِ الأميركي أوباما الأسودِ أمامَ الناخبينَ, مَع الحفاظِ على الثوابتِ العالميةِ والإنسانيةِ وأهمِهَا عدمِ إشراكِ الميلشياتِ الإيرانيةِ في هذهِ الحربِ, لضمانِ عدمِ تسليمِ الموصلِ بمقدراتِهَا وكتلِهَا البشريةِ لهؤلاءِ القتلةِ, حتى لا يُعادَ الشريطُ الفيديوي بشكلٍ مقلوبٍ مِن تسليمِ العراقِ الى إيرانِ بعدَ الإطاحةِ بالنظامِ السابقِ عامِ 2003 !!!
خارجُ النصِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, لولا خوفي على القارئ مِن السئامةِ والمللِ مِن طولِ المقالِ, لإنتقلنَا الى فتحِ الكثيرِ مِن الملفاتِ
بقلم / مهند جاسم الحسيني
طبعاً أنَّ كلامَ أوردغانَ يكشفُ عن حالتهِ النفسيةِ المزريةِ وبشكلٍ علني, بل لا نحتاجُ الى إستشارةِ الأختصاصيينَ في الطبِ النفسي لمعرفةِ المكنونِ النفسي لهذا الجزءِ مِن الخطابِ, لأنَّ أوردغانَ أرسلَ رسالةً واضحةً للحاضرينَ والسامعينَ "أنَّ ميزانَ القوى العالمي قد تغيرَ عما كانَ عليهِ ما بعدِ الحربِ العالميةِ الثانيةِ, بل لم تَعدْ هذهِ الدولِ الخمسِ العظمى هي المُتربعةُ على عرشِ السلطةِ" !!!
حيثُ أرادَ الرئيسُ التركي أن يُسَوِقَ حكومتهُ -وليسَ بلادهُ- مِن خلالِ مجلسِ الأمنِ على أنَّهَا باتتْ مِن بينِ القوى العالميةِ والأقطابِ المُسيطرةِ على مراكزِ القرارِ, وهذهِ تغطيةٌ للخجلِ الذي أمنيَّ بهِ هذا الرئيسُ بسببِ الإنقلابِ الأخيرِ !!!
#ولا_يفهَم ...
الأحبةُ أبداً أني ضدَ تغييرِ القوانينَ التي بُنِيَ عليهَا مجلسُ الأمنِ, مِن إستئثارِ الدولِ العظمى الخمسِ بكلِّ قواعدِ اللعبةِ وصنعِ القرارِ, مع جعلِ الدولِ العشرِ الأخرِ كمناصبٍ فخريةٍ ومِن قبيلِ ذرِ الرمادِ في العيونِ موهمينَ إستعمالِ الطرقِ الديمقراطيةِ في صناعةِ القرارِ الدولي, ولكن أردتُ أن أوضحَ لكُم أن الرئيسَ التركي أرادَ أن يُظهِرَ نفسهُ وحكومتهُ بمنظرِ القوي والمزاحمِ للدولِ الخمسِ العظمى !!!
وهنَا ينكشفُ لنَا جلياً أنَّ الخلافَ على الراضي السوريةِ لم يعدْ سورياً وإقليمياً فقط, بل وصلَ بهِ الحالُ الى أروقةِ الدولِ العظمى, بل وداخلَ رواقِ الدولةِ الواحدةِ كأميركا, لأنَّ التحركَ الدبلماسي الأخيرَ لم يكن مرضياً عندَ قيادةِ البنتاكون, والمعلومُ أن أغلبَ الوزاراتِ الأميركيةِ هي سياسيةٌ وليستْ مهنيةً -كفائات-, وهذا يُوضحُ لنَا ما كتبناهُ سابقاً تحتَ عنوانَ : (سِرُ قوةِ الولاياتِ المتحدةِ إحترامُ التخصصِ),
وبالتالي أنَّ أيَّ سعي للإدارةِ الأميركيةِ لقطفِ ثمرةٍ سياسيةٍ تتعارضُ مع الستراتيجيةِ الأميركيةِ طويلةِ الأمدِ سوفَ تُعارَضُ وتُجهَضُ بأيِّ طريقةٍ ممكنةٍ !!!
ولكنَ هذا الخلافُ وهذا التعارضُ لايكونَ على أيدي غيرِ السياسيينَ ظاهراً, وإن كانَ في الواقعِ ومِن وراءِ الكواليسِ أنَّ هنالكَ مَن يُحركُ ويتخذُ هذهِ المواقفِ ...
