بَوادرُ الخلافِ وإعادةُ الإصطفافِ الغربي
الدكتور مهند جاسم الحسيني
إنَّ مِن أعظمِ مَا يُمكنُ للمرءِ تصورُهُ مِن جنودِ اللهِ تعالى, بحيثُ لا يحتاجُ هذا التصورُ الى أيِّ درجةٍ مِن درجاتِ الإيمانِ بالغيبِ, حيثُ يستوي فيهِ المؤمنُ والكافرُ على حدٍ سواءٍ, هو قاهريةُ الغيبِ والموتِ !!!فإنَّ الموتَ قد أذلَ رؤوسَ الجبابرةِ وكبارَ المنتفعينَ وأولي القوةِ والسطوةِ والسيطرةِ, بحيثُ مهمَا بلغَ مقدارُ سطوةِ الجبارِ وسلطةِ الظالمِ, فإنَّهُ سيقعُ قتيلاً صريعاً ذليلاً حقيراً بيدِ هذا الجندي, الذي لا يخبرهُ بوقتِ غارتهِ, ولا بساعةِ قدومهِ, فلا يُمهلُ غريمهُ لحظةً لغلقِ عينيهِ, ولا بابتلاعِ ريقهِ, بحيثُ يتوقفُ عندَ المحتضرِ ما يُعرفُ بالزمانِ والمكانِ, فلا تُعدُ معالجتهُ بالساعاتِ فَيُصْبَرُ على إنقضائِهَا, ولا بضائِقَةٍ فَيُؤملُ إنفراجَهَا, فسبحانَ مَن جعلَ مَن سَيَرَ الجيوشَ بلا حجابٍ, وفاجأ مَن كانَ حذرَ الموتِ ببلوغِ الكتابِ, فساقهُ سوقَ عزيزٍ قوي مقتدرٍ الى الحسابِ ...
والآخرُ هو الغيبُ, حيثُ لا يعلمُ الغيبَ إلا اللهُ تعالى مجدهُ وعلا شأنهُ, فَمَن إدعى أنهُ للهِ تعالى قريبٌ فلياتنَا بأثارةٍ مِن علمٍ ممَا ندخرُ في بيوتنَا, ونختزنُ في جُعَبِنَا, ووقتَ حضورِ الخيرِ لنستكثرْ منهُ خشيةَ الإملاقِ, ولكن أنى لهُ هذا وقد تكالبتْ عليهِ الأحداثُ بتكاذبِ التنجيمِ, وانكشفتْ واضحةً بعدَ تصرمِ التعتيمِ, فأصبحَ السائلُ والمسؤولُ على أسنانِ الأمشاطِ في إتساقِ أطوالِ أسنانِهَا, وإستوساقِ ترتيبِهَا, فَمَا تساقطَ مِنَها إلا وأذنَ لغيرهِ بمثلهِ ...
فكمَا أذلَ اللهُ تعالى الظالمينَ بالموتِ والفناءِ, كذلكَ أذلَ المُدَّعينَ بغياهبِ ماتؤولُ لهُ الأمورُ, وتنتهي إليهِ الأحداثُ, حتى إذا ما خالجتهُ نفسهُ أن يدعي ما ليسَ لهُ مزاحمةً لأولياءِ اللهِ الصالحينَ, أدبتهُ مخالفةُ مَا إستقرتْ عليهِ الظنونَ, وذهبتْ إليهِ أقاويلُ أهلِ الدجلِ والتنجيمِ والخيالِ !!!
#لذا ...
