قانون المعجزات وأطروحة خفاء الشخص بقلم الاستاذ العراقي
قانون المعجزات وأطروحة خفاء الشخص ***
ان سماحة السيد الحسني الصرخي (دام ظله) عندما بين من خلال محاضرته القيمة بان السيد الصدر (قدس) قد تراجع عن النظرية العامة التي كتبت الموسوعة المهدوية طبقاً لها والتي هي قانون المعجزات ، وبين أن عله وسبب التراجع عن هذه النظرية هو أن السيد الصدر(قدس) قد سمع هذه القاعدة أو النظرية من أسلافه لا لقيام دليل عليها حقيقة ، إلا أن هنالك من قال أن السيد الشهيد الصدر لم يتراجع عن هذه النظرية وإنما تراجع عن قاعدة حضور الإمام المهدي للمجالس .
حيث قال المدعو حيدر محمد جبر ما هذا نصه :- [[ ولم يبق أمامنا الآن أمر يصح أن يقال انه من الأسلاف وان السيد الشهيد قد تراجع عنه إلا أطروحة خفاء الشخص وهي قاعدة من الارتكاز المتشرعي ]] .
المصدر// فيديو الحلقة رقم (2) – الدقيقة 8 و49 ثانيه .
أقول :-
نفهم من كلامكم إن الشيء الذي تراجع عنه السيد الصدر (قدس) أو أعاد النظر فيه هي قاعدة من قاعدة الارتكاز المتشرعي وهي اطروحه خفاء الشخص ليس إلا ، وهي التي سمعها السيد الشهيد (قدس) من أسلافه وقال عنها لا دليل عليها حقيقة .
وبصوره أخرى نفهم من كلامكم إن القاعدة العامة التي أعيد النظر فيها هي أطروحة خفاء الشخص .
وعندما نرجع إلى كلام السيد الصدر (قدس) في كتاب شذرات من فلسفه تاريخ الحسين (عليه السلام) نراه (قدس) يقول في ص194ما هذا نصه :-
[[ إلا أنني بعد ذلك حاولت إعادة النظر في هذه القاعدة العامة ، لأنني إنما كنت اعتقد بها لأنني سمعتها من أسلافي ، لا لقيام دليل عليها حقيقة . وهي لها منحى مادي إلى حد ما ، وذلك لان فيه احتراماً لما يسمى بالقانون المادي أو الطبيعي ]] .
ولو وضعنا كلمه اطروحة خفاء الشخص بدلاً من القاعدة العامة فسوف نرى هل يستقيم المعنى أو يوجد محاذير وتهافت في الكلام ، حيث تصبح العبارة مايلي .
[[ إلا أنني بعد ذلك حاولت إعادة النظر في أطروحة خفاء الشخص، لأنني إنما كنت اعتقد بها لأنني سمعتها من أسلافي ، لا لقيام دليل عليها حقيقة . وهي لها منحى مادي إلى حد ما ، وذلك لان فيه احتراماً لما يسمى بالقانون المادي أو الطبيعي ]] .
نقول :-
توجد هنالك عدة إشكالات يصلح كل إشكال بصوره مستقلة أو بانضمام بعضه للبعض الآخر ، في نقض كلام المدعي من ان القاعدة العامة التي تراجع عنها السيد الشهيد هي أطروحة خفاء الشخص .
الاشكال الأول :- قال السيد الشهيد عن القاعدة العامة (اطروحه خفاء الشخص حسب ما تقولون) ، ما هذا نصه :- [ لأنني إنما كنت اعتقد بها ] .
نسألكم هل السيد الشهيد في موسوعة الإمام المهدي (علية السلام ) ، كان يعتقد بأطروحة خفاء الشخص ؟ ، في فهم الأسلوب العام لحياة الإمام المهدي (ع) في غيبته الصغرى ]] .
ونحن نجيبكم ونقول لكم ، إن السيد الصدر (قدس) لا يعتقد بها ... وبما انه (قدس) لا يعتقد بأطروحة خفاء الشخص فكيف يصح أن تقولوا، ان السيد الشهيد أعاد النظر فيها فكيف (قدس) يتراجع أو يعيد النظر في شيء لا يعتقد به ؟ .
