في العراق ... لا بديل إلا التدويل
تعتبر الصراعات الحاصلة الآن على ارض العراق,
بين الدول الاستعمارية الكبرى, خصوصا الصراع بين أمريكا وإيران, هذا الصراع الذي جعل
من تنظيم داعش الإرهابي سترا وغطاءا شرعيا له, هو عبارة عن صراع ممنهج والأحداث
التي أنتجها هي أحداث متربة بشكل منظم ومقنن لكنه أخذ مظهر العشواية, وبصورة أخرى أكثر
توضيحا, إن ما يحصل في العراق الآن هو عبارة عن تطبيق ما يسمى "بنظرية الفوضى"
أي خلق أجواء ظاهرها غير مرتب وغير منتظم وتوحي النتائج إلى هذه الأحداث بأنها عشوائية
وليست بفعل فاعل أو وجود جهة خلقت هذه الأجواء التي تعصف بالعراق وشعبه, وهذا ما يبرر
تدخلات تلك الدول وخصوصا إيران التي كانت لها اليد الطولى في إدخال داعش إلى العراق
بغض النظر عما إذا كانت هي المؤسس له أو لا.
فإيران ومن خلال ابنها المدلل رئيس الحكومة
العراقية السابقة جواد نوري المالكي سمحت لتنظيم
الدولة الإرهابي داعش بالدخول إلى العراق واحتلال الموصل وصلاح الدين وديالى, بعد أن
انسحبت القوات العسكرية والأمنية من تلك المحافظات وبأوامر عسكرية عليا بحسب ما أكدته
شهادات الشهود من قيادات أمنية وضباط ومراتب وبالخصوص شهادة قائد الشرطة الاتحادية
في الموصل الفريق الركن مهدي الغراوي الذي أصبح الآن في حكم المجهول بعد تصريحاته التي
أدلى بها لقناة البغدادية الفضائية, فإيران أوعزت بهذا الأمر وذلك من أجل ضمان دخولها
إلى العراق بحجة الدفاع عن المقدسات والمذهب الشيعي, وذلك من أجل فتح جبهة جديدة تساند
بشار الأسد في سوريا ومحاولة لضرب الثوار السوريين من جهة العراق, وساعدها بذلك أيضا
فتوى السيستاني - فتوى الجهاد الكفائي - فكان دخول داعش إلى العراق بصورة عشوائية لكن
في الحقيقة تم الترتيب له بشكل محكم من قبل إيران والمالكي ومرجعية السيستاني, وهنا
تم تطبيق نظرية الفوضى التي توحي بأن الأمور فوضوية من الخارج لكن في الحقيقة هي منظمة
ومرتبة من الداخل تعطي نتائج مضمونة وتحقق أهداف من يطبقها.
وبعد سقوط المحافظات الثلاث -الموصل, صلاح
الدين, ديالى - بيد تنظيم داعش, لم تأتي النتائج التي كانت تطمح لها إيران, ولم تستطيع
أن تصل إلى الحدود السورية, لذلك عمدت لفتح المجال أمام داعش لاحتلال محافظة الانبار
وأيضا بالسيناريو ذاته الذي سلمت به الموصل لداعش وذلك من خلال انسحاب الجيش بصورة
مفاجئة, وكان الهدف أيضا هو محاولة فتح جبهة شمالية مع المملكة العربية السعودية بعد
إن وجهت الأخيرة ضربة موجعة لمليشيات الحوثي الموالية لإيران في اليمن, وأيضا محاولة
إيران احتلال أو استقطاع أراضي من محافظة الانبار وضمها لمحافظات شيعية وهي خطوة نحو
تقسيم العراق, فاحتلت مدينة النخيب بحجة تأمين المحافظات المقدسة - كربلاء والنجف
- من تهديد داعش الذي لم يصل لهذه المنطقة نهائيا!! فخلقت الفوضى لتأتي بنتائج مثمرة
تطمح لها إيران ومن تعاون معها من مليشيات وقيادات سياسية ومرجعيات دينية.
والأمر مستمر على هذا الحال منذ لحظة سقوط
الموصل إلى هذه الساعة واللحظة, أي إن إيران تخلق الفوضى في كل بقعة في العراق من اجل
أن تحصل على نتائج تخدمها وتخدم تواجدها في العراق, وما حصل من عمليات قمع للمتظاهرين
في محافظة البصرة ممن خرجوا للمطالبة بتحسين واقع محافظتهم الخدمي, كانت لإيران اليد
الطولى في عمليات القمع لأنها تريد أن تضرب المكون الشيعي الرافض والمناهض لسياستها
وتواجدها في العراق, من جهة ومن جهة أخرى, خلق بلبلة أمنية في البصرة يتم استهداف السنة
العرب في هذه المحافظة من أجل إجبارهم على ترك المحافظة واللجوء إلى المحافظات السنية
وهذا من أجل تغيير ديموغرافيا العراق بشكل يخدم مخططها الاستعماري التوسعي في العراق
ومنه إلى باقي البلدان العربية الأخرى.
فهذا التغلغل الإيراني الذي اخذ يخلق الفوضى
بكل مكان في العراق, لا يمكن القضاء عليه والتخلص منه إلا بتدخل أممي ودولي يضع حد
للممارسات الإيرانية الفارسية في العراق, لان إيران الآن جعلت من العراق تجربة وإذا
ما حققت هذه التجربة النجاح فأنها سوف تنقلها إلى بقية البلدان عربية وغير عربية كتركيا
مثلا, وهنا تأتي مطالبة المرجع الديني العراقي الصرخي الحسني بتدخل دولي في محلها,
لأنها الطريقة الوحيدة التي فيها الخلاص من هذا الوباء الفارسي.
حيث دعا المرجع الصرخي في بيان "مشروع
خلاص" الأمم المتحدة إلى تبني شؤون العراق
بالكامل ورعاية النازحين وحل الحكومة والبرلمان,وأضاف: إن الشباب التحق بتنظيم داعش
جراء يأسهم وبعد أن ذاقت عائلاتهم الموت على أيدي الميليشيات. كما أكد على أن العراقيين
لن يثقوا بوعود حكومية أو أمريكية في ظل وجود إيران لأنهم جربوا غدرها وغدر ميليشياتها.
وطالب المرجع الصرخي بإصدار قرار صريح وواضح
وشديد اللهجة يطالب إيران بالخروج نهائيا من اللّعبة في العراق حيث إنّ إيران المحتل
والمتدخّل الأكبر والأشرس والأقسى والأجرم والأفحش والأقبح, وفي حال رفضت إيران الانصياع
للقرار فيجب على الأمم المتحدة والدول الداعمة لمشروع الخلاص أن تُجنِّب العراقيين
الصراع فتؤمِّن مناطق آمنة محميّة دولياً يعيش فيها العراقيون تحت حماية ورعاية الأمم
المتحدة، ونترك جبهة قتال مفتوحة ومباشرة بين إيران وداعش يتناطحان ويتقاتلان فيها
ولتكن (مثلاً) محافظة ديالى وليستنزف أحدهما الآخر وننتظر نتائج القتال وفي حينها سيكون
لنا قرار وفعل مع من يبقى منهما، فنحن غير مستعدّين أن نجازف بحياة أبنائنا وأعزائنا
بحثّهم على دخول حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل، بل كل الخسارة والهلاك علينا فلا نرضى
أن نكون حطباً لنيران صراعات قوى محتلّة غاصبة طامعة في خطف العراق واستعباد شعب العراق.
مواضيع ومقالات مشابهة