فكلُّمَا أقولهُ ويقولهُ الأخوانُ مِن أشياءٍ نتوقعُ حصولُهَا, فهي محكومةً بقانونِ الإستقراءِ والإستظهارِ والتوقعِ ليسَ إلا, فلا يقينَ ولا تأكدَ مِن حصولِهَا, لذا لا يجبُ لأيِّ فردٍ أن يُرَوجَ لهَا على أنَّهَا يقينيةُ الحصولِ ومقطوعةُ الحدوثِ, حتى إذا ما بانَ خلافُهَا حارَ في فهمِهَا وجاهدَ في الدفاعِ عنهَا, وكأنَّهَا مِن الكلامِ المقدسِ أو مِن الكتابِ الأقدسِ, ومَن أصرَ فعلَ ذلكَ فليسَ الى خيرٍ عاقبتُهُ, ولا الى ما يُحمدُ عقباهُ مَنزلتُهُ, فالحذرُ الحذرُ الحذرُ مِن فتنةٍ لا تُبقي ولا تذر, مُذَكِرِكُم ونفسي بمَا أخبرَ عنهُ الحبيبُ المصطفى -صلى اللهُ عليهِ والهِ وصحبهِ وسلمَ- : (دونَ الساعةِ إثنا وسبعونَ دجالاً, منهم مَن لا يتبعهُ رجلٌ واحدٌ) !!!
وبالمقابلِ فإنَّ طريقةَ الإستقراءِ والإستدلالِ وتتبعِ الأحداثِ وإستقصاءِ القصصِ والآثارِ وكيفيةِ التعاملِ معهَا وإستنطاقهَا وإستخراجِ مكامنِ قوتِهَا وضعفِهَا, ففيهَا كلَّ الخيرِ والصلاحِ والإصلاحِ النفسي والروحي والعقلي, فلا ملازمةَ بينَ سقوطِ النتيجةِ الى سقوطِ المقدماتِ, خصوصاً إذا كانتْ تلكَ المقدماتُ غيرَ تامةٍ, بل ومبنيةٍ على الإستقراءِ والتتبعِ الناقصينِ بطبيعةِ حالِ مَن يُحاولُ أن يفهمَ الكثيرَ ممَا ستؤولُ إليهِ الأمورِ في المستقبلِ !!!
لذا فإنَّ ترويضَ النفسِ على الفهمِ والكتابةِ والإطلاعِ والإستنتاجِ مِنَها جميعاً, هو الخيرُ كلُّهُ, وأمَا مطابقةُ ما ستنتهي إليهِ الأحداثُ فهو تحصيلٌ حاصلٌ وسيراهُ المرءُ ولو بعدَ حينٍ, إذا كتبَ اللهُ تعالى لهُ البقاءَ ...
لذا فليسَ مِن العقلِ ولا مِن الحكمةِ ولا مِن الأخلاقِ أن نساوي بينَ مَن إفترضَ شيئاً فبانَ صوابهُ, ولَم يقدمُ على ذلكَ دليلاً ولا برهاناً, فَمَا تخرصَ بهِ لا يعدو سوى ضربةِ حظٍ فقط, ولكنَ الخيرَ والبركةَ معقودةٌ في البرهانِ وطريقةِ الإستدلالِ, بحيثُ لا يخرجُ المقابلُ بوفاضٍ خالٍ أبدا ...
حيثُ رأيتُ الكثيرَ مِن الروادِ والأحبةِ والأعزاءِ كيفَ تغيرتْ نبراتُ أصواتِهِم, وطريقةُ تعاملِهِم, وسلاسةُ إستدلالاتِهِم, بعدَ دوامِ الأخذِ مِن هذهِ الصفحةِ المباركةِ إن شاءَ اللهُ تعالى, بل رأينَا كيفَ يكونَ العملُ الجماعي مباركاً ومسدداً برغمِ مِن النقصِ والجهلِ الذي لا يخلو منهمَا كاتبُ هذهِ الأسطرِ, نعم بالرغمِ مِن ذلكَ وبالرغمِ مِن غيرهَا, نجدُ النجاحَ والتأثيرَ على سلوكِ الغيرِ, بل صرنَا المحركينَ للكثيرِ مِن النقادِ والحسادِ والكُتابِ على حدٍ سواءٍ, وهذا لا يدلُ إلا على نجاحِ خطواتِنَا, وبركةِ كتاباتِنَا الى حدِ التأثيرِ في العدو الحاسدِ الحاقدِ المنافقِ الكذابِ المدلسِ النمامِ الفحاشِ, فضلاً عن التأثيرِ بالمؤمنينَ المخلصينَ الذينَ يتعلمونَ -وأنَا مِنهُم- على سبيلِ النجاةِ ...