وبالرغمِ مِن أنَّ حكومةِ الرئيسِ أوباما هي مِن نفسِ حزبهِ الديمقراطي, ولكن إستطاعتْ قيادةُ البنتاكونَ أن تُقنِعَ وزيرَ الدفاعِ آشتون كارتر -الديمقراطي- بخلافِ ما تحركَ بهِ وزيرُ الخارجيةِ جون كيري -الديمقراطي-, وهذا إن دلَ على شيءٍ يدلُ على مهنيةِ وإخلاصِ الوزراءِ لبلادِهِم حتى ولو كانوا مِن نفسِ الحزبِ, وبالمقابلِ يدلُ على قدرةِ هؤلاءِ العاملينَ في البنتاكونِ مِن إقناعِ هذا السياسي بوجهةِ نظرٍ تخالفُ المتفقِ عليهِ سياسياً بينَ أبناءِ نفسِ الحزبِ !!!
#وهنالكَ ...
سياساتٌ عسكريةٌ أمنيةٌ أميركيةٌ طويلةُ الأمدِ في المنطقةِ والعالمِ, لذا ربَّمَا الكشفُ عنهَا للصالحِ الروسي مِن أجلِ مكسبٍ سياسي, سيؤدي بالسياسةِ الى خطِ نهايتِهَا مِن خلالِ إنكشافِهَا وكشفِهَا الى الروسِ, وهذا ما أثارَ الخلافَ بينَ وزارتي الخارجيةِ والدفاعِ الأميركيةِ, وبعبارةٍ أصحٍ " وهذا ما أثارَ الخلافَ بينَ القياداتِ السياسيةِ والمهنيةِ الأميركيةِ" ...
حيثُ أنَّ الإتفاقَ الذي وقعَهُ الطرفانِ روسيا وأميركا في جنيفَ حولَ وقفِ إطلاقِ النارِ في سوريا لسبعةِ أيامٍ مع دخولِ قوافلِ المساعداتِ الى الشمالِ السوري عن طريقِ تركيا, إستدعى مِن وزيرِ الخارجيةِ كيري أنَّ يكشفَ عن مصادرِ إستخباراتهِ الأرضيةِ ومصادرِ معلوماتهِ العسكريةِ في سوريا, لأنَّ إبرامَ هذهِ الإتفاقيةِ كانَ مفتاحَ الحلِ في سوريا !!!
ولهذا فرحَ الكثيرُ مِن المتابعينَ للشأنِ السوري بهذا الإتفاقِ, لأنَّهُ كانَ بمثابةِ الحجرِ الأساسِ في إنهاءِ الأزمةِ السوريةِ, أي أنَّ هذا الإتفاقَ كانَ مفتاحاً الى الكثيرِ مِن الإتفاقياتِ السياسيةِ في سوريا, وهذا ما يستدعي الكشفِ عن كيفيةِ حصولِ القواتِ الأميركيةِ للمعلوماتِ التي تستعملهَا في ضربِ المواقعِ والإحتجاجِ الدبلماسي مع غيابِ تواجدِ قواتِهَا على الأرضِ ...
وإنَّ كشفَ هذهِ المعلوماتِ سيجعلَ الجانبَ الروسي مستخدماً لهَا خارجَ مساحةِ القتالِ السوريةِ, كأوربا الشرقيةِ وبلدانِ بحرِ البطيقِ وفي البحارِ, وبالتالي أنَّ البنتاكون أولى لهُ بالحفاظِ على هذهِ المعلوماتِ مِن خلالِ معارضةِ هذهِ الإتفاقيةِ التي ستجرُ الكثيرَ مِن الإتفاقياتِ بعدَهَا, والتي ستكون بمجموعِهَا كاشفةً عن هذهِ المصادرِ الإستخباريةِ !!!
#وهنَا ...
نكون على بينةٍ تامةٍ أنَّ مصادرَ المعلوماتِ الأميركيِةِ في سوريا والعالمِ في الغالبِ ليستْ مصادراً تقليديةً أبداً, أي ليستْ معتمدةً على الجانبِ الإستخباري البشري -العملاءُ الأرضيونَ- ولا على أجهزةِ التنصتِ الإعتياديةِ, بل هنالكَ مصادرٌ لإستسقاءِ المعلوماتِ لَم يتوصلْ إليهَا الروسُ بعدُ, لذا إحتاجوا الى القبولِ بإبرامِ هذهِ الإتفاقيةِ, علمَا إنَّ إدخالَ المساعداتِ الى المناطقِ المحاصرةِ جائتْ عن طريقِ الإلحاحِ الأميركي الكبيرِ, ولكن وافقَ الروسُ عليهَا لمَا لهَا مِن منافعٍ إستخباريةٍ روسيةٍ مُستقبلاً !!!
