التدليس من الرواية والتدريس إلى المونتاج والإخراج.
أصل كلمة التدليس هي التزييف وقد اُستخدمت هذه الكلمة في علوم الرجال والحديث كمصطلح يراد به مثلاً قطع في ترجمة راو أو إسقاطه من السند أو اقتطاع جزء من الحديث ليتغير المعنى. وحين نريد أن نحلل الدواعي النفسية لذلك نجد أن القائمين على عملية التدليس يواجهون رعباً فكرياً وانهزامية أمام المداليل الفكرية , والغاية من ذلك هو منع إيصال المعلومة التي تؤثر فكرياً على المتلقي . إن أهم الخصائص في الإسلام إنه دين فكري يدعو إلى البحث والتروي وهذا الأمر جعل منه سباقاً حثيثاً على حفظ الرواية وتدرسيها الأمر الذي جعل تراث الإسلام الحقيقي محفوظاً بين كم هائل من الأخبار. لقد بدأ التدليس مع بوادر حدوث التطرف في الإسلام فبدأ الأمويون منع الكتابة ووضع الأحاديث المزيفة فيما بدأ ذلك عند التيارات المتطرفة من الشيعة مع الفرق التي تشكت كالسبأية والخطّابية وغيرهم حتى دُست وزُورت الآلاف من الأحاديث ,وحتى أمسوا يحاربون الإسلام علمياً ويكون المدح والذم بناءاً على الانتماء للطائفة, فكان ذلك سبباً لوقوع الفتن, وكثير من مآسي اليوم هي أثر التدليس في التأريخ,وبعد أن فجر المرجع المحقق العراقي السيد الصرخي الحسني ثورة علميةفي سلسة محاضرات "تحليل موضوعي في العاقائد والتاريخ" كسر بها قيود الطائفية وأعاد بالدليل العلمي القاطع ثقافة الاسلام الحقيقية وعظمته كدين للانسانية جمعاء ,دب الرعب الفكري من هذا المشروع العملاق في قلوب أسلاف المتطرفين من الفريقين ,وحيث أنها محاضرات فيديوية, أخذ المتطرفون من الشيعة والسنة يقتطعون أجزاءً من كل بحث ليغيروا المعنى المراد كل بحسب تعصبه وأهواءه, يقول المرجع الصرخي الحسني ((وقع علينا تدليس فاحش بخصوص الصحابة بسبب الطائفيين السنة والشيعة , تحدثنا كثيراً عن التدليس والمدلسين وأساليبه وخطورته وتأثير ذلك في وقوع الفتن والأحداث الدموية بين المسلمين على طول التأريخ الإسلامي , وأشرنا إلى إمكان أن يقتطعوا أي مقطع صوتي مما أقوله فيخرجوه عن سياقه ويدلسوا فيه ليتماشى مع مرامهم...لقد أبطلنا القول بتكفير الشيعة لوجود روايات تدل على انحراف الشيعة كما أبطلنا القول بتكفير الصحابة والسنة لوجود روايات تدل على انحراف الصحابة , ومن الواضح أن نقاش مثل هذه المسألة يكون مترابطاً ولا يصح اجتزاء واقتطاع بعضه عن البعض الآخر فالروايات والتعليقات التي أتت في سياق النقاش وضمن البحث المتكامل ذي الموضوع الواحد يجب أن ننظر إليه بمنظار السياق الواحد وبلحاظ وحدة الموضوع, فلا يصح أن نقتطع من البحث الروايات الذامة لبعض الشيعة فيقال أنه يذم الشيعة كما لا يصح أن نقتطع من البحث الروايات الذامة لبعض الصحابة فيقال أنه يذم الصحابة ويكفر الصحابة . )) هكذا يكون كل من أقتطع جزءً من بحث مترابط مدلساً لكن هذه المرة التدليس ليس بطريقة التدريس وإنما بطريقة الإخراج والمونتاج ,
عبد الاله الراشدي
مواضيع ومقالات مشابهة