نعم, أنَا معكم ورأيي مطابقٌ لِآرائِكُم بنسبةٍ كبيرةٍ جداً, "إنَّ ما يُقالُ ويُدَّونُ ويقررُ ويُبحثُ هنَا لهو أرفعُ وأرقى وأسمى مما يقولهُ الكثيرُ مِن الكُتابِ والمحللينَ, بل لا قياسُ أبداً بينَ ما يُطرحُ هنَا ويُطرحُ هنَاكَ, ولا دورَ في هذهِ الشهادةِ بعدَ أن نعلمَ ونتيقنَ أن الشهادةَ هذهِ قالَهَا الكثيرُ مِن الكُتابَ والمحللينَ والباحثينَ المعروفينَ على نطاقٍ واسعٍ بينَنَا",
ولكن هذا لا يعني أن نصلَ مرحلةَ الغلو -حاشاكُم منهُ طبعاً- في الكاتبِ الى درجةِ أن نجعلَ نِداً الى ما يطرحهُ الأساتذةُ في دراساتِهِم العقائديةِ والتأريخيةِ فضلاً عن غيرِهِمَا وأقصدُ الأصوليةَ والفقهيةَ, كيفَ وإنَّ ما يُطرحُ هناكَ يَنحدرُ عنهُ السيلُ, ولا يرقى إليهِ الطيرُ, فضلاً عن كاتبٍ بسيطٍ أعتادَ التقوتَ والتغذي مِنهُم أصلاً !!!
فَأقولُهَا وللمرةِ الألفِ :
إنَّ كلَّ ما أقدمهُ وأكتبهُ وأوضحهُ لا يُمثلُ إلا عشرَ معشارِ ما تمكنتُ مِن فهمهِ وتعلمهِ وهضمهِ لمطالبِ السيدِ الأستاذِ الصرخي الحسني, وأمَا الباقي فأتمنى أن أكونَ محلاً لرعايةِ الباري عزَّ وجلَّ أن نوفقَ الى فهمِ الباقي الى درجةٍ يُمكن أن يُقالَ عني صرخياً حسنياً عراقياً عربياً وطنياً شريفاً ...
#بالتأكيدِ ...
أني تَعمدتُ أنَّ أقدمَ هذهِ المقدمةَ التي أعتقدُ بأهميتِهَا وبدرجةٍ عاليةٍ جداً, حتى وصلَ بي الحالُ الى جعلِهَا مقدمةً لبحثٍ ومقالٍ سياسي, ولأهميتِهَا لا أجيزُ أبداً أن يُقْتَطَعَ المقالُ ويُنْشَرُ بدونِهَا أبداً, بالرغمِ مِن غرابَتِهَا على الموضوعِ ...
#وطبقاً_لهذهِ_النظريةِ ...
وهي أنَّ ما يُثارُ هنَا ليسَ فيهِ شيءٌ مِن غيبٍ ولا الغيبياتٍ, بل مبنيٌ على أساسِ القراءةِ السياسيةِ للأحداثِ فحسبِ, ولذا فتكونُ هذهِ النظريةُ مبنيةً على أساسِ تتابعِ الأحداثِ المحتملةِ فقط وفقط ...