في المقامِ أمرانِ مهمانِ جداً :
#الأولُ :
إنَّ مَا يحصلُ على الأراضي السوريا بعيداً كلِّ البعدِ عن التحركاتِ الإنسانيةِ والسياسيةِ الداخليةِ والإقليميةِ, ولكنَ أمرَ الإستفادةِ مِن نقلِ المساعداتِ الى مئاتِ الآلافِ مِن الجوعى والمرضى والجرحى هو لأغراضٍ عسكريةٍ بإمتيازٍ, أي أنَّ الملايينَ مِن المشردينَ السوريينَ والقتلى والجرحى والمرضى والمحاصرينَ, كلُّ هؤلاءِ صاروا دروعاً بشريةً للحفاظِ على النظامِ السوري, ورقماً صعبةً في المفاوضاتِ الروسيا عالمياً ...
أي أنَّ المتكلمينَ عن حرمةِ ومخالفةِ القوانينَ الإنسانيةِ العالميةِ مِن إستخدامِ المدنيينَ أطرافاً في الحروبِ والتنازعِ, وإنَّ نفسَ هؤلاءِ السَانَّينَ للقوانينَ والأحكامِ الدوليةِ, هُم مَن يستخدمَ الشعوبَ والكتلَ البشريةِ والتجمعاتِ الإنسانيةِ كلَّهَا مِن أجلِ مصلحةٍ شخصيةٍ سلطويةٍ ذاتيةٍ وبشكلٍ علني !!!
وبالتالي :
عن أي حقوقِ إنسانٍ نتكلمُ ؟؟؟
وعن أي قوانينَ تحفظُ التجمعاتِ البشريةِ نتحدثُ ؟؟؟
وعن أي منظماتٍ للحقوقِ الإنسانِ والنأي بهِم عن مِناطقِ الصراعِ نُروجُ ونُبهرجُ ؟؟؟
إذا كانتْ الشعوبُ والأبرياءُ والمدنيونَ هُم حطبُ التفاوضاتِ العسكريةِ, ودمائُهُم هو مدادُ كتابةِ المعاهداتِ والإتفاقياتِ, وصرخاتُهُم ومدامعُهُم وإستغاثاتُهُم وترويعُهُم وتهجيرُهُم وغرقُهُم وتفرقُهُم بينَ البلدانِ هي مادةٌ إعلاميةٌ, بعدَ ذلكَ عن أيِّ حقوقٍ نتكلمُ وبأيِّهَا نأملُ وعلى أيِّ مِنهَا نَتَكِلُ !!!
#الثاني :
إنَّ روسيا وأميركا تعلمانِ أنَّ الحربَ في سوريا ماهي إلا بدايةٌ للحربِ العالميةِ الثالثةِ -التي ستنتهي إن شاءَ اللهُ تعالى بهلاكِ الطرفينِ معاً-, بل وإنَّ هذهِ الحربَ ليستْ بعيدةً أبداً, بل هي أقربُ مِن أن تُرجئَ روسيا أمرَ المصادرِ الإستخباريةِ الأميركيةِ على الأراضي السوريا لِمرورِ الوقتِ والأيامِ, وإنَّ روسيا على علمِ ويقينٍ أن نفسَ المصادرِ الأميركيةِ الإستخباريةِ معمولٌ بهَا في كلِّ مناطقِ التماسِ الأميركي الروسي عالمياً, وبالتالي بالإمكانِ التفاوض على بضعةِ آلافٍ مِن الموادِ الإغاثيةِ التي سَتُنعشَ الثورةِ وتطيلَ أمدهَا الى بضعةٍ أشهرٍ قادمةٍ الى حينِ التفاوضِ على قافلةٍ إغاثيةٍ أُخرى ...
#وهنا ...
يَثبتُ لنَا أنَّ أمرَ إدخالِ المساعداتِ الى أماكنِ النزاعِ غيرِ مرغوبٍ فيهَا روسياً, لأنَّ إدخالَهَا سيطيلُ أمدَ الحربِ في تلكَ المناطقِ, وبالمقابلِ أنَّ إنعاشَ الثوارِ والمسلحينَ في تلكَ المناطقِ جزءاً مِن المتطلباتِ والإلتزاماتِ الأميركيةِ فيهَا, وهذا ما إستدعى بالإدارةِ الأميركيةِ بالقبولِ بالكشفِ عن ما سيُوصلُ ولو بعدَ مدةٍ طويلةٍ الروسَ الى كشفِ المصادرِ الإستخباريةِ هنالكَ ...
