انهيار منظومة الأمن الأوربي . بقلم منتهى الليثي .
انهيار منظومة الأمن الأوربي . بقلم منتهى الليثي .
لن نحلل على أساس المؤامرة رغم اعتقادنا بأن المؤامرات موجودة وتحاك بصورة متكررة ونحن الشعوب العربية والإسلامية نقر بذلك ، ولكننا في نفس الوقت أعجز البشر عن مواجهتها رغم إيماننا بأنها هي من تحرك الأحداث .
والاعتقاد بالمؤامرة إلى هذا الحد هو في حد ذاته أيضاً مؤامرة حيث أسسها من يريد السيطرة علينا والتلاعب بنا فأقنعنا بأن كل شيء هو مؤامرة ونحن عبارة عن مجموعة من الأحجار عاجزون عن أي فعل يُذكر ، وأن الأمر ليس له علاقة بضعفنا أو عجزنا أو اتكالنا أو أنانيتنا أو تواكلنا أو بالأصح كل عيوبنا ونواقصنا ، وقد نجح في ذلك فأصبحنا نعطي المبرر الجاهز عن كل حادثة تقع بأنها مؤامرة ، وبهذا نريح ونستريح ، نريح أنفسنا من البحث عن الأسباب والتصدي لمواجهة المواقف وأيضاً يستريح شعبنا لأنه وجد السبب الذي لا يستطيع له نقبا كأنه جدار ذو القرنين (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا) .
والآن لو تتبعنا ما يحدث في العالم الغربي في فرنسا وأميركا وألمانيا وغيرها من حوادث إجرامية بعضها ينسب إلى جهات إرهابية وبعضها ينسب إلى أناس لديهم خلل نفسي أو عقلي أو اجتماعي ولكن في كل الأحوال فإن النتيجة هي الهلع بين الناس وقتل الأبرياء وعشرات الجرحى إضافة إلى كونه مؤشراً لبداية انهيار في المنظومة الأمنية التي كان يتصورها البعض إنها جدار ذو القرنين .
لكن أين ذهبت كل هذه التكنولوجيا وكل الاستعدادات لمكافحة الإرهاب وأين ذهبت كل الخطط في إزاحة الإرهاب والإرهابيين إلى مناطق معينة في الشرق الأوسط للتخلص منهم ؟
وهل عجز المخطط الأميركي ومن يعاونه في حماية الناس أم أنها أيضاً مؤامرة كما يحلو للبعض أن يفسر ؟ وأعتقد أن عملية المؤامرة غير موجودة تماماً ، وأن ما يحدث هو عملية انتقال للإرهاب الذي زرعوه أو غضوا النظر عنه أو استغلوه من مناطق الشرق الأوسط إلى أوربا وأميركا لأن الإرهاب الذي تأسس خلال الفترة السابقة هو عبارة عن منظومة كاملة لها أفكارها ومفكريها وخططها ومخططيها كما لها وسائلها العسكرية والمادية لممارسة إرهابها وعليه فهي تمتلك الإمكانيات الهائلة ومنها على سبيل المثال تمكنها وسيطرتها على الإنسان وهذا ما لم تتمكن من محاربته أميركا وأوربا إذ كيف لها أن تتدخل في أفكار البشر فردأً فردا لتعرف أفكارهم ونواياهم وحتى إنها لا تتمكن من التحكم بوسائلهم ومحاصرتها فكيف لحكومات تسمح بشراء السلاح وتداوله أن تمنع إنسان من استخدامه وحتى إن تمكنت من تقييد ذلك فكيف لها بان تقيد المجتمع من أن يستخدم وسائل الطبخ وعدم استخدامها في إرهاب الناس وسفك دمائهم وهذا ما حدث مؤخراً في الاعتداء على إحدى الكنائس في فرنسا بواسطة استخدام السكاكين وليس غيرها .
ورغم أن السلطات الفرنسية فرضت على منفذ العملية ارتداء جهاز تعقب إلكتروني لمعرفة الأماكن التي يتردد عليها وسمحت له بمغادرة منزله لبضع ساعات فقط في اليوم إلا إنه تمكن من تنفيذ الاعتداء .
إن الأحداث التي تجري على أرض الواقع أثبتت أن أميركا رغم الظاهر أنها الأذكى والأقوى وهي التي تتحكم بصورة رئيسية في الأحداث لكنها لم تتمكن من السيطرة على كل مجريات الأمور ، وهناك الكثير منها خرج عن السيطرة ومنها ما هو خطير جداً وهو أمن المجتمعات الغربية حيث بدت هشاشته للمتابع وأنه أوهن من بيت العنكبوت .
وهذا ما أكده المرجع والمفكر السيد الصرخي الحسني في تحليله للسيطرة الأميركية على المنطقة بقوله (والذكاء النسبي الأميركي أقصد به أن أميركا تعتقد حالياً أنها تحقق استنزاف وإضعاف إيران ، وكذلك اِستنزاف وإضعاف الدولة الإسلامية (داعش) ، واستنزاف وهتك وتحطيم وتدمير الشعب العراقي ، إضافة للاِستنزاف الاِقتصادي للدول الخليجية الداعمة مالياً ، وإضافة لذلك كلّه فان قبضة أميركا وتدخلها في شؤون دول المنطقة قد ازداد وقوي وتضاعف بسبب الإرباك الفكري والأمني والمجتمعي الذي أصاب حكومات المنطقة وشعوبها… لكن ليس كل ما تعتقده وتتمناه أميركا سيتحقق ومن هنا قلت انه ذكاء نسبيٌّ ) .
( أحذر الشعوب الغربية أحذر الشعب الأميركي من حصول مواجهات غير متوقعة لأنكم تقاتلون أناس متمرسين جداً ومتمكنين جداً وأذكياء جداً فعليكم وعلى الجميع أن يتصرف بذكاء يكفي العناد ) .
وعلى العرب والمسلمين أن يتعظوا مما يجري ويعيدوا حساباتهم ويتجاوزوا النظر القاصر كما قال المرجع الصرخي ( أما العرب وأقصد الأنظمةَ والحكوماتِ فكما هو المعتاد فان تفكيرَهم لا يتجاوزُ الحيِّزَ المكانيَّ الضيّقَ الذي يعيشون فيه ويومَهم الذي هم فيه ، فنظرُهم يكون قاصراً عادة ) .وعلى الشعوب العربية أن تتخلص من الوهن والاتكال وأن تسعى لخلاصها بمعالجة أمراضها النفسية التي هي سبب الوهن والضعف والتبعية للمستعمر والطغاة وكهنة المعابد .
مواضيع ومقالات مشابهة