ومِنهَا كتبنَا المقالَ السابقَ والموسومَ : (الرئيسُ ترامب ... المنصورُ بالرعبِ), حيثُ بينَا خلالَهُ أن المتوقعَ جداً أن الإدارةَ الأميركيةَ سوفَ تستفادُ كثيراً مِن الرعبِ والخوفِ والوجلِ ممَا ستنبثقُ عنهُ هذهِ الحكومةُ الجديدةُ, وإنَّ هذا الإستغلالَ لهذهِ الميزةِ التي لَم يمتازْ بهَا سواهُ مِن الرؤوساءِ السابقينَ الأربعِ والاربعينَ أبداً, سوفَ تُعيدُ إصطفافَ العالمِ وبشكلٍ كبيرٍ جداً, بحيثُ يُمكن أن تُعَدَ هذهِ الحقبةَ مستقبلاً مِن حقبِ إنقلابِ التاريخِ السياسي, أسوةً بالإنقلابِ البيئي والجيلوجي كالعصرينِ الجليدي والطباشيري !!!
فإنَّ إدارةَ الرئيسِ الأميركي الجديدِ متجهةً هذهِ المرةَ صوبَ الإنفرادِ بالرأي, والتخلي عن الشركاءِ الستراتيجيينَ الأوائلِ, كالشراكةِ الأوربيةِ الأميركيةِ,
لأنَّ سياسةَ الإنفرادِ بالرأي والتحركِ لا يُتوقعُ معهَا الحاجةَ الى الشركاءِ أبداً, بل الإعتمادُ على النفسِ والمقدراتِ هو العنصرُ الغالبُ عليهَا بطبيعةِ الحالِ ...
ومَا يُؤكدُ هذا التوجهُ للإدارةِ الأمريكيةِ المقبلةِ, التصريحاتِ التي أدلى بهَا الرئيسُ أوباما, حيثُ صرحَ أنَّ الإدارةَ الأميركيةَ لا تُغيرُ تعاملَهَا الستراتيجي مع أعضاءِ الناتو (NATO), وهذا يَكشفُ أن هذا الحلفَ كانَ أحدَ البنودَ الرئيسيةَ التي تحدثَ بهَا الرئيسانِ أوباما وترامب أثناءِ لقائِهِمَا في البيتِ الأبيضِ مؤخراً, وإلا ما سِرُ التصريحِ ورسائلِ الطمئنينةِ التي أرسلهَا أوباما الى المجتمعِ الأوربي على الوجهِ الخصوصِ, بل أنَّ التصريحاتِ التي أطلقهَا أثناءَ سفرهِ الى أوربا الشرقيةِ -اليونان- أبدى خلالَهَا أنهُ غيرُ متفائلٍ كثيراً بقراراتِ الرئاسةِ الجديدةِ, وإن علقَ آمالهُ على تغيرِ الحالِ بعدَ أن يتسلمَ الرئيسُ ترامب الإدارةَ بشكلٍ فعلي !!!
بل, أنَّ المُتتبعينَ لخطاباتِ الرئيسِ أوباما لَم يشهدوا فيهِ حالةِ السكوتِ والتروي والتفكيرِ في الجوابِ سابقاً مِن خالِ الأسئلةِ المطروحةِ عليهِ من قبلِ الصحافةِ كَمَا رأينَا هذهِ المرةِ, لأنَّ المستقبلَ وما ستؤولُ إليهِ الأمورُ مجهولةً الى حدٍ كبيرٍ هذهِ المرةِ حتى على الرئيسِ أوباما نفسهُ, فكيفَ برؤوساءِ الآخرينَ مِن الدولِ العالمِ الثاني الثالثِ !!!
ولا بأسَ أن أقربَ لكُم غرابةَ الرئيسِ ترامب أكثرَ بالمنظورِ الدولي عموماً والأوربي خصوصاً ...