وبالتالي أنَّ مئاتِ الآلافِ مِن المُعَوَزِنَ والمحتاجينَ لهذهِ المساعداتِ, بل وإنهاءِ الحربِ في سوريا وإنتشالِ الملايينَ مِن هذا الموتِ الجارفِ, لا يعادلُ الكشفَ عن تلكَ المصادرِ ولو جزئياً لروسيا ...
#لذا ...
عندمَا فشلَ البنتاكونَ عبرَ وزيرهِ آشتون كارتر مِن إقناعِ وزيرِ الخارجيةِ جون كيري وربمَا الرئيس أوباما نفسه, من التراجعِ عن قرارِ هذهِ الإتفاقيةِ مع الجانبِ الروسي في جنيفَ, وعبرَ الإتصالِ الجماعي عبرَ الإقمارِ الصناعيةِ جمعَ كلَّ هؤلاءِ فيهِ, إضطرَ البنتاكونَ الى أن يُجهضَ هذا الإتفاقَ بطريقتهِ الخاصةِ, مِن خلالِ إستهدافِ بعضُ وحداتِ الجيشِ السوري قريباً مِن مطارِ دير الزور !!!
وبالتالي بدلاً مِن إستمرارِ التحركَ الأميركي خارجياً مِن إنجاحِ هذا الإتفاقِ وبطريقةِ التنازلِ لروسيا شيئاً فشيئاً, عادتْ العالقاتُ الروسيا الأميركيا الى الصفر مرةً أخرى !!!
#وبالتالي ...
بِتنَا على علمٍ ويقينٍ أنَّ الإدارةِ الأميركيةِ غيرُ متحمسةٍ لإنهاءِ الحربِ في سوريا خلالَ فترةِ الرئيسِ أوباما, بل أنَّ أمرَ الحسمِ السوري سوفَ تُكالُ الى الرئيسِ الأميركي الجديدِ, والذي ستكون كلُّ الخياراتِ العسكريةِ والسياسيةِ مطروحةٌ أمامَهُ, والتي يتناسبُ الكثيرُ مِنهَا مع فترةِ الرئاسيةِ بدورةٍ أو دورتينِ ...
وهنَا على الرئيسِ الأميركي أوباما أن يعلمَ جيداً, أنَّ أقصَ إنجازٍ يُمكنُ تحقيقهُ خلالِ هذا الشهرِ المتبقي تقريباً, هو التحركُ الى تحريرِ المَوصلِ مِن قبضةِ تنظيمِ الدولةِ -داعش-, وأما الحربَ في سوريا ليسَ مشابهاَ الى الحربِ على منظمةٍ أرهابيةٍ, أو على دولةٍ مِن العالمِ الثالثِ, بل أنَّ التواجدَ الروسي هناكَ عقدَ مِن المشهدِ كثيراً أمامَ الحسمِ العسكري والمراهنةِ على الأيامِ !!!
#لذا ...
لذا فلنتوقْ ولنتيقنْ أنَّ الإعلامَ الهليودي العالمي سيكونُ متوجهاً بعدساتهِ وسيناريوهاتهِ بإتجاهِ حربِ الموصلِ القريبةِ جداً, لتلميعِ وجهَ الرئيسِ الأميركي أوباما الأسودِ أمامَ الناخبينَ, مَع الحفاظِ على الثوابتِ العالميةِ والإنسانيةِ وأهمِهَا عدمِ إشراكِ الميلشياتِ الإيرانيةِ في هذهِ الحربِ, لضمانِ عدمِ تسليمِ الموصلِ بمقدراتِهَا وكتلِهَا البشريةِ لهؤلاءِ القتلةِ, حتى لا يُعادَ الشريطُ الفيديوي بشكلٍ مقلوبٍ مِن تسليمِ العراقِ الى إيرانِ بعدَ الإطاحةِ بالنظامِ السابقِ عامِ 2003 !!!
خارجُ النصِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, لولا خوفي على القارئ مِن السئامةِ والمللِ مِن طولِ المقالِ, لإنتقلنَا الى فتحِ الكثيرِ مِن الملفاتِ
بقلم / مهند جاسم الحسيني
مواضيع ومقالات مشابهة