موازنة طواريء وعقلية مسترخية
موازنة طواريء وعقلية مسترخية
فاتح عبدالسلام
أثار وزير المالية العراقي هوشيار زيباري قبل أيام قضية مهمة في تسخير موازنة الدولة كيفما اتفق في الانفاق في اطار الحملة على تنظيم داعش، وبررها بأنها ترهق موازنة الدولة، التي تعاني من العجز الكبير المكتوم عن الناس والاعلام.
هناك من ذهب الى أن زيباري أراد أن يحمي نفسه مبكراً عندما صدمته حقائق الخزينة العراقية الخاوية. ولا يستبعد المرء أن الفساد الذي قدرته المنظمات الدولية للشفافية بمليارات الدولارات ترك العراق مالياً في مهب الريح ،تسنده دول لها مصالح سياسية في العراق الان، ولكن ما الحال فيما لو تبدلت المصالح واتجاهاتها يوما، أين سيكون حال العراق؟ وهل يمكن تحميل مسؤول أي مسؤول مسؤولية الخراب؟ الجواب يأتي واضحاً من تجربة أكثر من عقد من الزمن صريحاً في أن مَن يحكم العراق هو وحاشيته فوق القانون الموجود على الأوراق وفي الملفات المسخرة سياسيا لتصفية الخصوم فقط..
موازنة العراق منذ اكثر من عقد هي موازنة طواريء ، تمضي تحت سقف خفيض من الشفافية ولاتظهر ملامح الموازنة المليارية اكثر من مائة وعشرة مليارات سنوياً على مجالات الحياة في العراق وكشفت أزمة النازحين الأخيرة أن العراق فعلا كان غارقاً في ترهات سياسيين متخلفين جاءت بهم الصدف الأمريكية الى الحكم ولم يستوعبوا الصدمة. لا توجد عمليات تخطيطية لإدارة وضع الطواريء في العراق بالرغم من تسخير الموازنة المليارية لخدمة طوارئهم. لا يمكن ان نكون في طواريء في صرف الأموال من دون حساب كما في كل مرة حيث سلسلة الازمات المتصلة التي تطبع صورة الحياة العراقية من دون أن تكون العقول قد تحفزت وخططت لعقد مقبل من الأزمات التي عليهم أن يتوقعوا حدوثها فهم لا يزالون يدورون في مقولات سياسية وطائفية مستهلكة وبائسة ولا يمكن أن يسترخوا في وسط ذلك اللهيب العاصف محتمين بأجواء النميمة في المنطقة الخضراء والامريكان والايرانيون يدافعون عن مقاعدهم. وبالرغم من ان الازمة السورية كانت جرس انذار مبكر قبل ما يزيد على ثلاث سنوات لكن لم يستعد العراق الذي شارك في الحرب بسوريا فعلياً عبر المليشيات التي لم ينقطع سيلها حتى رد تنظيم داعش الكرة الملتهبة الى العراق فتقاذفوا وراءها يجرون وتركوا سوريا.
الحكومة العراقية الآن تستطيع أن تمضي تحت نفس الأعذار لأنها وريثة دمار شامل كما انها مهيئة للعب الدور السابق نفسه بحكم وجود اقطاب مخضرمين داخلها. لكن من يرتكب الخطأ هذه المرة سيدفع ثمنه فوراً وليس بعد ثماني سنواتكما في المرة السابقة، وأقصد التشكيلات السياسية الحاكمة وليس الشعب الذي يدفع أثماناً باهضة أغلبها مؤجل دفعه منذ ألف وأربعمائة سنة.
مواضيع ومقالات مشابهة