فإنَّ المؤتمرَ الذي أقيمَ في باريسَ في بداياتِ ديسمبر الماضي حولَ الإحتباسِ الحراري وتقنينِ الإنبعاثاتِ الى الجو, والذي إنتهى بموافقةِ (195) دولةٍ مشاركةٍ على تقليلِ الطاقةِ الأحفوريةِ وإدارةِ الغاباتِ, وعلى رأسِهَا الدولةُ الأكثرُ تلويثاً للبيئةِ كالصينِ, فبالرغمِ مِن أنَّ الخاسرَ الأكبرَ هي الصينُ لكنَهَا كانتْ مِن أكثرِ البلدانِ تشجيعاً الى تطبيقِ هذا القانونِ ...
وبالرغمِ مِن إتفاقِ العلماءِ والباحثينَ المناخيينَ على أنَّ السببَ الرئيسي لرتفاعِ حرارةِ الجو هي غازاتُ المنبعثةُ مِن إستعمالِ الطاقةِ الحفوريةِ, وعلى الرغمِ مِن تضررِ الكثيرِ مِن البلدانِ وعلى رأسِهَا الصينُ وروسيا في حالِ تطبيقِ هذا القانونِ في بداياتِ العامِ (2020), يأتي الرئيسُ الأميركي الجديدُ ترامب لينفي أنَّ هذهِ الإنبعاثاتِ هي السببُ الأساسي مِن هذا الإحتابسِ, بل ويجعلَ إستئنافَ عملياتِ إستخراجِ الطاقةِ الأحفوريةِ جزءاً مِن حملتهِ الإنتخابيةِ, بذريعةِ التقدمِ الإقتصادي المرادِ تحقيقهِ في سنواتِ ولايتهِ, وكذبةِ الإحتباسِ الحراري !!!
وطبعاً أنَّ غرابةَ التصريحِ لا تأتي بسببِ أنَّ رئيساً أمريكياً بالغاً مِن العمرِ سبعينَ عاماً وهو ينفي أنَّ الإنبعاثَ عاملاً أساسياً لتقلبِ أحوالِ المناخِ فقط, بل لأنَّهَا تُمثلُ طعنةً في ظهرِ فرنسا التي أستضافتْ هذا المؤتمر على أراضيِهَا, وهيئتْ لهُ أسبابَ النجاحِ كافةً, وهذا النقضُ على المبادرةِ الفرنسيا تُرسلُ برسالةِ عدمِ إحترامِ الى فرنسا, بل والى الإتحادِ الأوربي كافةً, حيثُ أن إنتعاشَ الإقتصادِ الفردِ الأميركي وليسَ الإقتصادَ الأميركي يتقدمُ على الإتفاقياتِ الدوليةِ عامةً ومِنهَا الأوربيةِ حتى !!!
#ولذا ...
ربَّمَا لَم يجدْ الكُتابُ والمحللونَ ما يقولونهُ تحليلاً وتوضيحاً لسببِ إصرارِ الرئيسِ فرانسو أولاند على تطبيقِ مخرجاتِ مؤتمرِ فرنسا للحتباسِ الحراري, بل وسببِ تكرارِ رسائلِ الإطمئنانِ التي بعثهَا الرئيسُ أوباما إليهِ, بل وربَّمَا عملهُ على إستحصالِ الإقرارِ مِن حكومتهِ ليصبحَ ملزماً للإدارةِ الجديدةِ, لأنَّ النقضَ على مخرجاتِ هذا المؤتمرِ يعني أنَّ أميركا رضيتْ بالإستغناءِ عن فرنسا وعن الإتحادِ الأوربي جميعاً, هكذا يفهمُ الرئيسُ الفرنسي كلامَ ترامب !!!
