ابن كثير و الاضطراب النفسي في حقيقة مذهب الاندلسي
الكتاب يُعرف من عنوانه
مقولة تناقلت كثيراً بين الأوساط العلمية والفكرية لكل المجتمعات الإسلامية , و كل
حسب رؤيته لهذا القول , و لسنا هنا في باب التفصيل عن حقيقته , لكن ما يهمنا هو الحقائق
و التوجهات التي ينطوي عليها وهي بمثابة عنوان فكري وأخلاقي لكل أفراد ألمجتمع
فمثلاً الطبيب الماهر يعرف من خبرته الفائقة و كذلك بقية المهن و الحِرف الأخرى
وهذا ما ينطبق تماماً على ناقلي الروايات و الأحداث التي شهدها التأريخ , وعلى مر
العصور فالراوي و الناقل للحديث يُعرف من خلال إطلاعه الواسع على مصادر الرواية و ألحديث
لأكثر من باحث و مدقق عند أصحاب الرسالة أو المبلغين لها إضافة إلى ذلك وهو الأهم
وقبل كل شيء أن يتحلى الراوي بالصدق و الأمانة , و عدم الخيانة في نقل ما يسمعه و
يراه من شواهد و حقائق تثبت صدق ما ينقله و يرويه, وهنا ندخل في صلب الموضوع فنحن
قد أشرنا في عنوان مقالنا إلى أشهر و أبرز ناقل للحديث و الروايات عند المسلمين
والمعروف بإبن كثير وهو غني عن التعريف و لا مجال للإسهاب في مكامن شخصيته لأننا
بصدد مناقشة شبهة قد وقع فيها دلت على إضطراب نفسية و توهم أبن كثير في حقيقة
الإنحدار المذهبي لشهاب الدين الاندلسي صاحب كتاب العقد الفريد و المعروف أي
الأندلسي بكثرة تردده على البلاط الأموي و مدى غلوه في المديح لهم و بشتى الأشكال
حتى في أراجيزه و أشعاره التي لا ينكرها الداني و القاصي ومع كل تلك الحقائق
الدامغة التي تثبت تسنن الأندلسي و حجم تعلقه بمذهب الأمويين و أبن كثير لم يعي
حقيقته فوقع في شبهة عندما أعطى الصورة الخاطئة لحقيقة معتقد الأندلسي, فجعله في
خانة التشيع و من الشيعة المغالين في أهل البيت ( عليهم السلام ) متخذاً من ذم
الأندلسي لبني أمية دليله على تشيع الأندلسي , و الحقيقة خلاف ذلك فما عرف عن
الامويين من شغف للفحش و المجون جعلتهم موضع إنتقاد لاذع و شديد و أيضاً فإن
الأندلسي له أرجوزة تكشف حقيقة تسننه , فقد ذكر في إحداها الخلفاء الثلاثة ( رضوان
الله تعالى عليهم ) وجعل معاوية رابعهم وهذا خلاف ما أجمعت عليه عامة المسلمين فلم
يقر بخلافة الإمام علي ( عليه السلام ) و أبدله بمعاوية زوراً و بهتانا في مخالفة
صريحة للشرع و الإجماع الإسلامي , وهذا ما أثبته المرجع الصرخي في محاضرته العاشرة
من بحث ( السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد ) و بتاريخ 2/9/2016 كاشفاً عن
حقيقة مذهب الأندلسي و معللاً سبب الشبهة التي سقط فيها أبن كثير قائلاً : ((فأين
أنت يا أبن كثير؟!! فأين عبد ربه الأندلسي يقول ويعلن تسنّنه ويصدح برأيه ومعتقده
السنيّ بالخلافة والخلفاء والصحابة، بل أنّه صرح وأشعر بقصيدة (وقصد قصيدة
وبمنظومة، وأشعر بقصيدة وأرجوزة أعلن فيها تسلسل الخلفاء فذكر الثلاثة؛ ذكر أبا
بكر وعمر وعثمان، عنده شعر، عنده قصيدة، عنده أرجوزة) أعلن فيها تسلسل الخلفاء،
فذكر الثلاثة وجعل معاوية رابعًا. (اعتبر معاوية من الخلفاء الراشدين، اعتبر
معاوية في الترتيب الرابع، قدّم معاوية على علي وعلى كل الصحابة، جعله بعد عثمان))
.
فصدق القول ( أن الكتاب يعرف من عنوانه) لما يلوح في أفقه بل كل ما يصدر عنه من مواقف , لا ما يخرج من لسانه وما ينطوي عليه من أقوال تخلو تماماً من الإثباتات الفعلية الدامغة , وعلى هذا الأساس فلنقرأ التأريخ بتعقل و دراية تامة بعيدة عن القلب و العاطفة .
فصدق القول ( أن الكتاب يعرف من عنوانه) لما يلوح في أفقه بل كل ما يصدر عنه من مواقف , لا ما يخرج من لسانه وما ينطوي عليه من أقوال تخلو تماماً من الإثباتات الفعلية الدامغة , وعلى هذا الأساس فلنقرأ التأريخ بتعقل و دراية تامة بعيدة عن القلب و العاطفة .
بقلم // احمد الخالدي
مواضيع ومقالات مشابهة