وللتأكيد على أن السيد الصدر كان لا يعتقد بأطروحة خفاء الشخص في فهم الاسلوب العام لحياة الامام المهدي (ع) نقول :- هنالك أكثر من موضع في موسوعة الإمام المهدي (عج) - الجزء الثاني - تاريخ الغيبة الكبرى يثبت هذا الأمر :-
أولاً:- قال الشهيد الصدر(قدس) في الفصل الأول – في السر الأساسي لغيبه المهدي (عليه السلام ) ص31 ما هذا نصه :- ونواجه في بادئ الأمر ، في أسلوب احتجابه أطروحتين أساسيتين :
الأطروحة الأولى : - اطروحه خفاء الشخص :
الأطروحة الثانية :- أطروحة خفاء العنوان :
وفي ص 34 يكمل السيد الصدر(قدس) كلامه ويقول :- [ ويمكن الاستدلال على هذه الأطروحة ( أطروحة خفاء العنوان ) انطلاقاً من زاويتين .
ثانياً:- قال الشهيد الصدر (قدس) في نفس المصدر ص36 ما هذا نصه :- [[ فهذه جمله من الأخبار الدالة على صحة الأطروحة الثانية ( أطروحة خفاء العنوان ) ، وبطلان الأولى (أطروحة خفاء الشخص ) إلى أخبار غيرها لا نطيل الحديث بسردها .
ثالثاً:- قال السيد الصدر (قدس) في نفس المصدر ص41 ما هذا نصه :- [[ وعرفنا أيضاً كيف تتبرهن هذه الأطروحة ( أطروحة خفاء العنوان ) في مقابل الأطروحة الأولى ( أطروحة خفاء الشخص)..... كما إن هذه الأطروحة الثانية ، هي التي تنسجم مع التصورات العامة التي اتخذناها في فهم الأسلوب العام لحياة الإمام المهدي (ع) في غيبته الصغرى ]] .
رابعاً :- قال السيد الصدر(قدس) في نفس المصدر ص 48 ، ما هذا نصه :- [[ وهذا السؤال لا نجد له جواباً بناء على صحة الأطروحة الأولى ............ إذن فهذه الأطروحة الأولى باطله ................ وأما بناء على صحة الأطروحة الثانية ، كما هو الصحيح ]] .
وخلال هذه الموارد يتبين لنا ان السيد الشهيد لا يتبنى الأطروحة الأولى (اطروحه خفاء الشخص) بل يعتبرها باطله وغير صحيحة في فهم احتجاب الإمام . وبالتالي أذا كان يعتبرها باطله وغير صحيحة فكيف كان يعتقد بها فهل السيد الصدر كان يعتقد بشيء غير صحيح وباطل ، وبالتالي اذا كانت هي باطله وغير صحيحة ولا يعتقد بها ولا يتبناها فكيف يعيد النظر فيها ؟ .
والنتيجة ان القاعدة العامة التي اعاد النظر فيها السيد الشهيد الصدر (رض) هي ليس اطروحه خفاء الشخص وإنما هي قانون المعجزات .
الأشكال الثاني :- قولكم ان السيد الصدر الشيء الذي سمعه من إسلافه والذي لا دليل عليه حقيقة وقد تراجع عنه هي أطروحة خفاء الشخص وهي قاعدة من الارتكاز المتشرعي .
فنقول :-
أن اطروحه خفاء الشخص توجد أدله عليها لكن السيد الشهيد لا يراها تامة ، فالمسالة ليس هي مسالة سمع من الأسلاف وعدم وجود دليل عليها وإنما توجد أدله عليها وسوف نثبت لكم هذا الأمر من كلام السيد الصدر ( قدس) ، حيث قال السيد الصدر (قدس) في تاريخ الغيبة الكبرى – ص31 ما هذا نصه :-
[[ الأطروحة الأولى: أطروحة خفاء الشخص :............. وتدل عليه ظواهر بعض الأدلة على ما سنسمع ]] .
اخرج الصدوق في اكمال الدين بإسناده عن الريان بن الصلت، قال : سمعته يقول : سئل أبو الحسن الرضا (ع) عن القائم (ع) ، فقال : لا يرى جسمه ولا يسمى باسمه.