أي أنَّ الرئيسَ الجديدَ ترامب لا يحترمُ القراراتِ الدوليةِ ولا المخرجاتِ الأمميةِ ما لو تعارضتْ مع مصلحةِ الفردِ الأميركي وليسَ مع مصالحِ الدَوْلَةِ العليا, هذا فضلاً عن كونهِ متخلفاً الى حدٍ كبيرٍ جداً, ممَا يصعبُ التعاملِ معهُ الى حدِ الإمتناعِ, لأنَّهُ لم يصل الى مرحلةِ الخطرِ المحدقِ بالكوكبِ بأسرهِ نتيجةً لهذهِ الإنبعاثاتِ, فكيفَ يُمكن أن تُجرى معهُ مباحثاتٍ في أمورٍ أكثرِ خطورةٍ وأصعبِ فهمٍ مِنهَا ؟!!
#ولكنَ ...
الحقيقةَ تخبرنَا والواقعَ ينبؤنَا أنَّ وصولَ المتطرفينَ واليمينيينَ الى الحكمِ سيكونُ هو العنصرَ الغالبَ, بعدَ أن أتفقتْ كلمةُ الساسةِ على عدمِ السماحِ لهؤلاءِ بالوصولِ الى سدةِ الحكمِ وإتخاذِ القرارِ, لأنَّ وصلَهُم يعني الويلَ والثبورَ والدمارَ هو العنصرُ الغالبُ تحققهُ مستقبلاً, والمشهدُ المتوقعُ رؤيتهُ فورَ وصولِهُم إليهِ, لذا كانَ يُقبلُ هؤلاءِ المتطرفونَ كسياسيينَ فقط, وليسوا كقادةِ أبداً, وهذا ما يُفسرُ لنَا عدم تسلمِ الرئيسِ الجديدِ ترامب أيَّ منصبٍ سياسي في الحزبينِ الذينَ تناقلَ بينَهُمَا على مدارِ عقدينِ تقريباً, وهمَا الجمهوري والديمقراطي !!!
ولكن ماذا نفعلُ مع الأغبياءِ الأوباشِ مِن قياداتِ العالمِ الأولِ, حيثُ تعاملوا مع الناسِ على أنَّهُم جزءاً مِن الخوارزمياتِ الحاسوبيةِ, حيثُ لا يُمكن أن تعصي لمصممهَا أمراً أبداً, هكذا هُم تعاملوا مع الشعوبِ والعالمِ بأسرهِ, حيثُ يقدمونَ المقدماتِ تحسباً لإغتنامِ نتيجةٍ متوخاةٍ, ولكنَ نسوا أنَّ التربيةَ والتعاملَ مع المجتمعاتِ والشعوبِ لا يتمُ بهذهِ الطريقةِ البرامجيةِ المنطقيةِ الحاسوبيةِ, بل إنَّ إشاعةَ الفضيلةَ والأخلاقَ الحسنةَ والتعاملَ الإنساني, هو مَا يُربي الشعوبَ ويقطفُ ثمارَ الجهدِ الجهيدِ على تربيتِهِم بمرورِ الزمنِ !!!
#نَعم ...
بعدَ أن أذكوا في العالمِ عامةً والمنطقةِ خاصةً كلَّ أنواعِ الإرهابِ وكلَّ مسمياتهِ وإنتماءاتهِ, مِن ثوارِ القوقازِ الى إنفصاليي أوكرانيا الى القاعدةِ الى تنظيمِ الدولةِ -داعش- الى بوكو حرام الى أنصارِ بيتِ المقدسِ الى عسكرةِ الفكرِ السلفي الى الأخوانِ الى العشراتِ والمئاتِ مِن أخواتِهَا, فمَاذا ينتظرُ هؤلاءِ الغربيونَ والأمريكيونَ بعدَ ذلكَ, غيرَ تطرفِ شعوبِهِم وتوحشِهَا واستذئابِهَا, الى حدِ أنَّ يصلَ المجتمعُ ما رأيناهُ في أفلامِ الخيالِ العلمي وهو مجتمعُ الزمبياتِ وأكلةِ لحومِ البشرِ والإعتيادِ على مناظرِ القتلِ والدمارِ والتهويلِ والترويعِ, والعملِ على نقلِهَا الى نفسِ مجتمعاتِهِم التي أنعمَ اللهُ تعالى عليهَا مؤخراً بالراحةِ والإطمئنانيةِ !!!
لذا فإنَّ المجتمعَ يتأثرُ بمَا حولهُ مِن مشاهدٍ ومجتمعاتٍ, خصوصاً إذا كانتْ تلكَ المشاهدُ قدَ أُذكيتْ بفعلِ فاعلٍ, وروجَ لهَا الإعلامُ الى أنَّ جعلوا شعوبَهُم تعتقدُ تمامَ الإعتقادِ, إنَّ مَن يعيش في أرضِ العربِ هُم أرهابيونَ قتلةٌ مجرمونَ سفاحونَ, ولا يستمتعونَ إلا بقتلِ أضاحيهم بطريقةِ الذبحِ والحرقِ والقذفِ مِن شاهقٍ !!!
بعدَهَا ماذا ننتظرُ مِن شعوبِهِم أن تنتخبَ ؟!!
وماذا نتوقعُ مِن شعوبِهِم أن تختارَ ؟!!
ومَاذا نتصورُ مِن شعوبِهِم أن تتصرفَ ؟!!
بالتأكيدِ سيكون الشعبُ مضطراً ما بينَ الدفاعِ عن نفسهِ وطلباً للقتلِ والثأرِ مِن الآخرِ, خوفاً مِن أن يصلَ الحالُ الى أكثرِ ممَا وصلَ إليهِ مؤخراً في بلدانِهِم, حيثُ خلفَ الإرهابيونَ المئاتِ مِن القتلى والجرحى والمروعينَ في مجتمعاتِهِم الآمنةِ, بعدَ أن عانتْ الأمرينِ مِن الحربينِ العالميتينِ التي دارتْ رحاهُمَا على أرضِهِم, بالتأكيدِ سوفَ ينتخبونَ المجرمَ والمتطرفَ واليميني, بل وأقصى اليميني, بعدَ أن تثقفوا على ثقافةِ قتلِ الآخرِ والأخذِ بالثأرِ مِنهُم, وعلى وجوبِ الدفاعِ عن النفسِ !!!
وبعدَ ذلكَ هل ننظرُ الى أنَّ الرئيسَ ترامب وصلَ جزافاً وبلا شعورٍ الى البيتِ الأبيضِ ؟!!
وهل ننخدعُ أنَّ تربيةَ الشعوبِ نحو التطرفِ النفسي والروحي والفكري لَم يكن مقصوداً عندَ هؤلاءِ الرسامينَ للمشاهدِ السياسيةِ ؟!!
وهل نصدقَ أنَّ الصدمةَ التي ظهرتْ على وجوهِ الكلِّ كانتْ حقيقيةً وغيرَ زائفةِ ولا كاذبةِ ؟!!
لا وألفُ لا ولا ولا ولا ولا ...... كرروهَا نيابةً عني الى آلافِ بل ملايينَ المراتِ !!!
إنَّ الخوفَ والرعبَ وجهالةَ مستقبلِ القارةِ الأوربيةِ والعالمِ بأسرهِ, جاءَ كلُّهُ نتيجةً لهذهِ السياسةِ التربويةِ والتعبويةِ الشعبيةِ الجماهريةِ المجتمعيةِ, حيثُ السياسيونَ بأجمعِهِم ثقفوا شعوبَهُم بعشراتِ الطرقِ, أنَّ الخطرَ يكمنُ في الشرقِ عموماً وفي الشرقِ الأوسطِ على نحو الأخصِ, حيثُ لا رادعاً ولا حاكماً ولا دولةً ولا حكومةً موجودةٌ هناكَ, لهَا القدرةُ على السيطرةِ وكبحِ جماحِ المتشددينَ الإرهابيينَ التكفيريينَ !!!
#إذن ...