واخرج بإسناده عن الصادق جعفر بن محمد (ع) في حديث : قال : الخامس من ولد السابع يغيب عنكم شخصه ولا يحل لكم تسميته .
واخرج أيضاً بإسناده عن عبيد بن زرارة قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : يفقد الناس إمامهم فيشهد الموسم فيراهم ولا يرونه .
وبالتالي فقول السيد الشهيد المقدس (( سمعته من أسلافي ، مما لا دليل عليه حقيقة)) لا ينسجم لو كان المقصود بها أطروحة خفاء الشخص لان أطروحة خفاء الشخص توجد أدله عليها ، لكن لا يتبناه السيد الصدر المقدس .
فنقول :-
القاعدة العامة ليست هي أطروحة خفاء الشخص .
القاعدة العامة التي أعيد النظر فيها ليست هي أطروحة خفاء الشخص .
القاعدة العامة التي سمعها من أسلافه ، والتي ليس قائم عليها دليل حقيقة ليست هي اطروحه خفاء الشخص .
النتيجة :- إن القاعدة العامة التي أعيد النظر فيها هي قانون المعجزات وهي التي سمعها السيد الشهيد الصدر من أسلافه لا لقيام دليل عليها حقيقة .
الأشكال الثالث :- بما أن القاعدة العامة سبب وعله إعادة النظر فيها لان فيها منحى مادي إلى حد ما ، وذلك لان فيه احتراماً لما يسمى بالقانون المادي أو الطبيعي .
وحسب الفرض القاعدة العامة هي أطروحة خفاء الشخص .
أذن :-
اطروحه خفاء الشخص سبب وعلة إعادة النظر فيها لان فيها منحى مادي إلى حد ما ، لان فيها احتراماً لما يسمى بالقانون المادي أو الطبيعي .
وهذا الكلام باطل وغير صحيح لان اصل وقوع أطروحة خفاء الشخص كما معلوم ليس فيه شيء من المنحى المادي وليس فيه احتراماً للقانون المادي أو الطبيعي لان أطروحة خفاء الشخص فيها منحى أعجازي وليس مادي وليس هناك أي احتراماً للقانون المادي أو الطبيعي .
ومما يؤيد كلامنا أعلاه:-
أولاً :- قال السيد الصدر (قدس) في تاريخ الغيبة الكبرى – ص31-32 ما هذا نصه :- [[ الأطروحة الأولى : أطروحة خفاء الشخص :............. وهذا الاختفاء يتم عن طريق الأعجاز الإلهي ]] .
ثانياً :- قال (قدس) في تاريخ الغيبة الكبرى – ص42 ما هذا نصه :- [[ وفرق الأطروحتين الرئيسيتين بالنسبة إلى الأعجاز الإلهي هو : أن الأطروحة الأولى ترى إن هذا الأعجاز هو الأمر الاعتيادي والثابت لكل الناس ، بالنسبة إلى حياة المهدي (ع) حال غيبته الكبرى ]] .
ثالثاً :- قال السيد الصدر (قدس) في محاضره شذرات من فلسفه تاريخ الحسين(ع) المحاضرة 28 في الدقيقة 8 و53 ثانيه ما هذا نصه :- [[ حينئذٍ نأتي إلى فكرتنا وهي أطروحة خفاء الشخص الذي لا يحصل طبعاً إلا بمعجزة لان القانون الطبيعي تقتضي أن تراه أو يقتضي أن تراه أما يختفي وهو موجود فهذا على خلاف القانون الطبيعي ]] .
والنتيجة :-
** أطروحة خفاء الشخص هي أطروحة اعجازيه وهي على خلاف القانون الطبيعي .
** إن اطروحه خفاء الشخص ليس فيها منحى مادي وليس فيها شيء من الاحترام للقانون المادي أو الطبيعي
أذن :- أن أطروحة خفاء الشخص ليس هي القاعدة العامة التي أعيد النظر فيها .
النتيجة النهائية :- إن القاعدة العامة التي أعيد النظر فيها هو قانون المعجزات وليست هي اطروحه خفاء الشخص وهي التي سمعها السيد الشهيد الصدر من أسلافه لا لقيام دليل عليها حقيقة .
والحمد لله رب العامين والعاقبة للمتقين
مواضيع ومقالات مشابهة