يكونُ الردعُ والحصانةُ والأخذُ بالثأرِ فقط عندَ انتخابِ المتشددينَ اليمينيينَ المجرمينَ فكراً وعملاً, وعندَهَا تسنى للرئيسِ ترامب أن يتسلقَ بطريقةٍ سهلةٍ جداً الى غصنِ الحكومةِ ليقطفْ كرسي الرئاسةِ بطريقةٍ رُسِمَتْ لَهُ مُسبقاً بطريقةٍ غبيةٍ وربَّمَا عفويةٍ وغيرِ مقصودةٍ !!!
ومِن هنَا لا يتفاجأ العالمُ بالرئيسِ الأميركي المتطرفِ أن وصلَ الى الحكمِ والرئاسةِ أبداً, لأنَّ المتوقعَ جداً أن تكرارَ هذا المشهدِ سيكونُ مألوفاً جداً في الأيامِ المقبلةِ حيثُ الإنتخاباتُ الفرنسيةُ والألمانيةُ وعمومُ الدولِ الأوربيةِ والعالمِ, هذا مِن وجهةِ نظرِ البلدانِ غيرِ الإسلاميةِ,
أمَا بلادُ الإسلاميةِ فحدثَ ولاحرجَ عليكَ, حيثُ تسلقَ المتطرفونَ قبلَ الغربِ الى سدةِ الحكمِ بسنينَ, ومَا مصرُ وتونسُ وليبيا والمملكةُ العربيةُ السعوديةُ واليمنُ والعراقُ وسوريا إلا شواهدٌ على ذلكَ, حيثُ لم تبقَ بلادٌ عربيةٌ إلا وحكمهُ الجلادونَ المجرمونَ, فمَا أن يَتَسَلَمَ الحكمَ إلا ويُعلنَ حرباً على طرفٍ آخرٍ أو جهةٍ أخرى, وكأنَّ السياسةَ والكياسةَ وإثباتَ الوجودِ عندَ هؤلاءِ لا يُثبتُ إلا بالمسيرةِ الحربيةِ الإجراميةِ على الشعوبِ والمنطقةِ !!!
#ومِن_ذلكَ_يُمكن_أن_نتوقعَ_جداً :
بوادرُ الخلافِ والإختلافِ والشحناءِ والبغضاءِ في دولِ الغربِ كافةً, بل ربَّمَا تشكيلُ جيوشٍ وتحشيدٍ رديفةٍ في الفتراتِ المقبلةِ القريبةِ, تماشياً مع التنصلِ الأميركي الحالي عن الكثيرِ مِن إلتزاماتهِ, للدفاعِ عن أمنِ البلادِ الأوربيةِ الشرقيةِ بدلاً مِن الإتكالِ بشكلٍ كاملٍ على القدراتِ الأميركيةِ الدفاعيةِ هناكَ ...
وبالتالي سيتحققُ لأميركا غرضاً مِن أغراضِهَا وهدفاً مِن أهدافِهَا, حيثُ سَتُنعشُ الأسواقُ الأميركيةُ مرةً أخرى بعدَ نهايةِ الحربِ العالميةِ الثانيةِ مِن تجارةِ الأسلحةِ مع أوربا, وتصديرِ الكثيرِ مِن التقنياتِ العسكريةِ إليهَا غرضاً لحمايةِ أمنِهَا, بدلاً مِن الإتكالِ على القدراتِ الأميركيةِ بشكلٍ كبيرٍ وبالمجانِ, كمَا عبرَ الرئيسُ ترامب مؤخراً "لا شيءً بالمجان, إدفعْ وستحصلْ على الحمايةِ الأمريكيةِ" !!!
خارجُ النصِ :
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, لا تنسوا الإعجابَ وطلبَ الإعجابِ بالصفحةِ التابعةِ لنَا, والمرفق رابطهَا أدانهُ :
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=1814838878792515&set=a.1417096638566743.1073741828.100007992601410&type=3
مواضيع ومقالات مشابهة